مشوار بين الزمان والمكان والمعنى
منذ نعومة أظافرنا، تعوّدنا على المعاملة الجيدة من محيطنا، المعزّزة بالمكافأة كلّما نجحنا، والعقاب والتأنيب ونظرة الإزدراء إن فشلنا.
فبتنا نشعر بأننا لن نكسب ودّ ومحبّة محيطنا إن لم نحقّق شيئاً يقابل هذا الودّ، أو قد نخسر حتى اهتمامهم إن لم نستمرّ بتقديم أفضل ما لدينا كي نستحق منهم ما نريد بل ما يجب أحياناً أن نستحق.
وهكذا إلى أن تكثّفت لدينا القناعات المتولدة الواحدة تلو الأخرى بأن حبّ الغير لنا هو حبّ مشروط رغم أن الأصل في المحبة العكس.
ولكن، وفي بعض لحظات الضعف قد نتساءل: هل حقاً نحن لا نستحق الودّ والحبّ إلا إن أصبحنا أفضل من في الدنيا؟
خلال جولتي في معرض دمشق الدولي، كان لي شرف مرافقة سيد الكلمة الحرة، الناصرة لسورية، المُعلّمة العالم ماذا تعني المحبة الصادقة غير المشروطة، المحبة الحقيقية.
في مدرسة القدير ناصر قنديل تتعلّم حقيقة الهيبة التي يصغر أمامها الكثيرون. في مدرسة ناصر قنديل تتعلّم قوة الصدق، كيف تزلزل كهوف الكذب، وكل ما يحيطك من خداع وزيف. تتعلم ماذا يعني الوفاء، ما هو الإخلاص، ما معنى الشرف، ما قيمة التراب، ما هو الوطن، وكيف تكون الوطنية.
قمة المشاعر العالية تتسرّب إلى داخلك دونما مجهود من حبّه لسورية، لتتساءل:
أيّ سلام تمنحك إياه تلك القامة الشامخة بتواضع، والمتواضعة بشموخ قاسيون كلما شاهدت ما بادله الناس في هذه الزيارة من القبلات الحارة والسلام بحرارة، وتلك العجوز التي أوقفته وقبّلته وأخفضت صوتها ودمعتها الحاضرة ملء عينها لتقول: «أريد أن أتصوّر معك قبل أن أموت، فهلّا تلبٍ أمنيتي الوحيدة؟!» لن تغيب عن عيني تلك العكازة التي رماها ذاك الشاب الجريح محاولاً أمام قامة القنديل الوقوف.
أمام كلمات نطقتها مشاركته لفرحة السورين بالنصر اليقين مذ وطأت قدماه أرض معرض دمشق الدولي أمس، كل الكلام يعجز. فالمجد والعز والكبرياء والإباء والتواضع والطيبة والعفوية التي يملكها العظيم ناصر قنديل تعلم كيف يكون لكلٍ من اسمه نصيب.
فمعرض دمشق الدولي عند القنديل إشارة للعالم بأن سورية ستبقى قبلة القاصي والداني. ولكن، لن يطأ ترابها المقدّس إلا من أعلن حبّه اللامشروط المخلص، وتعلّم ماذا تعني سيدة الكون سورية الوطن، بقيادة بشّارها الذي برعايته تم افتتاح المعرض. رفع شارات النصر ليقول للعالم الله أكبر.
مع حفظ الألقاب،
شكراً ناصر قنديل..
شكراً لمحبتك العظيمة غير المشروطة لسورية وقائدها وجيشها وشعبها.
شكراً لكل ما لمسناه منك من إنسانية.
شكراً وتعجز الكلمة.
ريم شيخ حمدان