تدخل السعودية في اليمن
ناديا شحادة
بعد أن نجح الشعب اليمني في تحرير بلاده من هيمنة السعودية وطرد الفاسدين من السلطة، برز العديد من المؤشرات التي تؤكد أن هذا النجاح لم يرق للجار الشمالي الذي يعتبر اليمن الحديقة الخلفيه له، السعودية عقدت العزم على إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل تاريخ 21 أيلول 2014 تاريخ دخول اللجان الشعبية التي تقودها حركة أنصار الله العاصمة صنعاء. وعبّرت السعودية في 2 آذار 2015 عن أسفها لما وصلت إليه الأوضاع في اليمن، بحسب تعبير مجلس الوزراء السعودي، مبدياً تطلعه إلى أن يكون خروج الرئيس اليمني عبد ربه منصور من صنعاء إلى عدن خطوة مهمة.
يؤكد المتابعون أن أكبر المتضررين من وصول جماعة أنصار الله إلى الحكم هي المملكة السعودية فهي لن تحتمل أي دور لجماعة أنصار الله فحاولت إقصاءهم منذ بداية الثورة في إطار المبادرة الخليجية. وعندما أقدم الحوثيون على إعلانهم الدستوري خارج سياق المبادرة الخليجية مثل ذلك بالنسبة إلى الرياض انتكاسة جديدة ومحاولة لإقصائها عن الساحة اليمنية، ولم يعد لديها ما تملكه في مواجهتم غير التمسك بتلك المباردة وبشرعية هادي. ولكن مخططات السعودية التي باءت بالفشل جعلت المملكة تفقد صوابها فقامت بالعديد من الأدوار في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في استخدام ورقة من أوراقها هي دعم للمجموعات الإرهابية التكفيرية مثل القاعدة التي لم تنتظر كثيراً بعد سيطرة جماعة أنصار الله على صنعاء، فنقذت جماعة أنصار الشريعة ذراع تنظيم القاعدة التهديدات بتفجيرات انتحارية استهدفت تجمعاً حوثياً في 28 أيلول 2014.
السعودية التي تنظر إلى اليمن باعتبارها معركة بينها وبين إيران وتدعم دولة عدن وشرعية الرئيس هادي استخدمت كل أوراقها وآخرها محاولة تقسيم اليمن وجعل عدن عاصمة الصمود وتحولت الوعود الخليجية بدعم الشرعية لهادي ورفض سيطرة أنصار الله على المشهد السياسي إلى أجراءات عملية وجاء ذلك من خلال نقل سفارتها من العاصمة صنعاء إلى عدن وتحريض باقي الدول ليخطو الخطوة نفسها لحماية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي جاءت به المبادرة كرئيس توافقي ووجدت فيه الرجل المطلوب لتصنع منه خط دفاعها الأخير الذي يمكن الرهان عليه في معركتها الكبرى مع خصومها في صنعاء.
ويؤكد المتابعون أن ما تحاول صنعه الدبلوماسية السعودية الآن هو انتزاع الشرعية للرئيس هادي دولياً وخروج هادي من صنعاء وذهابه إلى عدن لا يمكن فهمه إلا في إطار تحرك الرياض لنزع الشرعية عن كل ما تقوم به جماعة أنصار الله ومن عدن بدأت الأزمة اليمنية تأخد طابعاً آخر وتكتسب أبعاداً إقليمة ودولية.
والمتابع للشأن اليمني يدرك الحجم الجماهيري في الجنوب المؤيد للحراك الجنوبي الذي شدد على رفضه نقل العاصمة اليمنية إلى عدن، جاء ذلك خلال لقاء جمع قيادات في الحراك مع المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر في 26 شباط 2015، كما أن فرع القاعدة في اليمن الذي تحاول السعودية استخدامه مجدداً لا يمثل الشعب اليمني على رغم كل الدعم المالي والتسليحي، فالشعب اليمني الذي عانى من الفساد والارتهان للخارج على مدى عقود طويلة عقد العزم على استكمال ثورته وتحقيق أهدافها بالتحرر من الاستبداد والارتهان للخارج، ولا توجد قوة في المنطقة والعالم يمكن أن تحول بينه وبين تحقيق هذه الأهداف المشروعة، فلن يبقى أمام القوى السياسية سوى العودة للتفاوض من جديد حول صيغة دستورية جديدة ومجلس رئاسي ومجلس انتقالي وحكومة أي العودة إلى الإعلان الدستوري للحوثيين.