سقوط القرارين 425 و1701

يكره الإسرائيليون القرارات الدولية حتى الموت، وهم منذ قيام كيانهم لم ينفذوا قراراً أممياً واحداً، وذلك لسببين، الأول أن الكيان قائم على انتهاك القانون الدولي، وأن السير بقبول القرارات الأمميّة سوف يوصلهم في يوم من الأيام إلى مواجهة دعوات لتطبيق القرار 181 الذي يقضي بقيام دولة فلسطينيّة على نصف الأراضي المحتلة عام 1948 وكل الأراضي المحتلة عام 1967، والقرار 194 الذي يقضي بحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين لأرضهم وأرزاقهم وبيوتهم، وقبول القرارين كان شرط عضوية الكيان في الأمم المتحدة.
السبب الثاني لرفض القرارات الدولية قناعة قادة الكيان أن التفاوض من وراء ظهر القانون الدولي والقرارات الدولية يتيح للكيان استخدام واستحضار عناصر قوة خفيّة سياسيّة وأمنيّة وماليّة تشاركه فيها واشنطن مقدراتها في الضغوط التفاوضيّة للحصول على مكاسب لا يمكن الحصول عليها تحت سقف القانون الدولي والقرارات الدولية.
في كل جبهات القتال والتفاوض سعت “إسرائيل” لوضع القرارات الدولية جانباً، ففاوضت مصر من خارج القرارين 242 و338، حيث الانسحاب واجب من الأراضي المحتلة عام 1967 فاحتفظت باحتلال غزة بموافقة مصريّة، وكذلك مع الأردن فعلت في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وحصرت البحث في الحدود الدوليّة لمصر والأردن بخلاف القرار، وحاولت ذلك مع سورية وعندما فشلت أفشلت التفاوض، بينما مع لبنان حيث ينص القرار 425 على الانسحاب إلى ما وراء الحدود المعترف بها دولياً لم تنفذ القرار وفرضت التفاوض حول اتفاق من خارج نص القرار، وهو ما اعتبره كل الذين نظروا إلى مفاوضات اتفاق 17 أيار من زاوية القانون الدولي وفي طليعتهم الراحل الكبير الدكتور محمد المجذوب خطأ تاريخياً للدولة اللبنانية، لأنها قبلت وضع حق بائن موضع تفاوض.
القرار 1701 يشبه القرارين 242 و338 لجهة الدعوة للانسحاب إلى خط وهميّ غير الحدود الدولية، فيدعو منعاً لبقاء الاحتلال إلى الفصل بين الأراضي التي احتلها جيش الكيان خلال حرب تموز وهي داخل الخط الأزرق ويقول بالانسحاب الفوري منها لأنه سبق وحسم أمرها عام 2000 ولا تفاوض على ما سبق وتمّ التفاوض عليه وحسم أمره، والأراضي المتنازع عليها منذ العام 2000، لكنه لا يدعو للتفاوض عليها، لأنها خاضعة للقرار 425 حيث الانسحاب إلى ما وراء الحدود الدولية واجب والحدود بائنة، بل يدعو الأمين العام للأمم المتحدة لتقديم مقترح لحل النزاعات حولها، ولذلك يجب القول بوضوح إن قبول لبنان بدمج مصير الأراضي المحتلة ضمن الخط الأزرق وخارجه، إسقاط للقرار 1701 ثم القبول بإخضاع الملفين للتفاوض، يعني عملياً إسقاط القرار 425.