السيد حسن نصرالله وحواره الصدمة وكلامه العاصفة في وجه إسرائيل وتوابعها في حوار العام 2019!
جهاد أيوب
قبل أن يطل السيد حسن نصر الله سقطت نرجسية «إسرائيل» في وحل الانتظار، وما أن أُعلن عن أن السيد سيتكلم في حوار العام على قناة الميادين مع الزميل غسان بن جدو حتى جنّ جنون إعلام الصهاينة، وبدأت التحاليل المركبة والتغريدات المربكة والمصابة بمرض الخوف المقبل على «إسرائيل» ومن يسكنها!
وبعد حوار السيد حسن نصر الله عبر قناة الميادين بالتأكيد صدمت قيادة العصابة الصهيونية في «إسرائيل» المحتلة لفلسطين، وتمنّى الصهاينة لو لم يطل السيد، ولم «يحركش» قادتهم بوكر دبابير رجال الله، ولم يسوق إعلامهم وإعلام ربيباتهم الأعراب كذبة مرض سيد المقاومة… وتمنوا لو ابتلعوا ألسنتهم، وبالتأكيد سيبتلعون أجوبتهم في الرد عليه، تاركين المهمة إلى بعض عملاء الداخل اللبناني بالردّ الأعوج والأهوج كالعادة!
العمر 60 ويليق به العمر المديد، الصحة متعافية وبحمد الرحمن، البسمة من ذهب ستزيد موت الأعداء، الوجه أكثر من إشراقة، والعقل من نور الشمس، والثقة عارمة… والصمت كان نوعاً من الحرب على العدو، والإطلالة تكون بقرار من المقاومة وليس من العدو!
تحدث السيد بالتفاصيل ضمن الغموض البناء ولكنه قال ما يشتهي ويرغب كما عهدنا به بوضوح الفكرة، وبثراء المعلومة وإثراء المعنى، وبقيمة الصراحة التي يفهمها العامة والمثقف والساسة والعدو!
نعم هنالك أنفاق بمعزل عمَن حفرها، والمفاجئ طال وقت الإسرائيلي حتى اكتشفها، وهذا يؤكد فشل مخابراتهم!
ابتسم السيد رغم لمعان عمق روحه التي تخبئ لـ»إسرائيل» مفاجآت قد تصيبها خلال تحاليل فريق مختص بكلام السيد وابتساماته ورفع إصبعه بالدوار، وبالهلع، وعملية الجليل محتملة. وهنا أدخل إليهم الرعب والهلع والوحشة!
سخر السيد من جنرالات العقول العسكرية في «إسرائيل»، «ويكذبون وينكرون الحقائق، وهم يدركون أننا ندخل الجليل بسهولة ولا نحتاج إلى أنفاق، لو نحن قررنا الدخول وفي خطتنا وقادرون ونمتلكها خاصة بعد تجربتنا في سورية، قادرون على دخول الجليل في السياق الدفاعي فوق الأرض، تحت الأرض وسيصدمون، وسيندمون وسيعرف الجميع حينما يحدث ذلك».
«كل خياراتنا في المقاومة بعقل وحكمة وشجاعة على الطاولة»…هذا الكلام للسيد يختزل كل الكلام والحوار!
رفع السيد إصبعه ليزيد العدو الصهيوني الكثير من القلق من المجهول، والخوف من المقبل عليهم، والموت المحتوم المباغت الذي ينتظرهم لكونهم عصابة قتل تغتصب أرض فلسطين والعرب، وكانوا قد عذّبوا عيسى بن مريم… ولن يسمح للعدو بتغيير قواعد الاشتباك، وستردّ المقاومة على أي اعتداء إسرائيلي حربي أو اغتيال لعناصر الحزب، أو عملية واسعة وستعتبرها إعلان حرب، وستتعامل معها على هذا الأساس، وقد يخطئ نتنياهو في سورية وغزة، وقد يرتكب تصرف غير حكيم عشية الانتخابات!
شرب السيد خلال الحوار الماء وليس الليموناضة، وأكمل البوح بمزاج رائع، وزاد من ابتساماته المباشرة مع تأكيد الحوار المباشر وبقيادة عسكرية وإعلامية فائقة الدقة والذكاء فاعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية أن حوار وكلام السيد الأهم اليوم في العالم العربي!
فعلها السيد حسن نصرالله ففي صمته أخافهم، وفي بوحه اليوم عقدهم، أربكهم، أقلقهم… وأوضح لهم ولغيرهم أن جملة «ما بعد بعد حيفا» قصد منها ضرب تل أبيب، وأي حرب ستحصل ستكون كل فلسطين المحتلة ميداننا وتحت مرمانا… وأضاف مازحاً بجدية رمي السم والفتنة على العدو: «مصلحة الإسرائيلي أن يقول لـ نتنياهو أن يسمح لحزب الله أن يمتلك الصواريخ الدقيقة حتى لا يغلط ويضرب الأماكن السكنية بعيداً عن المراكز العسكرية»….
وحسم قائلاً: «نمتلك الصواريخ الدقيقة، ولم نعد بحاجة لنقلها، والعدد كافٍ للمواجهة ولضرب أي هدف نريده»!.
في الشأن السوري مع شفة من كوب الشاي حسم السيد بأننا أصبحنا في المرحلة الأخيرة، ونستطيع القول إننا أمام الانتصار الكبير والحاسم، ولكن الملف لم يُغلق، والنصر لم يُنجز كاملاً بعد، والجيش السوري وحلفاؤه قادرون على حل موضوع الشمال السوري، وقرار سحب القوات الأميركية من سورية هو بحد ذاته فشل وهزيمة، وانفتاح بعض العرب على سورية خوفاً من تركيا وليس من إيران خاصة من قبل السعودية والإمارات، وسورية ستعود إلى العالم العربي ولكن بكرامتها، والأميركي فشل في سورية، ولا يستطيع أن يفعل أكثر مما فعل، وأميركا خارجة «فالّة» من المنطقة، ولا توجد حرب أميركية في المنطقة…
وفي ثقة عارمة ومباشرة استعداداً للجم الحرب إن وقعت أو لم تقع فنّد السيد واقع نتينياهو الذي فشل منذ عام 2011 إلى اليوم، وطلب منه بتهديد مبطن أن يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي حصلت، وأن يكون حذراً في التمادي في ما يقوم به في سورية، وأن لا يخطئ التقدير، لأن محور المقاومة سيرد!
على صعيد إيران أكد تماسكها رغم العقوبات، وكذلك الوضع في العراق. وأوضح أن السعودية تمر في أسوأ مراحل وجودها، والسند العربي سقط في صفقة القرن والذي نص على أن يحكم محمد بن سلمان 50 عاماً في العرش، وليس هناك أي تنظيم فلسطيني يمكن أن يقبل بصفقة القرن!
وحول اليمن طلب إنهاء الحرب فيها، واعتبر صمود الشعب اليمني أسطورة، والمشكلة في عقلية الاستعلاء السعودي على اليمني.
وبكل وضوح أكد أن السعودية تمنع أي حل في البحرين!
عن عقد القمة الاقتصادية في لبنان، وإدارتها والكلام السياسي الذي قيل فيها عن القدس اعتبرها أكثر من ممتازة.
مع فخامة الرئيس ميشال عون لم نختلف على شيء، والثقة لم تتزعزع أبداً، وهناك تواصل بيني وبين رئيس الجمهورية لحل أي التباس… هكذا حسم السيد العلاقة المتينة.
وحول نتائج الانتخابات فهمنا أن تواضع فريق المقاومة في تأليف الحكومة كان خطأ، ولا يوجد لديه أي اعتبار خارجي، وهناك مساعٍ جدية حالياً لتأليف الحكومة، وهناك عقيدتنا باللقاء التشاوري وتوزيع الحقائب.
وخُتم الحوار الحدث الفصل عن الواقع الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي اعتبره من أولويات الحكومة المقبلة، واشار السيد إلى أن أهم مشكلة في لبنان أن الفساد يستشري في ظل القانون، ومعركتنا معه طويلة، ولا ندّعي أن المناقصات ستقضي عليه، والتدخل السياسي في القضاء هو من أسباب الفساد في لبنان!
وقال: «نحن لا نحكم لبنان، ونؤمن بأن لبنان لا يمكن أن يدار إلا من جميع الاطراف»….
…في حوار السيد مع الميادين ظهر جلياً بأن ما من شخصية عربية في تاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين العربية، ولعقول الأعراب أصابت «إسرائيل» بما حملت بالصميم كما سماحته في هذا الحوار، ولم نجد شخصية قيادية بهذا الاطلاع في شؤون أمته وشارعه، ومثقفة بحال أوطان العرب والمسلمين!
السيد حسن هنا برهن مجدداً على فهمه الكلي لحركة العدو الصهيوني، وكان قامة في قيادته، وذهنية مفعمة وحاضرة في مصداقيته، وفرض قوة بأسه على عدونا، وتواضعه جلياً مع أهله، وإن وعد أنجز… وهذا هو سر الانتصار على صهاينة كل زمان… وهذا هو حوار العام الذي أجراه الزميل غسان بن جدو بذكاء وبمهنية عالية، وباستعداد كلي لخميرة تجربته الإعلامية التي ترجمها في نجاح وتميّز بدأها برائعته في المقدمة ليصبح مختلفاً بنجاح في حواره المسؤول كرسالة مع السيد حسن نصر الله، وترك لضيفه المهم أن يشرح أفكاره دون تطفل وفرض عضلات، وهذا يعني قوة الإعلامي الفاهم دوره أمام قائد إنسان كهذا.