الدولة السورية وحلفاؤها.. معادلة يصعب اختراقها
أمجد إسماعيل الآغا
منذ بداية الحرب على سورية ظهرت العديد من التحالفات، تحالفات منها ما شهد تبايناً واضحاً لجهة المصالح الاستراتيجية، ومنها ما شهد ثباتاً واضحاً واتفاقاً في وجهات النظر الاستراتيجية، الأمر الذي أدّى إلى تغيير المسار الميداني والسياسي للحرب المفروضة على سورية لصالح الدولة السورية، وهنا نتحدث عن حلفاء سورية الأقوياء، ولعلّ أهمّ ما يميّز الأزمة السورية هو دخول العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، ما أدّى في نهاية المطاف إلى تنوّع الأهداف الاستراتيجية لمحور أعداء سورية، ويمكننا القول وكنتيجة منطقية لطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية فإنه لم يكن هناك تطابق شامل في وجهات النظر، بل كنا أمام تقاطع مصالح تارةً ظرفية، وأخرى استراتيجية بين أعضاء الحلف الواحد.
ثبات الدولة السورية وحلفائها رسم خارطة انتصارات على مختلف جبهات الجغرافية السورية، حيث أنّ الإنجازات على الصعيدين العسكري والسياسي دفع بأعداء سورية إلى الترويج بوجود خلافات جوهرية بين أقطاب حلفاء سورية، وهذا أمر طبيعي بعد الانكسارات والهزائم التي مُنيت بها واشنطن وأدواتها في سورية والمنطقة، وهنا لا يمكننا أن ننكر بأنّ هناك تباينات في وجهات النظر بين روسيا وإيران كما بين سورية وروسيا، لكن في المقابل هناك تقاطع كبير في وجهات النظر والرؤى الاستراتيجية، وعلى الرغم من محاولات البعض التأكيد على وجود خلافات بين سورية وروسيا وإيران، إلا أنّ الوقائع تؤكد عدم صحة هذه الادّعاءات، بدليل ما تمّ تحقيقه من منجزات في السياسة والميدان، فاليوم وبعد ترسيخ النصر العسكري دأب البعض اللعب على وتر الخلافات وتضخيمها إعلامياً فقط، وما يشهده الجنوب السوري اليوم كان مادّة دسمة لأعداء سورية ومحورها المقاوم من أجل بث السموم والهجوم على التحالف الإيراني الروسي، ومن المفيد أن نذكّر بأنّ أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني، نفى وجود أيّ مستشارين إيرانيين في جنوب سورية، أو قيامهم بأيّ دور هناك، مؤكداً دعم طهران بقوة للجهود الروسية لإخراج الإرهابيّين من المناطق السورية المتاخمة للأردن، ولكن ماذا عن أعداء سورية وانكساراتهم؟
ضمن واقع الانتصار الذي فرضته الدولة السورية وحلفاؤها، برزت إلى السطح العديد من الخلافات في محور أعداء سورية السعودية وتركيا تعاونا من أجل إسقاط الدولة السورية تنفيذا لأجندة أميركية وخدمة لـ»إسرائيل»، وما نشهده اليوم من اقتتال بين الفصائل الإرهابية المحسوبة على السعودية وتركيا يُمثل خير دليل على الخلافات الجوهرية بينهما، خاصة أنّ تركيا اختارت التقارب مع الروسي والإيراني والابتعاد عن السعودي حليف الأمس.
كذلك هو الخلاف السعودي القطري، ففي مرحلة سابقة اعتمد البلدان سياسات موحدة ضدّ سورية سياسياً وعسكرياً، من مجلس التعاون الخليجي إلى جامعة الدول العربية، ليتمّ اللقاء بينهما في الميدان السوري، لكن اليوم نجد أنّ السعودية انقلبت على قطر بدعوى دعم الأخيرة للفصائل الإرهابية في سورية والمنطقة، وهنا يبدو واضحاً أنّ الرياض أعلنت الحرب السياسية على قطر أيضاً تنفيذاً لأجندة أميركية تسعى من خلالها إلى إطالة أمد الخلافات في الشرق الأوسط، لتوقيع المزيد من صفقات السلاح الأميركي وتمريرها تحت العديد من الذرائع الواهية مثل «إيران فوبيا» وضرورة مواجهة المدّ الإيراني في المنطقة، إضافة إلى شمّاعة «داعش» الأميركية وضرورة محاربة الإرهاب، ويمكننا هنا أيضاً القول إنّ أميركا تنقلب على أدواتها وتتركهم لمواجهة مصيرهم تماشياً مع سياستها، مع إبقاء الباب موارباً في الكثير من القضايا من أجل الدخول مجدّداً وفق ما تقتضي المصالح الأميركية في المنطقة.
في المحصلة، من الواضح أنّ هناك تبايناً واضحاً في محور أعداء سورية، يقابله تطابق في الأهداف والرؤى لمحور حلفاء سورية، وعليه فإنّ أيّ أنباء تتحدث عن خلافات بين سورية وإيران وروسيا وحزب الله ما هي إلا ادّعاءات إعلامية تستهدف التشويش على الحضور الإيراني القوي في سورية، وبطبيعة الحال فإنّ الخلاف بين أقطاب محور حلفاء سورية لا يفسد في الودّ قضية، فالمعادلة التي تجمع هذا المحور لا يمكن اختراقها، سورية تسير بخطى ثابتة إلى النصر الذي بات قريباً وقريباً جداً…