«سايكس ـ بيكو» جديد في الشرق الأوسط

ناديا شحادة ولمى خيرالله

سياسات متطرفة ومخططات تحمل في جنباتها أدق الاستراتيجيات تستخدم فيها أسوأ الأدوات لتعيث في الدول الخراب، هدفها فوضى خلاقة بامتياز، وجهتها دول الشرق الأوسط وإعادة صوغ الترتيبات.

ترى القوى الغربية أن حدود سايكس بيكو أصبحت مهترئة متآكلة خصوصاً بعد تلاحم محور المقاومة الذي بدأت قدرته تتعاظم في المنطقة، فشعوب دول هذا المحور لا تشترك فقط بالتاريخ والمصير بل في الشهداء أيضاً الذين قدمتهم بلدانهم ولا تزال تقدمهم في سبيل القضاء على الاستعمار، الأمر الذي أثار الريبة والخشية لدى الدول الغربية وعلى رأسهم أميركا و«إسرائيل» فأعادت صوغ سيناريو جديد لإيجاد البديل، لعلّها تتلافى حدثاً عظيماً وتمهيداً لما هو أخبث من سايكس بيكو الذي أفضى حينها إلى إصدار وعد بلفور وأتاح لليهود آنذاك تأسيس وطن في فلسطين عام 1917، فكانت تلك الدول حاضرة في ترتيبات جديدة للمنطقة لصوغ مشروع سايكس بيكو جديد ولكن بأذرع مختلفة متمثّلة بـ «النصرة» و«داعش» التي حاول بواسطتها رسم خطوط خريطته وبات ينظر إليها بأنها «إسرائيل» الكبرى من النيل إلى الفرات…

محور المقاومة يدرك تماماً الخطر الذي يهدد المنطقة من خلال انتشار التنظيمات الإرهابية والهدف الذي تسعى إلى تحقيقه، فالعالم بأسره سلّم بأن التيار التكفيري المتمثل بـ«داعش» بات يمثل تهديداً لأمن المنطقة والعالم عدا «إسرائيل» التي لا ترى فيه شائبة وتلازم الصمت المطبق حيال شتى الأعمال الإرهابية لتلك التنظيمات لا سيما وجود «جبهة النصرة» على حدودها ولم تحرك ساكناً حيالها بل شنّت مروحياتها غارة جوية على تيار المقاومة الموجود لمحاربة تلك التنظيمات الإرهابية في 18 من شهر شباط المنصرم .

تحركات ليست بجديدة على محورٍ رمزه المقاومة يسعى دوماً لكسر وإفشال المخططات الغربية والعدوانية فسطوع نجم حزب الله في المعركة ليس آنياً أو جديداً والتاريخ يشهد حيث استطاع سابقاً كسر شوكة العدو في لبنان عام 1982 وكلل عمله السياسي والعسكري بإجبار الجيش «الإسرائيلي» على الانسحاب من الجنوب اللبناني في 2000، وتصدى له في حرب تموز 2006 والحق في صفوفه خسائر كبيرة، ها هو اليوم في سورية والعراق يحقق المزيد من الانتصارات بالتعاون مع الجيشين السوري والعراقي وهذا ما أشار إليه السيد حسن نصرالله في العديد من خطاباته.

فالمتابع للشأن السياسي يرى أن الانتصارات التي يحققها محور المقاومة على التنظيمات الإرهابية في العراق وسورية، أشعرت الكيان الصهيوني أنه معزول استراتيجياً وعسكرياً، وأن محور المقاومة دائماً يقوم بعمليات نوعية تستهدف الكيان الصهيوني وقواه الاستراتيجية، الأمر الذي أدى إلى حالة من التوتر والإرباك داخل الكيان الصهيوني وجيشه، فجبهات العدو مشتغلة ووسائل إعلام العدو.

فالمقاومة حاضرة دوماً وهي على أهبة الاستعداد لتصنع نصراً أعظم من نصر تموز عام 2006 كما أن الأزمة في سورية لم تشغلها عن أولوية الجهوزية في مقاومة العدو الصهيوني، كما أوضحه حزب الله.

إن السياسات الخبيثة التي تمتهنها القيادات الغربية بذراع صهيوني لتحقيق مشروع صهيو ـ أميركي، تعتمد مشروع حدود الدم الذي وضع عام 1983 وصاغه برنارد لويس المستشرق البريطاني الأصل اليهودي الديانة والأميركي الجنسية، ووافق عليه الكونغرس بالإجماع لتقسيم وتفتيت الدول العربية والإسلامية إلى دويلات على أساس ديني ومذهبي وطائفي وعرقي، بات على أيدي محور المقاومة قاب قوسين أو أدنى من الانكسار والقضاء عليه عبر إلغاء حدود المقاومة وفتح الجبهات بما يضع «إسرائيل» في خبر كان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى