رئيس الجمهورية: إذا حصل أي اعتداء ضد لبنان فلحزب الله الحق في الدفاع
أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنّه وضع في أولى أولوياته، منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، تأمين سلامة المواطنين اللبنانيين واستعادة هيبة الدولة.
وقال: «لقد عملت على إعادة تنظيم الجيش وتمّت تسمية قيادة جديدة له، نفّذت عملية عسكرية ضد التنظيمات الارهابية التي تمركزت في جبالنا الشرقية. وقد اتت بثمارها، حيث تم إنقاذ البلاد من إرهابيي داعش والنصرة الذين تسللوا اليها من سورية. كما قمنا بتفكيك الخلايا النائمة وأوقفنا العصابات. وبات الأمن مؤمناً. وهذا ما تشهد عليه استعادة السياحة لحيويتها».
اما في الاقتصاد، فإن مراسيم مناقصات النفط والغاز التي كانت مجمّدة في السابق، قد تم التوقيع عليها. وأطلِقت المناقصات، وتم توقيع العقود الخاصّة بها. كما ان مكافحة الفساد تسير بشكل مطّرد، وانا لن أسمح بأي انتهاك في هذا الإطار. فالقضاء هو من ستكون له الكلمة الفصل فيها». واشار الى حصول تغيير حقيقي، تحديداً من خلال اعتماد قانون انتخابي جديد عوض القانون الذي كان معتمداً منذ العام 1926 والذي كان يجب تغييره. وقال: «لقد اعتمدنا النظام النسبي الذي يتيح تمثيلاً أكثر عدالة للشعب اللبناني».
كلام رئيس الجمهورية جاء خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، وتناول عون في مقابلته اهم الإنجازات التي تحققت حتى اليوم منذ وصوله الى سدة الرئاسة، إضافة الى نظرته الى مستقبل لبنان في محيطه والعالم، والوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً في سورية والجوار.
ورداً على سؤال حول امتلاك حزب الله «حق الفيتو» على كل القرارات الاستراتيجية، قال الرئيس عون: «لا. في لبنان النظام توافقي، وإبداء الرأي لا يعني استخدام حق الفيتو»، مضيفاً «أن الحكومة الموجودة حالياً تقوم بتصريف الاعمال».
وعما اذا كان «لبنان رهينة حزب الله»، قال رئيس الجمهورية: «إن الضغوط الدولية ضد حزب الله ليست جديدة، وهي ترتفع. وبعض الاطراف يفتش عن تصفية حساباته السياسية معه، بعدما فشل في تصفية حساباته العسكرية مع الحزب لأنه هزم إسرائيل في العام 1993، ومن ثم في العام 1996، وخصوصاً في العام 2006. إن القاعدة الشعبية لحزب الله تشكّل أكثر من ثلث الشعب اللبناني. وللأسف فإن بعض الرأي العام الأجنبي مصّمم على جعله عدواً».
وعمّا اذا كان الجنوب اللبناني يمكن ان يُستخدَم في المواجهة بين ايران و»إسرائيل»، قال: «لا». وهل انتم متأكدون من أن حزب الله سيوافقكم هذا الرأي ويسير فيه كونكم القائد الاعلى للقوى المسلحة؟ قال: «بالطبع. اذا لم يتعرّض لبنان لأي اعتداء اسرائيلي، فما من طلقة واحدة ستُطلق من الأراضي اللبنانية. ولكن اذا حصل أي اعتداء ضد لبنان، فله الحق في الدفاع عن النفس».
وعن إمكانية دمج مقاتلي حزب الله بالجيش اللبناني، قال: «قد يشكّل الأمر مخرجاً، لكن في الوقت الراهن فإن البعض يدين تدخله في الحرب ضد داعش والنصرة في سورية. غير أن الوقائع هنا هي أن الارهابيين كانوا يهاجمون اراضينا، وحزب الله كان يدافع عنها. والحزب لا يلعب أي دور عسكري في الداخل اللبناني ولا يقوم بأي عمل على الحدود مع «إسرائيل». لقد بات وضع الحزب مرتبطاً بمسألة الشرق الاوسط وبحلّ النزاع في سورية».
واشار عون في معرض ردّه على سؤال حول طبيعة العلاقات بين لبنان وسورية حالياً «بأن لبنان يرفض التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد، ونحن نعتمد سياسة النأي بالنفس تجاه النزاعات التي تهز المنطقة وتحديداً النزاع في سورية. وسفارتنا في سورية كما السفارة السورية في لبنان لا تزالان مفتوحتين».
واذا كان الرئيس السوري سيستعيد إدلب، اشار عون الى ان إدلب هي جزء من سورية».
واشار رئيس الجمهورية، في معرض رده على سؤال حول التهديد الذي يطاول مسيحييّ الشرق نتيجة الحرب في سورية، الى «انه حيثما تم زرع الارهابيين في سورية والعراق تمّت شبه تصفية لمسيحيي الشرق. وكان المسيحيون شهوداً وضحايا لموجة من البربرية تذكّر بحقب التاريخ القديم».
ومن يدعم مسيحيي لبنان، قال: «ان الجميع يعرف مسيرتي. وحدها مصلحة لبنان تحدد عملي. وانا اعارض اي انحياز يتناقض وهذا التوجه. إن المسيحيين في لبنان يدعمون أنفسهم بأنفسهم. لقد تغلبنا على انقساماتنا. وبعض الاختلافات باقية حول سورية وبعض الملفات السياسية لكنها لم تؤدِ الى اي انزلاقات. انني مستقل تماماً ومتمسك باستقلال لبنان. وفي الوقت الراهن ان «إسرائيل» هي التي تهددنا وتنتهك سيادتنا وتواصل القضاء على حقوق الفلسطينيين، وفي هذا الوقت قرر الرئيس الاميركي ترامب وقف تمويل «الاونروا» التي يفيد منها نحو خمسمئة الف فلسطيني في لبنان، ونحن نتخوف من أن يؤدي ذلك الى التوطين النهائي للفلسطينيين في الاراضي التي لجأوا اليها، وتحديداً في لبنان. ومنذ العام 2011 والتدفق الهائل لأكثر من مليون نازح سوري الى اراضينا، فإن الاعباء الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والامنية الناجمة عن ذلك باتت لا تطاق. واليوم ان واحداً من اصل ثلاثة من المقيمين في لبنان هو امّا نازح وامّا لاجئ، ومن شأن توطينهم في لبنان أن يبدّل طبيعتنا الديموغرافية بشكل لا رجوع عنه»..
واذا كان تحالف الاقليات يشكّل ضمانة استراتيجية لأمن المسيحيين في الشرق، وما هو الحل البديل لذلك قال: «ان اسرائيل تسعى في الشرق الاوسط الى تفتيت المنطقة الى اجزاء طائفية ومذهبية ترتدي طابع شبه الدولة، لكي تجمع «بازل» طائفياً. وان تحالف كيانات، كلُّ منها مخصصة بصورة فردية الى اقلية هو أمر مصيره الفشل. نموذج كهذا، هو في كافة أشكاله، نقيض للطبيعة الديموقراطية للنظام السياسي اللبناني، كما لتنوّعنا الثقافي ولتعدديتنا الدينية. ولقد تقدّمت في العام 2017 باقتراح الى الامم المتحدة بجعل لبنان مركزاً لحوار الحضارات والاديان والثقافات. وهذه السنة، سأطوره خلال وجودي في الأمم المتحدة».
وعمّا ينتظره لبنان من أوروبا عموماً وفرنسا خصوصاً، اوضح رئيس الجمهورية «انه ينتظر منهما دعم لبنان في مسألة العودة التدريجية والآمنة للنازحين السوريين الى المناطق الآمنة في بلادهم، ومضاعفة مساهمتهم في موازنة الاونروا، والمساهمة في مشاريع الاستثمار المقدمة في مؤتمر «سيدر»، خاتماً بالقول: «نحن نتشارك معاً المصدر، والتاريخ والقيم والمستقبل».
وكان الرئيس عون أعرب في تصريح أدلى به بعيد وصوله الى نيويورك، عن أمله في أن تتيح مشاركته في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ايصال المواقف اللبنانية من التطورات الداخلية والإقليمية، الى قادة دول العالم الذين يلتقون في نيويورك، لافتاً الى ان الظروف الراهنة في لبنان ودول الجوار تجعل من المشاركة اللبنانية في اجتماعات الجمعية العمومية ضرورة تفرضها دقة المرحلة. وأكد الرئيس عون أنه آت الى نيويورك ليسمع دول العالم موقف لبنان من المسائل التي تعتبر من اولوياته.
وعلى هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نيويورك التقى رئيس الجمهورية نظيره المصري عبد الفتاح السيسي الذي أكد «أننا ندعم لبنان وتوجهاته لإعادة النازحين الى المناطق الآمنة».