ماذا يريد المغتربون السوريون ؟
تامر يوسف بلبيسي
شكلت قضية النازحين السوريين إلى الدول الأوروبية حدثاً عالمياً بامتياز، لا يزال بتداعياته وتفاعلاته محور الإعلام العالمي، وربما محور الأحداث التي ستبرز من وراء الستار.
الألم للمعاناة التي يعيشها جزء من أبناء بلدنا هو شعور يعيشه كلّ مغترب، ويقوم إخوتنا من المغتربين السوريين في الدول الأوروبية بما يمليه عليهم واجبهم الوطني بتقديم التسهيلات والسعي لملاقاة موجات الواصلين، والسعي مع السلطات المعنية والجمعيات المهتمّة لتوفير ما يلزم من إغاثة ورعاية واهتمام، ويجمعون التبرّعات من بعضهم البعض ومساعدة الأشدّ حاجة.
خلف الستار يبدو واضحاً أنّ قضية النازحين السوريين تختزن رسائل غضب تركية من رفض العالم لمشروع انتهاك سيادة بلدنا سورية بإقامة ما يسمّونه بالمنطقة العازلة مقابل استيعاب النازحين فيها، فجاء تدفق هذا السيل من المهاجرين إغراقاً للدولة التي تتهمها تركيا بالمسؤولية عن تعطيل طموحاتها بوضع يدها على جزء من سورية وهي ألمانيا، التي قرّرت سحب صواريخ الباتريوت من تركيا نهاية الشهر المقبل عشية الانتخابات التي يبدو أنها لن تكون لمصلحة الحزب الحاكم في تركيا الذي لعب دور المحرّض والمحرّك لتأزيم العلاقات التركية السورية ولجذب الإرهاب إلى سورية وتجميع الحلفاء للحرب على سورية.
هذه مناسبة لنتوجه بالشكر للحكومة والجمعيات الأهلية الألمانية لحسن الوفادة التي لقيها أهلنا، والشكر لتجمّعات المغتربين التي هبّت للقيام بواجب المسؤولية الوطنية والإنسانية.
من تردّدات موجات المهاجرين بدء صحوة الدول الأوروبية لخطورة التهاون مع ما يجري في سورية، فما حذر منه رئيسنا الدكتور بشار الأسد مراراً من أنّ ترك الحبل على الغارب للإرهاب، وما يلقاه من دعم وتشجيع، سيجعل الأزمة السورية مصدر أذى لكلّ قريب أو بعيد في هذا العالم.
حسناً فعلت حكومات أوروبية عدة بإطلاق مواقف تعبّر عن تلمّسها لهذه الخطورة وإدراكها لحجم الترابط بين استقرار سورية واستقرار بلدانها، واقتناعها بأنّ البوابة الرئيسية لهذين الاستقرار السوري والأوروبي هي استعادة الدولة السورية لدورها ومكانتها ومسؤوليتها عن فرض سيادتها على كامل ترابها الوطني، والفوز في حربها على المجموعات الإرهابية، وأنّ التعاون مع الدولة السورية هو الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه كلّ حكومة حريصة على استقرار بلدها وأمن شعبها.
في الوقت نفسه خطت روسيا خطوات أبعد مدى في إدراك هذه المخاطر وما ترتبه من مسؤوليات، فحازت تقدير شعبنا وتحيته كصديق يتبادل مع السوريين مشاعر التقدير والوفاء والتضامن.
مؤشرات تقول إنّ ما بشرَنا به رئيسنا من أننا نقترب من الربع الساعة الأخير من الحرب على بلدنا يصير حقيقة على رغم التصعيد الذي يشهده الميدان، أو ربما بسبب هذا التصعيد يكون الاقتراب أكثر.
مغترب عربي سوري في الكويت
رئيس مجلس إدارة قناة «زنوبيا» الفضائية