مختصر مفيد أردوغان وساعة الحقيقة
نجح الرئيس التركي رجب أردوغان الذي تورّّط في الحرب السورية بطريقة مجنونة تفتقر للحد الأدنى من حسابات العقل والمصلحة في التملّّّّّص من استحقاق مواجهة الخيارات الصعبة، فقد حجز لنفسه مقعدين في قطارين متعاكسي الاتجاه في آن واحد وبقي قادراً على القفز بينهما أو الجلوس في كليهما من دون التعرّّّّّض لخطر الانفلاق.
كان أردوغان لسنوات طوال يجلس في مقطورة القيادة لقطار الحرب على سورية، ويتولى الدور الأهم في تلقيم الموقد بالمزيد من الفحم، فاستقدم تنظيم القاعدة وقام بتصنيع داعش ونظّم وسلح الأخوان المسلمين واحتلّ إدلب وخاض حرب حلب وأسقط الطائرة الروسية وحلم بالصلاة في المسجد الأموي في دمشق.
في منتصف الطريق وعندما دخل قطار الحرب في النفق المظلم حجز أردوغان مقعده في قطار الحل السياسي الواصل إلى محطة نهائية عنوانها الدولة السورية من دون أن يكشف المحطة التي سينزل فيها من هذا القطار أو كيف سيعلن انضمامه للرحلة حتى مقصدها الأخير.
كان سير القطارين في زمن القفز البهلواني لأردوغان بطيئاً، لكن ها هو يتسارع بعد معارك الغوطة وبات من الصعب الحفاظ على المقعدين والجلوس في كليهما في وقت واحد، وصار القفز بين القطارين مخاطرة محفوفة باحتمال السقوط المدوّي.
يتلعثم أردوغان في القمة التي جمعته برئيسي روسيا وإيران ويسمع توبيخاً عن ضرورة تسليم عفرين للدولة السورية ويرتبك وهو يسمع تسليم الأميركي والسعودي والإسرائيلي بعطل جسيم أصاب قطار الحرب بصورة جعلته عاجزاً عن مواصلة الرحلة.
أردوغان يواجه الخيار الصعب وساعة الحقيقة ليستقرّ في قطار ومقعد والتوقف عن الرقص على الحبال. فقد أعلن بوتين من قمرة القيادة في قطار يتجه نحو دمشق أن لا محطات مقبلة للنزول، وأن على الركاب ربط أحزمتهم نحو المحطة النهائية أو النزول الآن.
ناصر قنديل