عون في مئوية نقابة المحامين: القضاء سلطة ليست مستتبعة سياسياً ولن يكون في عهدنا منظومات مرتهنة لأحد

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن العدل هو الركيزة الأساس للحكم، والمحامون أحد أهم مداميك العدل وجناح من أجنحته، معتبرا أن القضاء هو الحجر الأساس لقيام دولة الحق والقانون، وقال: «لا دولة بدون سلطة قضائية مستقلة نظيفة تنشد العدالة والحقيقة».

وشدد في كلمة ألقاها في الاحتفال بمئوية نقابة المحامين الذي أقيم في قصر العدل، على أن تطهير الجسم القضائي «كان أولى أولويات حربنا على الفساد الذي نخر كل مؤسساتنا»، معتبراً أن القضاء يجب أن يبقى فوق الشبهات، وسلطة دستورية مستقلة، تنقي ذاتها بذاتها وفق الآليات المعتمدة قانوناً، من دون تشهير او ابتزاز او استغلال من اي كان».

وأضاف: «القضاء لن يكون في عهدنا منظومات مرتهنة لأحد بل سلطة تمارس رسالتها بوحي من ضمير القاضي الحر والنزيه والمحايد فتتوافر معه ضمانات المتقاضين كاملة وغير منقوصة».

وكان الاحتفال بمئوية نقابة المحامين الذي رعاه رئيس الجمهورية، بدأ صباحاً في قاعة «الخطى الضائعة» في قصر العدل، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، والرئيس أمين الجميل، والرئيس تمام سلام، ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، ووزير العدل البرت سرحان، ووزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، وحشد واسع من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والأمنية والبلدية والاجتماعية.

وقال عون: «إن أركان القضاء ثلاثة من أرباب الحقوق، يكملون بعضهم البعض لإجلاء الحقيقة بكل جوانبها، وأعني القاضي والمدّعي العام والمحامي، ولا يكتمل إحقاق الحق بدونهم أو إذا أصاب الخلل أي ركن منهم. والقضاء هو الحجر الأساس لقيام دولة الحق والقانون، فلا دولة بدون سلطة قضائية مستقلة نظيفة تنشد العدالة والحقيقة، وأعيد التذكير هنا بما قاله ونستون تشرشل إبان الحرب الثانية وعندما كانت لندن تحت قصف الطائرات: «طالما القضاء لم يزل بخير فإن بريطانيا بألف خير».

وتابع: «لذلك كان تطهير الجسم القضائي أولى أولويات حربنا على الفساد الذي نخر كل مؤسساتنا، فالقضاء يجب أن يبقى فوق الشبهات، كامرأة قيصر، كالملح الذي لا يجوز أن يفسد… قضاء يتصدّى لكافة اشكال الفساد ويقف سداً منيعاً بوجهه. وباستقلاله ونزاهته يحرس العدالة ويحميها فيطمئن له المواطنون، إذ كيف يمكننا أن نحتكم الى من لا ثقة لنا به؟

القضاء – السلطة الذي نرنو اليه ليس حتماً قضاء السلطة السياسية، اي القضاء المستتبع سياسياً والذي يصبح فيه القاضي أسير المرجعيات، في حين ان القضاء يجب ان يكون سلطة دستورية مستقلة بمفهوم المادة 20 من الدستور، تنقي ذاتها بذاتها وفق الآليات المعتمدة قانوناً، من دون تشهير او ابتزاز او استغلال من اي كان، فتكون المساءلة المسلكية او الجزائية من صلب هذه السلطة وليس من خارجها. والقضاء لن يكون في عهدنا منظومات مرتهنة لأحد بل سلطة تمارس رسالتها بوحي من ضمير القاضي الحر والنزيه والمحايد فتتوافر معه ضمانات المتقاضين كاملة وغير منقوصة».

وأردف رئيس الجمهورية: «إيماناً مني بأن القضاء هو ركن من أركان الدولة التي إن فقدت ركناً أصابها الوهن والاندثار، دعوت لمؤتمر يبحث شؤون القضاء في لبنان، ويجري الإعداد له حالياً وسيعقد قريباً في القصر الجمهوري تحت عنوان «من أجل عدالة أفضل» هدفه إطلاق حوار وطني صريح بين جميع المكوّنات المعنية بالعدل والعدالة، للإضاءة على مكامن الخلل في الوضع القضائي الحالي وأسبابه وكيفية استنهاض السلطة القضائية المستقلة وفقاً لمفهوم المادة 20 من الدستور اللبناني».

وكانت كلمة لرئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد أكد فيها أن «استقلال السلطة القضائية، واستقلال القاضي، من المسلمات. كما أن مسؤولية المحامي تضاهي مسؤولية القاضي في تسريع المحاكمات. لم يتخل المحامون يوماً عن دورهم، ولم يتخل القضاء كذلك. وإن لا خوف من أزمة تظهر، أو عاصفة تهب، إذا أحسن القيّمون على أي مرفق التعامل معها، وواجهوها بالتصميم على صدها، يداً بيد، إرادة بإرادة، ومسؤولية بمسؤولية».

واضاف: «فليكن العام الجاري، اليوبيلي بامتياز، عام الأمل بعقود أفضل، بل بقرن كامل أفضل. يوبيل مئوي للبنان الكبير، ولمحكمة التمييز التي نحتفل في حزيران القادم بمرور المئة على إنشائها، ولهذه النقابة الجليلة التي نحفو بها. وسيشهد هذا العام كذلك انعقاد مؤتمر بعنوان «نحو عدالة أفضل»، بمبادرة من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في سبيل إطلاق حوار وطني شفاف وصريح في ما بين المكونات المعنية باستنهاض القضاء، وبرصد مكامن العلل في الوضع القضائي الراهن تمهيداً للمعالجات المؤاتية».

كما أشار الوزير سرحان في كلمته الى أننا «ننظر إلى هذه المناسبة كنقطة انطلاق لورشة إصلاح كاملة متكاملة في القضاء، ليست مكافحة الفساد فيه سوى الخطوة الأولى باتجاهه، ولا بدّ أن تتبعها خطوات أخرى وصولاً إلى إصلاح جذري يتناول الأشخاص والنصوص في آن معاً، ويكون لنقابة المحامين وعلى رأسها سعادة النقيب شدياق المعروف عنه بالخبرة والعلم والوطنية، فيه دور طليعي في مواكبة الخطوات الإصلاحية المطلوبة على هذا الصعيد. من هذا المنطلق، نعلن تمسكنا الصريح بمبدأ استقلال السلطة القضائية الذي كرّسه الدستور، وهو مبدأ يفترض قبل كل شيء توفر الإرادة السياسية التي تلمسنا بشائرها في رغبة فخامة الرئيس وصاحبي الدولة، والتي تحتاج، لكي تترجم عملياً إلى اقتناع راسخ لدى جميع اللبنانيين بأن العدل هو فعلاً أساس الملك، وأن لا عدل بدون سلطة قضائية مستقلة، وأن هذا الاستقلال ليس ضمانة لفئة من المواطنين فقط بل للجميع دون استثناء».

واضاف: «نأسف كبير الأسف لما يتعرض له الجسم القضائي بين الحين والآخر من تشهير وإساءة، فإننا نرى أن اكتساب القضاة لثقافة الاستقلال وممارستهم له ونزاهتهم وكفاءتهم في إدارتهم لمهامهم، هي الحصانة الكبرى التي تحميهم من كل تجريح، فضلاً عن أن استعادة الناس لثقتهم بقضائهم من شأنها أن تجعل أي تعرض للقضاء، أمرا يرفضه الرأي العام».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى