اليمن وأميركا و«اسرائيل»

في 15 آذار، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء عملية عسكرية جديدة ضد الحوثيين، مشيراً إلى هجمات تمّ شنها على سفن تجارية. وتشارك في العملية مجموعة حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان، المتمركزة في البحر الأحمر، والتي تنفذ ضربات يوميّة على الأراضي التي تسيطر عليها حركة “أنصار الله” في اليمن. وقالت وزارة الصحة في الحكومة التي يقودها الحوثيون إن 53 شخصاً قتلوا في ضربات أميركية في اليوم الأول من العملية، وأصيب 98 آخرون. ووفق ما صرّح به ممثل وزارة الصحة في حكومة صنعاء أنيس الأصبحي، “بلغ عدد ضحايا العدوان على اليمن منذ بدء عملية دعم غزة 189 قتيلاً، بينهم 53 طفلاً و17 امرأة على الأقل”.
خلال أسبوعين من العدوان الأميركي المكثف حيث شنت مئات الغارات الجوية على مئات المناطق اليمنية، حافظ اليمن بجيشه وأنصاره على وتيرة ثابتة في استهداف القطع الحربية الأميركية، وقد اعترف الأميركيون ببعضها وأنكروا بعضاً آخر، كما حافظوا على وتيرة متصاعدة لاستهداف عمق كيان الاحتلال الذي كانت الحرب الأميركية لتوفير الحماية له عبر إشغال اليمنيين بالمواجهة مع الأساطيل الأميركية.
يخطئ مَن يقيس قيمة ما يفعله اليمن بالنجاح بإيصال صواريخه إلى تل أبيب يومياً بعدد الصواريخ وحجم الإصابات التي تخلفها، لأن النجاح بإقفال مطار بن غوريون يومياً لساعات وحده كافٍ لشطب المطار ومن خلاله الكيان عن جداول عمل شركات الطيران العالمية التي عاودت تنظيم رحلاتها إلى مطار بن غوريون بعد وقف إطلاق النار مع غزة، بعدما كانت صواريخ اليمن قبل ذلك سبب إيقاف رحلاتها، ويكفي أيضاً أن هذه الصواريخ تتسبّب بنزول مئات آلاف المستوطنين إلى الملاجئ، وتسبب لهم الذعر والرعب وتظهر هشاشة الأمن الذي تتباهى قيادة الكيان بقدرتها على تأمينه وتفشل.
يصيب اليمن مقتلاً من كل خطة الحرب الإسرائيلية المتجددة على قطاع غزة، وقد قامت الخطة على الرهان على نجاح القوات الأميركية بتحييد الفعل اليمني عن الداخل الإسرائيلي ليتسنى لجيش الاحتلال الحصول على وقت مفتوح لتركيع غزة وتدميرها تحت النيران، بينما ينجح اليمن بصواريخه بإعادة القيمة لعامل الوقت الضاغط لإنهاء الحرب كواحد من عناصر صناعة قرار الحرب واستمرارها وتوقفها، وعندما ينجح التفاوض بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار سوف يكون اليمن كما في المرة السابقة شريكاً أساسياً في تقوية موقع المقاومة التفاوضي.