تخالف الحلفاء فانتصروا…!

محمد محفوض

«على المستوى السياسي الأمر غير واضح بأن يكون لرفيقنا الشمالي رؤيتنا ببقاء الرئيس الأسد». عبارة أطلقها القائد العام للحرس الثوري الإيراني كانت كافية لإشعال نار التحليل والتحريض في وسائل الإعلام الغربية.

تلقف الإعلام الغربي بصدر رحب تصريحات اللواء محمد علي جعفري التي تزامنت وتصريحات الخارجية الروسية حول عدم حتمية بقاء الرئيس الأسد، واستنفر جهاز الدعاية الأميركية لتكثيف العمل على هذه الجمل ظناً منهم أنها رأس خيط قد يكرّ سبحة الحلف المناوئ.

رغم أن الخارجية الروسية انتقدت تحريف الصحافة الغربية لتصريحاتها بشأن الأسد، والتي أعلنت فيها أن روسيا لا ترى في بقاء الأسد أمراً مبدئياً. وهو ما يعني بالضرورة ما اعترفت به روسيا سابقاً أن مصير الرئيس الأسد ليس من الشأن الروسي بل من شأن الشعب السوري نفسه.

روسيا القطب الصاعد والعضو الدائم في مجلس الأمن لا بد أن تكون سياستها وتصريحاتها تتواءم وحجمها كمقرر في العالم، فالمنابر الدولية بالنسبة لها هي ساحات للديبلوماسية وليس للحرب.. الحرب على الأرض، وعلى الأرض توجد إيران ممثلة بالحرس الثوري وتصريحات قائده النارية.

التصريحات الروسية المثيرة للجدل حول مصير الرئيس الأسد وحتـى حـول الموقـف الكلـي مـن سوريـة ليس الأولـى مـن نوعها:

ميخائيل بوغدانوف له باع طويل في هذه التصريحات التي لطالما تلقفها الغرب لتتكرّس لها ساعات حوار وسجال على الشاشات.

في صيف العام 2013 وقبل ساعات على الضربة الأميركية المفترضة على سورية آنذاك أطلقت روسيا تصريحاً ديبلوماسياً رافضاً للحرب، ومنوهاً بأن روسيا لن تدخل في حرب على الأرض السورية.

لم تتغيّر روسيا… لكن الدب الروسي عاد ليتصرف بعقلية القطب العالمي بدبلوماسيته المثيرة وسياسته الناعمة التي فقدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً منها بتهديداتها المتكررة لإيران قبل الاتفاق النووي وبخطوطها الحمر لسوريا قبل الاتفاق الكيميائي، ليتم لاحقاً الاتفاق مع إيران وتتلاشى الخطوط الحمراء في سورية.

الحال مختلف بالنسبة للدول الإقليمية كإيران وسورية… خصوصاً وأن البلدين يدفعان منذ أربع سنوات فاتورة الحرب بالتالي لا بد وأن تعلو تصريحاتهم بخصوص مواقفهم ليقل منسوب الديبلوماسية المعهود أيام السلم.

ما يحدث بين روسيا وإيران اليوم حدث بالأمس بين سورية وإيران، عندما نشب الخلاف بين حلفاء الدم حول الموقف من حماس والإخوان وحول الموقف من تركيا أيضاً.

بات واضحاً إذاً أن الخلاف لا يُفسدُ للودّ قضية، وإنما لكل دولة حجم سياسي وإقليمي تتصرّف وتتحالف وتصرّح وفقاً له وأن مصالح الحلفاء تختلف أيضاً، ولكن ذلك لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان.

يبقى هذا التحليل الأولي مجرداً، فيما لو لم نأخذ بالاعتبار الأحداث الدائرة حول هذه المواقف، فروسيا تدعو إلى موسكو 3 وهي بحاجة لجذب المعارضة السورية بوجه إيعازات واشنطن للأخيرة بعدم الاستجابة، عبر تصريح الخارجية الأميركية أنه من السابق لأوانه أن تدعو موسكو المعارضة لإجراء محادثات في روسيا.

خمس سنوات من الخلافات الإيرانية الروسية السورية بعيون الإعلام الغربي، كانت نتيجتها قطبية روسية ونووية إيرانية وصمود خرافي لسوريا، فكيف لو اتفقت الأطراف الثلاثة… لا بد أن الخلافات الحقيقية هي في فهم الغرب وليس في تحالف الثلاثة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى