أولى

الجيش اللبناني شمالاً… ومتى جنوباً؟

 

– كشف الإعلان عن وقف إطلاق النار في جبهة الحدود الشمالية الشرقية للبنان بين الجيشين اللبناني والسوري، أهمية قيام الدولة اللبنانية بتحمل المسؤولية عن مواجهة أي اعتداءات عبر الحدود. وقد ثبت أن قيام الجيش اللبناني بحماية الحدود الشمالية الشرقية قطع الطريق على محاولة فتح جبهة جانبية بين فصائل سورية مسلحة من جهة وحزب الله من جهة مقابلة، وهي جبهة استنزاف يصعب أقفالها لو رضي حزب الله الانخراط فيها، وأحجم الجيش اللبناني عن تحمّل مسؤوليتها.
– الواضح أن حزب الله اتخذ قراراً استراتيجياً أكبر من مجرد الانكفاء من جنوب الليطاني، حيث يبدو الحزب وهو يُعيد ترميم قوته وترتيب أوضاعه التنظيمية، يعيد ترتيب أوراقه السياسية أيضاً، وهو عندما يخاطب الدولة داعياً لتحمل مسؤولية حماية مواطنيها جنوباً، وفقاً لما يفترض أنه معنى القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، حيث تسلم مسؤولية الجنوب من المقاومة، يعني أكثر من مجرد استخدام الدبلوماسية للضغط على الاحتلال لوقف العدوان والالتزام بالانسحاب الشامل من الأراضي اللبنانية، طالما أن حق الدفاع عن النفس المنصوص في الاتفاق على أنه مصون للطرفين، وطالما أن الاحتلال يستخدمه ذريعة للعدوان والاحتلال بداعي تهديدات مفترضة، فإن للبنان الحق في الاستخدام المشروع للدفاع عن النفس أمام اعتداءات موصوفة لا ينكرها أعضاء لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار واحتلال مقيم يمثل انتهاكاً صارخاً للاتفاق والقرار 1701.
– يمكن فهم سلوك حزب الله بأنه أبعد من مجرد إلقاء الحجة بالقول لقد نفذنا موجباتنا، لكن الاحتلال لم ينفذ وهو موغل في العدوان وماضٍ في الاحتلال، وثبت أن الرهان الدبلوماسي لم يؤت ثماره، فالأميركي الذي يتماهى مع الإسرائيلي بدأ ينصح بوقاحة بدخول مفاوضات سياسية مع الاحتلال، ودمج مصير الأراضي المحتلة داخل الخط الأزرق التي سبق للاحتلال أن غادرها عام 2000 بتلك التي تسمّى بـ المتنازع عليها، وهي أراض لبنانية لكن الاحتلال رفض منذ التحرير مغادرتها، وقد أشار إليها القرار 1701 كمرحلة لاحقة لفرض الانسحاب من الأراضي التي سلّم الاحتلال بواجب الانسحاب منها عام 2000. وحزب الله الذي يقول كل ذلك لا يبني عليه ما كان يتوقعه الكثيرون، بحيث يقول إنه عائد إلى المقاومة ومواجهة الاحتلال وصد الاعتداء.
– ثمة ما يقول إن حزب الله أراد لهذا الانكفاء الذي فرضته سياقات الحرب وتحوّلاتها، للاستثمار على إمكانية صياغة شكل جديد للاستراتيجية الدفاعية، يتحمل فيها الجيش مهمة رئيسية وتكون المقاومة فيها سنداً للجيش، وهو يعتقد أن وجود الدولة في الصف الأماميّ يمنح المواجهة فرصاً استثنائية للفوز بها، وربما يكون بعد ما جرى في الشمال الشرقي ثمة مَن يقتنع في الدولة أكثر فأكثر بأن خيار المواجهة جنوباً لا بدّ منه.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى