وطن للبيع… فمن يشتري؟

الياس عشّي

قبل عشر سنوات ، تحديداً في 1994/11/9، نُشر لي مقال تحت عنوان: «وطن للبيع… فمن يشتري». كان الوضع العربي قد وصل إلى الذروة في سقوطه نحو الهاوية. ولأنّ الوضع لم يتغيّر حتّى اليوم ، ولأنّ ما يسمّى بالتحالف الدولي للقضاء على الإرهاب هو أكبر كذبة في التاريخ، ولأنّ بعض الأعراب ابتلعوا الكذبة وصدّقوها وشاركوا في الغارات، رأيت إعادة نشره .

العالم العربيّ يحكمه، اليومَ، سماسرة السوق

والدّلال واحدٌ وإن تغيّر لون الكوفيّة، أو شكل العباءة، أو لون الأسنان، أو شكل اللحية

لا فرق إن كانت اللحية بيضاءَ، أو شهباء، أو سوداء، حتّى لا فرق إن كان الدّلال من دون لحية… وكان خنثى… وكان لا ذكر ولا أنثى

الدّلال واحد..

من كنيسة القيامة إلى حقول المرجان واحد

من نهر الأردن إلى آبار النفط، والغرف المكيّفة، وعلب الليل، وبيوت الحريم، واحد

الدّلال، يا لَلعار، مبحوح الصوت، مخصيّ الفكر، ساديّ، مجدور.

الدلّال ينادي:

على أونا… على دوي… على تري…

وطن للبيع… فمن يشتري؟

الوطن جميل… على وجهه كلّ أنواع المساحيق… فيه كنيسة القيامة… فيه المسجد الأقصى… وطن سياحيّ بخمس نجوم .

على أونا… على دوي… على تري… وطن جميل… فيه نفط… فيه بحار وأنهار وشلّالات… وطن سياحيّ من أقصاه إلى أقصاه… من يشتري هذا الوطن؟

الدّلال ينادي:

على أونا… على دوي… على تري…

بأبخس الأثمان نبيع وطناً…

بأبخس الأثمان نشتري ذلّاً…

تكفي ابتسامة واحدة من رابين لتتمّ عملية البيع والشراء.

على أونا… على دوي… على تري..

مقايضة… مقايضة… مقايضة…

الله أكبر… لقد تمّ السوق… لقد انتهى المزاد… لقد بيع الوطن .

والذلّ هو العنوان…

إنه اليافطة المضاءة بكلّ ألوان العلم الأميركي…

وفي الوسط نجمة داود… تتعرّى… وتشتري…

والبائعون مذهولون بها… مخصيّون… يضحكون لها فتضحك منهم

والعالم العربي يدفن شهداءه رسمياً ويعلن:

لقد مات الشهداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى