الرقة: هل ثمة عملية فعلاً؟
حميدي العبدالله
أعلنت ما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية» بدء عملية تحرير الرقة. وقد أيّد أكثر من مسؤول أميركي هذا الإعلان، ولكن المسؤولين الأميركيين عمدوا إلى التقليل من أهمية ما يجري، ولم يتحدّثوا عن عملية تحرير الرقة، بل تحدّثوا عن حصار هذه المدينة. ولكن هل فعلاً هناك عملية عسكرية جدية باتجاه الرقة، بمعزل عن نجاحها أو فشلها؟ أم أنّ العملية هي مجرد إعلان وسعي للسيطرة على مزيد من المواقع التي تقع في ريف الرقة الشمالي والتي لا يتواجد فيها داعش بقوة؟
من الواضح حتى الآن أنه لم تكن هناك معارك كبيرة، إنما مناوشات على جبهة عين عيسى، ومعروف أنّ هذه الجبهة ومحاورها المختلفة تشهد اشتباكات بين فترة وأخرى بين داعش وقوات سورية الديمقراطية، بعد أن تحوّلت المنطقة إلى خط تماس بين التشكيلين المسلحين. طبيعة المواجهات لا توحي بوجود معركة جدية، تشكل تمهيداً للزحف العسكري نحو الرقة، على الرغم من إعلان «قوات سورية الديمقراطية» بأنها حرّرت بلدة وعدداً من المزارع بالقرب من خط التماس في عين عيسى. واضح أنّ المشاكل التي تعيق انطلاق عملية جدية ضدّ داعش لا تزال قائمة، من أهمّ وأبرز هذه المشاكل الخلاف القائم بين حليفي الولايات المتحدة ، تركيا وأكراد سورية. ومن الواضح أنه من دون مشاركة أحد هذين الحليفين، فإنّ الولايات المتحدة لا تمتلك القوة القادرة على التقدّم باتجاه الرقة، لا سيما أنّ الرقة تعتبر المعقل الرئيسي الأخير لتنظيم داعش، وقد يستشرس بالدفاع عنها لأنها تأوي أسر كبار قادتها.
كما أنّ من بين العوائق تردّد الولايات المتحدة في إطلاق معركة جدية ضدّ داعش في الرقة في هذا التوقيت بالذات، لأنّ معركة كبرى في الرقة سوف تدفع داعش إلى سحب مقاتليه من جبهات دير الزور وريف تدمر الشرقي والريف الشرقي لمحافظة حلب. وفي جميع هذه الجبهات فإنّ المستفيد الأساسي هو الجيش السوري، الذي قد يقوم بتنفيذ هجمات تقود إلى فك الحصار عن دير الزور والسيطرة على الطرق المؤدية إلى الحدود العراقية، والالتقاء مع قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي، وتطهير الريف الشرقي من حمص وحماة وحلب من وجود داعش، الأمر الذي يقود إلى تفرّغ عدد كبير من قوات الجيش السوري للتوجه إلى مناطق أخرى في سورية، ومن شأن ذلك أن يغيّر معطيات الوضع الميداني بشكل جذري في غير مصلحة المسلحين الذين تدعمهم الولايات المتحدة.
لكل هذه الأسباب فإنّ معركة الرقة معركة غير جدية.