تكريم هيثم جمعة لبلوغه سنّ التقاعد
كرّمت «الحركة الثقافية في لبنان» و«المنبر الثقافي» في «جمعية التخصّص والتوجيه العلمي»، المدير العام السابق لوزارة الخارجية والمغتربين نائب رئيس حركة أمل هيثم جمعة، لمناسبة بلوغه سنّ التقاعد، وذلك في مركز الجمعية في الرملة البيضاء، بحضور الوزير غازي زعيتر، النواب: ياسين جابر، ميشال موسى، علي بزّي، علي خريس وأيوب حميد، مدير عام الشباب والرياضة زيد خيامي، المديرة العامة للتفتيش التربوي فاتن جمعة، قنصل ساحل العاج في لبنان رضا خليفة، رئيس المكتب السياسي في حركة أمل جميل حايك، رئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان، رئيس الهيئة التنفيذية في الحركة محمد نصر الله، رئيس المجلس القاري الأفريقي الاغترابي عباس فواز، وعدّد من الشخصيات الأكاديمية والإعلامية والاغترابية.
شرارة
بعد النشيد الوطني، ألقى رئيس الحركة بلال شرارة كلمة شكر فيها لجمعة سنوات العمر الطويلة في خدمة لبنان المغترب وجالياتنا ومحاولة لمّ شملهم، وانتقد التحوّل إلى محاولة الاستثمار على الاغتراب بوصفه قوة انتخابية من دون أن تكون قوة مرشّحة. وقال: لذا ندعو إلى عدم الاستثمار على الاغتراب فقط بوصفه قرش لبنان الأبيض أو صوتاً انتخابياً، بل إلى الاستثمار على معارفه وعلومه وعلاقاته كقوة بشرية انسانية تحتاج إلى وطن تنتمي إليه وتتمكّن من المشاركة في كل ما يصنع دولته ومجتمعه.
الخازن
وألقى رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن كلمة قال فيها:
منذ مطلع الثمانينات لم يرفع الرئيس نبيه برّي عن عبث شعار «لبنان لن يحلّق الا بجانحيه المقيم والمغترب»، وقد عمل بالفعل لا بالقول، منذ ذلك الحين على قيادة الحملة للاستثمار على موارد لبنان البشرية المقيمة والمنتشرة، توصلاً إلى إنشاء وزارة للمغتربين، وهذا الاستثمار ليس مادياً فحسب، بل استثمار على قوة فعل سياسية يمثلها اللبنانيون، وقوة فعل معنوية تجاه قضايا لبنان والمنطقة. آمن الرئيس بري بأن حجم لبنان المغترب يحتاج إلى حكومة تعنى بشؤونهم، وتوظف طاقاتهم وإمكاناتهم، وحاول على الدوام بلورة مشروع اغترابي.
وتابع: جسّد الدكتور هيثم جمعة أمنيات الرئيس نبيه بري في كتابه الصادر عام 2004 «واقع وآفاق»، والذي كان المرآة لما قام به من إنجازات ومتابعة يومية دائبة لكل ما يتعرض له المغتربون في العالم، كما ان هذا الكتاب هو الشهادة الدامغة على ما بذله من جهود مضنية لتظهير قانون استعادة الجنيسة، لأنها حق قائم ودائم يعود، إلى كل من غادر بلده في ظل اضطرارية ليحلق في عوالم التنوع من شعوب العالم.
وختم: صحيح أنك غادرت مهمتك الوظيفية، إلا أنك لم تبارح بعلاقاتك التي طبعتها في ذاكرة الانتشار، دورك كمنارة وهدى لمن بعدك.
منصور
من ناحيته، تحدث وزير الخارجية والمغتربين السابق عدنان منصور عن مزايا المكرّم ومسيرته المهنية وتفانيه في الخدمة وقال: لم يكن لفئة أو جماعة، بل كان لكلّ لبنان وفي خدمة اللبنانيين، يؤدّي عمله بصمت وشرف ونزاهة، أيّاً كان انتماؤهم السياسي أو العقائدي أو المذهبي… تعاطى بمناقبية عالية وكفاءة رفيعة وتواضع لافت وأخلاق راقية مع اللبنانيين المغتربين والمقيمين، ومن منطلق وطنيّ إنسانيّ صرف. ولَكَم عزّز الحضور اللبناني في دنيا الاغتراب، وآزره من خلال عشرات المؤتمرات الدولية والمحلية التي عقدت في لبنان وخارجه ذات الصلة بالاغتراب والمغتربين. وحمل من مديرية المغتربين بعزمه وإشرافه المباشر، نموذجاً حيّاً للإدارة الناجحة المتطوّرة بعيداً عن الإهمال والكسل والبيروقراطية التي تنهش وللأسف بعدد من الإدارات والمؤسسات اللبنانية. ونتيجة لنشاط المديرية العامة للمغتربين قام الاتحاد الاوروبي بتحديث الموقع الالكتروني للمديرية، حيث كان الموقع الالكتروني الأول في وزارة الخارجية والمغتربين.
وختم: أيها الصديق العزيز، إذا كان تقاعدك سيفقد الخارجية اللبنانية عطاءاتك، فإننا على يقين أنّ عملك السياسي الذي أنت فيه اليوم والذي يصبّ في خدمة لبنان لن يعرف التقاعد، فالفارس ما زال على صهوة جواده.
الصلح
وألقى الممثل الإقليمي للمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في الشرق الأوسط السفير عبد المولى الصلح كلمة شدّد فيها على أنّ جمعة ساهم بشكل كبير في تطوير المديرية العامة للمغتربين، وأدّى دوراً أساسياً على الساحتين الإقليمية والدولية طوال حياته المهنية، كان وسيطاً هاماً بين العرب والأوروبيين لسلسلة من الأحداث والنشاطات المتعلقة بالهجرة. مشاركته المستمرة في الحوار حول هجرة العبور عبر المتوسط، كانت شاهداً على دوره ومواقفه الرائدة بخاصة في الجامعة العربية، إذ كان الصوت العربي الفاعل لوضع الهجرة على الطريق الصحيح. ساهم في تمهيد السبيل إلى زيادة تماسك لبنان في وضع سياسات الهجرة، لا سيما مع اقتراحه إنشاء آلية تنسيق وطنية للهجرة تجمع بين الوزارات والوكالات. وفي المجال الدولي، نعتبر أن الاداء المتميز لعميد خبراء الهجرة والمغتربين وعلى مرّ السنين التي عملت فيها معه، حقق أداء متميزاً من خلال تطبيق الأهداف. ومن المؤكد أنه مهّد الطريق لمزيد من التماسك والتنسيق في إدارة الهجرة في لبنان وعلى الصعيد الدولي.
وختم: نحتفل بشخص محترف، بلبنانيّ ملتزم بالمشرق عمل في جميع انحاء العالم للوصول إلى الملايين، وهو صديق نكرمه ونتمنى لخلفيته فرح برّي التوفيق في مهماتها الوطنية، والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة سيبقى إلى جانب مديرية المغتربين ويتابع برامجه وتعاونه الوثيق معها.
حيدر
وكانت كلمة لرئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم القنصل رمزي حيدر قال فيها: لا جالية لبنانية بفعالياتها ومسؤوليها لا تعرف هيثم جمعة، وليس غريباً على رئيس «الحركة الثقافية» أن يسعى إلى تكريمه على عطاءاته، لأنها تبادر إلى إظهار الطاقات الخلاقة في الأدب والشعر والفن وكل المجالات الثقافية والعلمية كذلك اهتمامها بالشأن الاغترابي لكون المغتربين يشكلون قدرات هائلة في تنمية الوطن وتطوير مقوّماته ومؤسّساته.
وختم: نحن في الجامعة الثقافية قطعنا شوطاً كبيراً في تفعيل مؤسّساتها الاغترابية سواء في تعاونها مع بعضها أو على مستوى التفاعل والتعاون مع الدول المضيفة للمنتشرين وجالياتهم لينعكس ذلك إيجاباً على الاقتصاد اللبناني وتنميته وتعزيزه على كافة المستويات، كما أنّنا نتطلع إلى ضرورة المشاركة في الانتخابات النيابية في أيار وسنسعى ليكون للمغتربين دور في المستقبل على صعيد المشاركة السياسية والتنموية والتمثيلية عبر المجلس النيابي لما يعود بالخير والتقدم على وطننا لبنان.
كلاس
وتحدث العميد السابق لكلّية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج كلاس عن مزايا جمعة وجهوده في مجال الاغتراب وقال: نجح بسلوكياته الوطنية، أن يفصل تماماً بين موقعه الحزبيّ ومسؤولياته الرسمية، وسعى صادقاً لأن يكون للكل، فوظّف موقعه لخدمة الاغتراب، وتعامل باحترام مع كل المكوّنات وخصوصياتها، مؤكداً ثنائية الانتماء والالتزام.
وأضاف: عملت المديرية العامة للمغتربين لدعم الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، في مسعييها التنظيمي والإعلامي، من خلال دعم المجلة الصادرة عن الأمانة العامة للجامعة، ومركزها في وزارة الخارجية والمغتربين، وبقيت المجلة، منشوراً خبرياً تقليدياً، ينصرف عليها من اللحم الحيّ ومبادرات الخيّرين.
ورأى أنّ الانتشار اللبناني لا يزال ضيف شرف في إعلامنا، نتعامل معه تراثياً واستثماراً، ولا نعترف به شريكاً.
وختم: الصديق جمعة في مسيرته ومساره، وازن وراعى ودارى وعرف كيف ومتى يتخذ القرار الأنسب، في توليفة جمعت بين السلوك الوطني، والحنكة السياسية والاحترافية الإعلامية، التي غالباً لم ترض الكل، لكنها بالطبع لم تغضب أحداً. في لبنان الصغير تعثر كثيرون، وفي لبنانات الخارج الكبيرة نجح هيثم جمعة أن يكون لكلّ الانتشار بنوعيته وتنوّعه.
جمعة
واختُتم الاحتفال بكلمة ألقاها جمعة فقال: في هذا اليوم الذي يتداعى إليه أحبة ليكرموك، فإنك تنظر إلى نفسك نظرة راحة وسعادة وتلمح في نظرات الأهل الاعتزاز والطمأنينة، وتدرك بنظرة ثاقبة الصداقة والتقدير من أناس عايشتهم وعايشوك قدرتهم وقدّروك. ومن أناس آخرين لمسوا سلوكك وعملك وتعاملك مع الناس فضمّوا أصواتهم إلى صوت محبّيك. لكلّ هؤلاء الذين ترتفع ألفاظهم وأصواتهم بالدعاء والتهنئة، أقول شكراً لكم والشكر موصول، وبشكل خاص إلى الوزير السابق وديع الخازن رئيس المجلس العام الماروني الذي خصّني بكلماته اللطيفة الودودة. والشكر للوزير الصديق الأستاذ عدنان منصور الذي ترافقنا وإياه في رحاب وزارة الخارجية والمغتربين وفي دنيا الاغتراب، وكان خير الأخ ومثال المسؤول وقد ترك أثراً طيّباً.
وشكر كلّ من توالى على الكلام، لا سيما شرارة الذي قال فيه: «هذا الأخ الذي لا يترك صديقاً إلا ويأتيه بباقة لياقة ومحبّة».
وأضاف: يخيّل للبعض أن الانسان عندما يتقاعد يقفل الحساب ويودّع الطموحات ويضع خطّ النهاية على ملفات كانت مهمة ومفتوحة. لا أيها الاخوة، إنها الحياة الجديدة التي ينطلق اليها الانسان من التضحيات التي بذلت ومن سنوات النضج التي تراكمت فتتغير أماكن الأولويات وتتفلتر العلاقات وتأتي الحقيقة اليك واضحة المعالم لتكمل العمر في دروب الحياة في هدوء نسبي وفي مشاغل جديدة بعيدة عن روتين الوظيفة. ولكنها ستبقى في خدمة الناس وفي خدمة الوطن، لا سيما أنني أنتسب إلى حركة سياسية تؤمن بصناعة الانسان على أساس من القيم بعيدة عن القيود التي تقف في سبيل كماله. هذه الحركة التي يقودها الآن الرئيس نبيه بري ويؤمن بأن رجال السياسة اليوم يجب أن يكونوا خدّاماً للمجتمع ويؤمن أيضاً أن النظام السياسي يجب أن يكون منظّماً من الأسفل، لا من الأعلى، والبنية التحتية لمجتمعنا هي النظام السياسي، سياسة السياسيين. بل النظام السياسي بمعنى الجهاز الذي يحافظ على المجتمع لا من الأعلى بالقوة بل بفضل بنية تحتية هائلة ومن هنا كان قوله الدائم الصعود إلى تحت.
وتابع: ما قمت به في هذه السنوات كان مساهمة متواضعةً في خدمة بلدي وقضاياه وفي خدمة اللبنانيين في مشارق الأرض ومغاربها وأستطيع القول أني تركت أثراً طيباً في دنيا الاغتراب، وعملت على بناء جسر من الثقة مع المغتربين اللبنانيين. ولذلك أدعو من يتحمّل المسؤولية اليوم إلى متابعة الجهد كي يبقى العمل الرسمي حاملاً هذا المشعل. وسنضع خبرتنا بتصرّفه. وإنّني أعلن من على هذا المنبر أنني ونخبة من رجال الاغتراب سوف نطلق قريباً المنتدى اللبناني للتنمية والهجرة لمتابعة التواصل مع الجاليات والمنظّمات الدولية المعنيّة.
بعد ذلك، سلّم شرارة جمعة درعاً تكريمية، ثم قدّم جمعة للحاضرين كتابه «جناح وغربة… المغتربون شمس لا تغيب».