إلى الفتنة المذهبية!
روزانا رمّال
تتعالى أصوات الحرص والمخاوف من المجتمع السياسي الطائفي اللبناني و رجالاته بسبب ما قد تؤول إليه المعارك على الحدود والأزمة السورية من تدهور للوضع الأمني قد يؤدي إلى الفتنة المذهبية والتحريض على الاقتتال بين القرى و البلدات الحدودية المتوترة أصلاً لأكثر من سبب، بحسب الحريصين.
الحريصون هم أنفسهم أمراء الحرب الأهلية وهم يتحدثون عن أهمية تفعيل دور الجيش في أي أزمة يتعرض لها لبنان كي لا يكون تدخل جهات أخرى كحزب الله والموالين له سبباً في وقوع حروب مذهبية بين القرى والبلدات لأنّ حزب الله الشيعي بات يثير النعرات وهو يعمل لحساب إيران، حسب مصدر في 14 آذار.
تشتغل الأوساط السعودية في شكل كبير على متابعة أدق تفاصيل هذه الأجندة و أبرز مهمّاتها المفترضة، حيث لا تألو الأجهزة الإعلامية والاستخباراتية السعودية جهداً في العمل على نشر ثقافة واحدة ووحيدة وهي أنّ كلّ ما يجري في المنطقة يتم بإيعاز إيراني مكرس للتقسيم المذهبي للدول ولفرض المنظور الشيعي على كافة الملفات وتمثل قناة العربية أول أوجه هذا الضخ الفكري المدروس.
وتنشر العربية تقارير مفادها أنّ اتفاقية عقدت بين إيران والنظام السوري تنصّ على إرسال 50 ألف مقاتل إيراني تنوي عبرهم طهران تغيير المعادلة لأنّ الجيش السوري لم يعد قادراً على المواجهة.
تنشر العربية أيضاً تقارير تتحدث عن إعداد عناصر حزب الله في سورية وتتحدث عن قدرات نوعية للحزب وتعلن عن تشكيل ألوية توحي أسماؤها بالانتماء إلى المذهب الشيعي، فتذكر أنها تسيطر على أجزاء كبيرة من سورية والعراق، وابرز هذه الأسماء: «أسد الله الغالب» و«كتائب أبو الفضل العباس».
تنفي تقارير العربية السعودية أي دور للجيش السوري وتركز على إظهار أي تغيير في الواقع العسكري بأنه إنجاز إيراني تهدف من خلاله إلى القول إنّ الشيعة هم من يقاتلون ويتمدّدون.
أما في لبنان، حيث يتحدث حلفاء السعودية وأبرزهم تيار المستقبل عن فتنة مذهبية يأخذ حزب الله البلاد إليها، فيعتبر هؤلاء أنّ عرسال خط أحمر وأنّ أحداً لا يمكنه الدخول إليها، رغم علمهم بأنّ من فيها إرهابيون باعتراف وزير الداخلية اللبناني التابع لفريق «المستقبل» نهاد المشنوق بقوله إنّ البلدة محتلة فيلعب التيار، بعناصره كافة نواباً ووزراء، على العصب المذهبي فيذكر أنّ أحداً لن يقبل بدخول حزب الله إلى عرسال وأنّ أحداً لن يسمح للعشائر الموالية له بالمشاركة لأنّ هناك من سيتصدى لهم أي أهل عرسال.
وفي هذا الإطار، يكتمل مشهد التهديد بالفتنة المذهبية وتحذير حزب الله من مغبة التورط في أي معركة في عرسال لينتشر فيديو يظهر ملثمين يزعمون أنهم من أهالي عرسال ويعلنون عن تشكيل فصيل أو كتيبة مقاتلة اسموها «كتيبة الفاروق عمر» رداً «على تسليح العشائر الشيعية المجاورة»، واعدين أهلهم في عرسال كما وصفوهم بأنهم سيكونون درعاً لهم وأنهم لن يسمحوا بدخول حزب الله إلى المدينة إلا على أجسادهم ولم يكتفوا بذلك، بل ختموا البيان بدعوة «أهلنا» أي أهل السنة في طرابلس وصيدا وبيروت وغيرها من المدن إلى أن ينصروا أهل السنة بعد أن خذلهم الجميع.
إذاً هي صرخة سنية مذهبية تصدح في الأرجاء يقول مصدر مطلع لـ«البناء» إنها تأتي ضمن جوقة التلحين والتأليف السعودية الهادفة إلى إثارة النعرات المذهبية ضدّ إيران والشيعة، حيث يلعب لبنان العصب الأهم في هذا الإطار لأنّ حزب الله هو من صلب نسيج البلاد، وهو الحزب الذي يترجم السياسة الإيرانية في رأيهم. ويضيف: «هذا الفيديو مفبرك من تيار المستقبل ضمن الحملة نفسها ولا قيمة له».
يبقى السؤال الأهم: هل سيأخذ حزب الله البلاد فعلاً نحو فتنة سنية شيعية من دون أن يتحسّس مخاطر جدية ربما تلوح هذه المرة في أجواء البلدات الحدودية والبقاعية؟
التجربة تقول إذا قرّر حزب الله خوض معارك في عرسال أو الجرود وهو يخوضها اليوم إلى جانب الجيش اللبناني أو من دونه فإنها ليست المرة الأولى التي يخوض فيها في شكل مباشر أو غير مباشر معارك داخلية تسفر نجاحاً بدل الفشل المفترض حينها وكانت عملية «صيدا عبرا» خير دليل على أنّ المخاوف كلها ليست في محلها. صيدا التي كان فيها في ذلك الوقت مجموعة الشيخ الإرهابي أحمد الأسير والتي تحوي أكثر المخيمات حساسية والتي تعتبر بؤرة نار قد تشتعل في أية لحظة وهي التي اندلعت المعارك فيها حتى من دون انتظار تغطية سياسية، حسبما أكدت اوساط التيار الوطني الحر لـ«البناء» في هذا الإطار، حيث حكي حينها عن ارتجال من قائد المغاوير شامل روكز لم ينتظر فيه حتى الإجماع للهجوم واستعادة كرامة الجيش اللبناني. وفي المحصلة فإنّ حزب الله والموالين له هم من شاركوا في العملية يداً بيد مع الجيش اللبناني. فهل ستكون عرسال أكثر حساسية وأهمية من صيدا وما تحويه؟ يجيب المصدر: «بالتأكيد لا وكلّ ما يحكى عن الفتن مجرد خيالات.