يا قمة خجل من اسمها العرب… يا أمة لم تستر عارها الكلمات والخطب
اياد موصللي
القمة العربية انعقدت القمة العربية انتهت، بيان صدر… قرارات أعلنت.. بعد ما يقارب من سبعين عاماً وعشرات المؤتمرات التي نافست سوق عكاظ من الخطباء والوعاظ نعود الى كلمة نزار قباني وهو يقول:
«يا من يصلي الفجر في حقل الألغام، لا تتنتظر من عرب اليوم سوى الكلام، لا تنتظر منهم سوى رسائل الغرام… سميتك الجنوب»، يا شجر الورد الذي يحترف الغناء، يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء، يا جسداً يطلع من ترابه قمح وأنبياء، اسمح لنا بأن نبوس السيف بين يديك.
يا أيها السيف الذي يلمع بين التبغ والقصب، يا ايها المهر الذي يصهل في بريه الغضب، اياك أن تقرأ حرفا من كتابات العرب، فحربهم إشاعة، وسيفهم خشب، وعشقهم خيانة، ووعدهم كذب.
اياك ان تسمع حرفاً من خطابات العرب، فكلها فجور وقلة أدب، وكلها أضغاث أحلام ووصلات طرب، لا تستغيث بمأرب أو وائل أو تغلب، فليس في معاجم الأقوام قوم اسمهم عرب!
أجمل ما أورده هذا البيان هذه العبارة: «وأكد قادة الدول العربية وقوفهم مع الشعب الفلسطيني ودعمهم لجهود تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية في ظلّ الشرعية الوطنية الفلسطينية…»!
وأنّ السلام الشامل والدائم خيار عربي استراتيجي تجسّده مبادرة السلام التي تبنّتها جميع الدول العربية في قمة بيروت في العام 2002، وطالبـوا بتنفيـذ قـرارات مجلس الأمـن المتعلقـة بمدينـة القـدس المحتلـة بما فيها القرارات التي تطالب دول العالم عدم نقل سفاراتها إلى المدينة المقدسة وأكد إعلان عمّان ، الذي تلاه الأمين العام لجامعة الدول العربيـة، أحمد أبو الغيط، في ختام أعمال القمة، أنّ هذه المبادرة ما تزال تشكـل الخطـة الأكثـر شموليـة وقدرة على تحقيق مصالحة تاريخية تقوم على انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي الفلسطينيـة والسوريـة واللبنانية المحتلة إلى خطوط الرابع من يونيو عام 1967، مشيـراً إلى أنّ البلـدان العربية شدّدت على التزامها بالمبادرة وتمسكها بجميع بنـودهـا باعتبارهـا خيـر سبيـل لتحقيـق السـلام الدائـم والشـامل.
توقفت أمام هذا الكلام المدبلج المنمّق، والذي يستحق كاتبوه جائزة أفضل متلاعب بالألفاظ والاقوال.. كلام لا يسمن ولا يغني من جوع.. توقعت ان يصدر عن هذه الجامعة قرار يقضي بتجميع كلّ القوى التي تقاتل وتتقاتل وتهدم وتدمّر، وان يوقظوا فيها روح الإيمان بالانتماء للأرض والشعب، وبعد ذلك يعلنون وقفة عز وإرادة أمة أبت ان يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة. وبدلاً من تأكيد خيار الحرب اذا لم تذعن «إسرائيل»، كان الكلام عن تحقيق المصالحة التاريخية التي تقوم على طلب انسحاب «إسرائيل»، مصالحة لم يذكر البيان ما هو الردّ اذا لم تتمّ المصالحة وتستجب لها «إسرائيل»؟!
لو انّ هذا الذي يجري على الأرض العربية جرى جزء منه لـ«إسرائيل» هل كانت بقيت واستمرت كما هي اليوم.. منذ سنوات ودماء أبناء هذه الأمة وهذا العالم العربي تسفح وبناها تدمّر والفتن توقظ، فيما «إسرائيل» تبني المستعمرات وتوسّع ما كان قائماً وتتمدّد عبر الحلفاء والعملاء.. كلّ هذا يجري بعلم وتواطؤ ومباركة من الأعراب الذين لا دين لهم ندعوهم للعودة اليه ولا انتماء قومياً ندعوهم للمحافظة عليه…
انّ التركيز على إنشاء مجموعات الخوارج ما هو إلا تكرار لمقولة دود الخلّ منه وفيه.. والتاريخ يكرّر نفسه ولن يغيّر نتائجه الا صمود وثبات المؤمنين من أبناء الامة، وانتصار هذه الفئة ليس مستحيلاً وقد جاء في القول الكريم: «وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله».
ويقول انطون سعاده: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
ان الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن ان يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين أعظم من بلائنا باليهود الأجانب».
بعد كلّ المآسي والنكبات التي حلت بأمتنا والتآمر مع العدو.. والتفاوض معه دون خجل وإجراء المناورات الحربية العسكرية للقوات الجوية بعد كلّ قمة يعقدها قادة الدول العربية ويصدر عنهم بيان أبرز ما ورد فيه:
«انّ السلام الشامل والدائم خيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت عام 2002…»
وأكد قادة الدول العربية رفضهم كلّ الخطوات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف تغيير الحقائق على الأرض وتقوّض حلّ الدولتين، ومطالبتهم المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 عام 2016 ، والتي تدين الاستيطان ومصادرة الأراضي، مبرزين أيضا دعمهم لمقرّرات مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط 15 كانون الثاني/ يناير 2017 ، والذي جدّد التزام المجتمع الدولي بحلّ الدولتين سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام الدائم.
وشدّد إعلان عمّان على رفض الدول العربية جميع الخطوات والإجراءات التي تتخذها «إسرائيل» لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وطالب بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمدينة ، وخصوصاً القرار 252 عام 1968 والقرات 267 و465 عام 1980 و478 لعام 1980، والتي تعتبر باطلة كلّ إجراءات «إسرائيل» المستهدفة تغيير معالم القدس الشرقية وهويتها، وتطالب دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لـ«إسرائيل». توسل كنا نتمنّى هز عصا العزّ ولو لم ولن نضرب بها.
وشدّدت الدول العربية على ضرورة تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الذي صدر في الدورة 200 بتاريخ 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، وطالبت بوقف الانتهاكات الإسرائيلية ضدّ المسجد الأقصى/ الحرم الشريف. وها هو المسجد الأقصى أصبح قاب قوسين او أدنى من الزوال.
وأكد قادة الدول العربية وقوفهم مع الشعب الفلسطيني، ودعمهم لجهود تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية في ظلّ الشرعية الوطنية الفلسطينية، برئاسة الرئيس محمود عباس.
جميع ما ورد في هذه القمة لم يمتدّ نحو «إسرائيل» ولم يتحدث عن تصرفاتها واعتداءاتها وما يمكن ان يحدث من ردات فعل… حتى ولو بهزة اصبع..
تهديد حتى في الكلام لم يصدر وخرج كلّ من شارك في المؤتمر بمسح ما تناقط على الرأس والذقن من بصاق أبناء الأمة وهو يقول: «الدنيا عم تشتي».
ونعود فنقول: «يا أمة ضحكت من جهلها وغبائها الأمم…»