نفط كردستان يُعمّق الخلاف بين أربيل وبغداد
لا يبدو الخلاف النفطي ــ المالي، بين بغداد وأربيل بالصعوبة التي يصورها بعض السياسيين، فهي بالأساس من مخلفات الحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، كغيرها من المخلفات التي تعقدت بسبب تراكمها، وتراكم الأزمات وازدحامها، ما يجعل الحلول الفورية صعبة التحقيق.
إلا أن المراقبين السياسيين، يخشون تكرار مسلسل المبررات الذي اتبعته حكومات ما بعد الغزو الأميركي عام 2003، بإلصاق كل اخطائها واخفاقاتها، بالنظام السابق، حتى بعد مضي 12 سنة على رحيله.
ويعتبر ملف النفط واستغلال الثروات الطبيعية واحداً من أبرز الخلافات التي تحاول الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان حلها، لوضع حد للأزمة القديمة بين الجانبين، وآلية تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الطرفين، لا سيما ان الأزمة المالية الموروثة والجديدة، تفرض ثقلها في التنفيذ.
الحكومة المركزية تريد ايرادات لخزينة مفلسة، لكي تسدد حصة الاقليم المالية، وحكومة الاقليم تريد اموالاً لتسديد مستحقات الشركات النفطية، وترميم البنى التحتية، ودفع الرواتب، لكي تتمكن من الإيفاء بكمية الصادرات النفطية… من يبدأ؟ وكيف؟، وما مدى الثقة المتبادلة.
رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتهم أطرافاً سياسية عراقية لم يسمها بعدم الرغبة في تطور العلاقات بين بغداد وأربيل، ويبدي استعداده لمعالجة مشتركة لإنهاء المشاكل، ويؤكد في الوقت ذاته، أن الحكومة المركزية ليست لديها الاموال لدفع استحقاقات الاقليم، لكي يتمكن من تفعيل انتاج وتصدير النفط بالكميات المطلوبة، لدعم موازنة الدولة، فيما يشدد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي على أن حكومة إقليم كردستان لم تسلم كميات النفط الخام من حقول كردستان، حسب الاتفاق النفطي بين الطرفين كي تتمكن بغداد من دفع الأموال لحكومة كردستان.
في هذا الصدد، شكلت بغداد وأربيل لجاناً مشتركة بعد زيارات متبادلة عدة قام بها مسؤولون من الطرفين، لمتابعة أبرز نقاط الخلاف والوصول إلى حلول يؤكد الجميع على أهمية أن تكون دستورية.
وبحسب المراقب السياسي زيد الزبيدي، إن الاتهامات المتبادلة بين الطرفين ليست جوهرية، وفي الغالب يتم الحديث عن أطراف، تحاول عرقلة الاتفاقات، وبخاصة ان الجانب الكردي له ثقل كبير داخل الحكومة المركزية، من خلال وزير المالية هوشيار زيباري، وكذلك وزير النفط عادل عبد المهدي، الذي يعد من المقربين للقيادات الكردية، وكان له في السابق فصيل مقاتل في كردستان الى جانب البيشمركة، لذا يتمحور الحديث عن منح الصفة الدستورية لأي اتفاقات، تكون ركيزة مستقبلية، لما بعد مرحلة العبادي، او لمن يحاول وضع تفسيرات واولويات، حسب رؤيته الخاصة، أو لأغراض خاصة.
وترى وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، إن حل المشاكل العالقة بين الجانبين لن يتم من دون إقرار قانون النفط والغاز، مشيرة إلى أن الدستور العراقي ضمن حق الإقليم في استثمار ثرواته الطبيعية، وأن وجود 40 شركة أجنبية في الإقليم قانوني.
ويقر الاتفاق الاخير قانونية عمل هذه الشركات من خلال الطلب من الاقليم تسليم الحكومة 300 ألف برميل نفط يومياً، وهذا مستحيل من دون وجود الشركات الاجنبية، التي لها هي الاخرى مستحقاتها.
ويقول المستشار في وزارة الثروات الطبيعية علي حسين بلو، إن عدم تشريع قانون النفط والغاز، يعرقل جهود حل الخلافات بين الطرفين، مشدداً على أن الخلاف بشأن تصدير النفط ودفع نفقات الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم لم يحل بعد، مستبعداً التوصل إلى حل نهائي من دون تشريع قانون النفط والغاز، واعتراف الحكومة الاتحادية بمبدأ تقاسم السلطات والثروة مع الإقليم والمحافظات الأخرى، وتخليها عن إدارة ملف النفط في شكل مركزي وبموجب القوانين السابقة، على حد تعبيره.