عن نتائج الانتخابات الإيرانية
حميدي العبدالله
الكثيرون من المتابعين للشأن الإيراني يتحدّثون عن نتائج الانتخابات في ضوء التقدّم والمكانة التي حققها معسكر الإصلاحيين والمعتدلين، وكأنّ ثمة من يشير إلى انقلاب نوعي قي موازين القوى من شأنه التأثير على سياسة إيران الخارجية، ولا سيما في سورية والعراق واليمن ولبنان.
لكن هل استنتاجات هؤلاء صحيحة، وهل عكست الانتخابات انقلاباً في موازين القوى؟
أولاً، بالنسبة إلى انتخابات مجلس الخبراء، فمن الواضح أنّ حصول الشيخ علي رفسنجاني والشيخ حسن روحاني على أعلى الأصوات لا يشكل دليلاً على تقدّم الإصلاحيين على المبدئيّين، الذين يسمّون بالمحافظين، والمتشدّدين في الإعلام الغربي والعربي، لأنّ هاتين الشخصيتين مدعومتين من المرشد وثمة إجماع إيراني حولهما، وقد حصلا على أصوات الإصلاحيين.
ثانياً، ربّ قائل إنّ نتائج انتخابات مجلس الخبراء التي كانت لمصلحة المبدئيّين، جاءت نتيجة لاستبعاد الكثير من المرشحين الإصلاحيين وعلى رأسهم حفيد الإمام الخميني، وبالتالي فإنّ نتائج انتخابات مجلس الخبراء لا تعبّر عن الاتجاهات الحقيقية للناخبين الإيرانيين.
ثالثاً، نسبة المشاركة في الانتخابات التي تجاوزت 60 وتوزع أصوات الناخبين في مجلس الشورى البرلمان هي التي تعبّر عن توازن القوى الفعلي في إيران، وقد عكست النتائج التي أعلنت، أنه على الرغم من سيطرة الإصلاحيين على جميع مقاعد طهران، إلا أنّ توزع الأصوات على امتداد إيران، لا يشير إلى حدوث انقلاب في موازين القوى في إيران لمصلحة الإصلاحيين، إذ ما زال الإصلاحيون يمثلون أقلية في البرلمان ولم يسيطروا على غالبية مواقعه، فتوزع الأصوات يشير إلى أنّ المبدئيين حصلوا على 36 من جميع أصوات الناخبين، والإصلاحيين حصلوا على أكثر من 30 بقليل في حين أنّ المستقلين، بعضهم إصلاحي والبعض الآخر أقرب إلى المبدئيين، حصلوا على بقية الأصوات.
عدم سيطرة الإصلاحيين على غالبية مقاعد البرلمان، إضافة إلى استمرار هيمنة المبدئيين على مجلس الخبراء، يؤكد أنّ نتائج الانتخابات الإيرانية لم تقد إلى انقلاب في موازين القوى بما يساعد على مراجعة السياسات الإيرانية المعتمدة الآن، لا سيما أنّ المؤسسات الأخرى التي تدعم هذه السياسة، مثل الحرس الثوري، وقوات التعبئة الشعبية، إضافة إلى مكانة المرشد الإمام علي الخامنئي في إيران ولدى جميع الأطراف في إيران، بما في ذلك المعتدلين حلفاء الإصلاحيين، حيث أعلن روحاني أكثر من مرة التزامه بالسياسات التي يرسمها المرشد، تؤكد أنّ السياسة الخارجية الإيرانية لن يطرأ عليها أيّ تغيير، على الأقلّ في السنوات الأربع المقبلة، وهي فترة ولاية مجلس الشورى المنتخب.