وساطة روسية في الحسكة.. وتركيا تحشد للسيطرة على جرابلس
أكَّدت مصادر إعلامية، أمس، بأنَّ أنقرة بدأت تحشد وحدات من «الجيش الحر» على خط الحدود مع جرابلس شمال سورية، وذلك لمنع «قوات سورية الديمقراطية» من الوصول إلى هذا الممر الحيوي، والاستيلاء عليه، وتالياً لمنع الكرد من الوصول إلى عفرين، وربط المناطق التي يسيطرون عليها المعلومات.
وأضافت المعلومات أنَّ الحشود، التي تنتمي بأغلبها إلى تنظيم «فيلق الشام» تتركز على خط الحدود غرباً حتى بلدة الراعي، مشيرةً أنَّ خمسين عربة تابعة لفصائل من «الحر» تنتظر في قرقميش للدخول إلى جرابلس. وأضافت أنَّ عشرات العربات العسكرية عبرت من تركيا إلى سورية ومهدت لها كاسحة ألغام تركية الطريق.
من جهة أخرى اتهمت مصادر كردية تركيا بالعمل على استبدال مرتزقة «داعش» بغيرهم، وأفادت بأنَّ مجموعات مسلحة من «جيش الفتح» الذي يضم «النصرة» و»أحرار الشام» تنتقل منذ 10 أيام إلى بلدة الراعي، في مسرحية مدبرة ادعت إثرها السيطرة على بلدة الراعي في 18 آب، لكن عناصر «داعش» عادوا إلى البلدة في صباح اليوم التالي.
ووفق وكالة «هاوار» الكردية، قائد المجموعة المسماة بـ «فرقة الحمزة» التابعة لـ»جيش الفتح» والمدعو تركمان سيد علي نقل الأسلحة التي حصل عليها كدعم من أميركا وأوروبا إلى بلدة الراعي وسلمها لمرتزقة «داعش» ثم انسحب من البلدة.
وحسب المصادر الكردية اجتمعت هذه المجموعات تحت رعاية تركيا في بلدة قرقميش التابعة لمدينة عنتاب بهدف تنفيذ خطة جرابلس التي تتضمن استلامها من مرتزقة «داعش».
وفي شأن متصل، حذر قائد القوات الأميركية في العراق وسورية ستيفين تاونسيند موسكو ودمشق، من أنَّ الجيش الأميركي لن يتوانى عن حماية قواته الخاصة في سورية إذا ما تعرضت مواقعها للقصف الجوي أو المدفعي.
وفي تعليق بهذا الصدد قال «لقد أبلغنا العسكريين الروس بمواقع تمركزنا، وهم بدورهم أكدوا لنا أنهم أخطروا السوريين بذلك. وبودّي التأكيد أننا سندافع عن نفسنا إذا ما شعرنا بالخطر».
من جهته، قال جيف ديفيس الناطق الرسمي باسم «البنتاغون»، كشف عشيَّة تصريح تاونسيند عن أنَّ الوزارة قد حذرت القوات الحكومية السورية، من تنفيذ العمليات العسكرية على مقربة من القوات الأميركية وحليفتها، على خلفية حادث الحسكة.
وسبق للطيران الحربي السوري مؤخراً، أن هاجم مواقع فصائل كردية مسلحة في مدينة الحسكة شمال شرق البلاد، وذلك للمرة الأولى منذ خمس سنوات.
الناطق الرسمي باسم البنتاغون، وعلى صعيد التطورات في الحسكة، ذكر أنَّ التحالف الدولي الذي تقوده بلاده ضد «داعش»، قد أرسل طائراته إلى الحسكة لحماية القوات الخاصة التابعة له هناك، وذلك بعد أن صارت قواته في مرمى نيران الطائرات الحربية السورية في المنطقة.
في غضون ذلك، واصلت الطائرات الحربية السورية، التحليق في سماء الحسكة في شمال شرق سورية، دون شنَّها لأي غارات، برغم تحذيرات واشنطن لدمشق بعدم شن أي غارات جديدة ضد حلفائها الأكراد، من شأنها أن تهدد سلامة مستشاريها العسكريين.
هذا وقال مصدر حكومي سوري رفيع المستوى إنَّ «عسكريين روس حضروا إلى مدينة القامشلي ويجرون حالياً اجتماعات منفصلة بين الطرفين بهدف التوصل إلى تهدئة».
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان إنَّ قاعدة همدان الجوية سوف تبقى مفتوحة أمام القاذفات الروسية حتى تقتضي الضرورة، مؤكداً على وجود تعاون بين موسكو وطهران في محاربة الإرهاب في سورية.
وفي هذا السياق، قالت «الرأي العام» الكويتية، أنَّ الرسالة التي أرادها الروس والإيرانيون قد وصلت إلى من يهمهم الأمر. فالرسالة موجهة أولاً، للأميركيين والغرب، بأنَّ سورية ونظامها الحاكم «خط أحمر» غير مقبول المساس به. فبعد هذه السنوات الطويلة والمحاولات الديبلوماسية لتنحية بشار الأسد، هذا التطور الجديد في مسار التحالف الروسي – السوري – الإيراني، يحكي بأنه رافض تماماً لتنحية بشار عن سدة الحكم. فالتصريحات المتكررة بأن لا مكان للأسد في مستقبل سورية، لا معنى لها في عُرف التكتل الروسي، والمطروح أنَّ الشعب السوري هو الوحيد المسموح له بأن يتحدث عن ذلك، وليس الأجنبي والخارجي.
كما أنها رسالة واضحة لمن حاولوا طوال سنوات تحديد أجندة جدول أعمال المنطقة. وهي بالمناسبة ليست خطأ بقدر ما هي غير عقلانية وخارج منطق الأمر الواقع. فبعدما ظلوا «مكانك راوح» بالنسبة للقضية الفلسطينية، ضيّعوا ما تبقى من رصيد القوة بالتورط بمشاكل متعددة في سورية والعراق ولبنان، فأقحموا أنفسهم في أزمات كبيرة.
لذلك نجد أنَّ الضربات الروسية المنطلقة من القواعد الإيرانية، رسالة فحواها بأنَّ أجندة أعمال المنطقة، إن لم تكن بيد دولة كبرى كإيران، فعلى الأقل لا يمكن تقريرها بمعزل عنها. ولهذا تجد أنَّ الحديث عن توزيع الحصص وتقديم «كيكة» للروس مقابل الابتعاد عن نظام بشّار، كلام لا يمكن أن يؤخذ على محمل الجد بالنظر لفعالية التحالف المقابل وموقف «اللا حيلة» لدى الغير.