موسكو: سحبنا فائض القوات… والعلاقة مع سورية استراتيجية وليست عابرة
أكدت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان أن القرار الروسي بخفض عديد القوات الروسية في سورية تطور طبيعي لاتفاق وقف الأعمال القتالية.
وقالت شعبان في حديث الى قناة «روسيا اليوم» نشره موقعها الإلكتروني: «إن القوات الجوية الروسية حققت كامل الأهداف المتفق عليها بين الجانبين الروسي والسوري»، مشيرة إلى أن القرار أتى بعد فهم مشترك روسي سوري لطبيعة المرحلة المقبلة وضرورة دعم الحل السياسي للأزمة في سورية.
وفي السياق ذاته، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أنه ينبغي النظر إلى خطوة روسيا ببدء الانسحاب من سورية، كـ»إشارة إيجابية» لوقف إطلاق النار.
كلام ظريف جاء خلال زيارته العاصمة الأسترالية كانبيرا، بعد لقائه نظيرته الأسترالية جولي بيشوب، الذي أكد فيه موقف إيران حول ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي في سورية.
وكان مصدر أمني سوري رفيع كشف لـ «الميادين»، إن «التنسيق والتفاهم على سحب جزء من القوات الروسية تم قبل أيام بين موسكو ودمشق»، مؤكداً أن توقيت الإعلان «كان سياسياً والقيادة السورية كانت على علم بالموعد».
وأضاف المصدر، أن قرار بوتين كان يهدف إلى تعزيز فرص الحل السياسي ويعزز حجة أوباما لممارسة الضغط على الأطراف المقابلة، مضيفاً أن إيران «كانت على اطلاع مسبق بالأمر»، في حين سيتواصل التنسيق السوري الروسي الإيراني «بلا تراجع».
وكان بوتين قد أبلغ الرئيس بشار الأسد في اتصال هاتفي أن العلاقة مع سورية هي علاقة استراتيجية وليست عابرة»، فيما أكدت موسكو للقيادة السورية التزامها الاستمرار في العمليات العسكرية في مواجهة الإرهاب، وفق المصدر.
ولا تزال الأعمال القتالية مستمرة بالتنسيق المشترك ضمن غرفة العمليات في المناطق التي لا تشملها الهدنة، بحسب المصدر الأمني الذي رأى أن سحب جزء من القوات «سيعزز موضوع المصالحات والهدنة وحوار جنيف».
واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن «المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سورية تم إنجازها». وأكد أن «القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق».
من جانبه، قال رئيس ديوان الرئاسة الروسية بوريس ايفانوف» نحن لا نغادر سورية بل نسحب فائض القوات والمعدات»، وتابع: «أقمنا في سورية واحدة من أحدث أنظمة الدفاع الجوي في العالم للدفاع عن قواعدنا».
وقال المتحدث باسم الكرملين إن موسكو «لا تحاول الضغط على الرئيس الأسد عبر سحب قواتها الجوية من سورية، وبالتالي من غير الممكن اعتبار الخطوة الروسية إشارة لعدم رضا موسكو عن موقف دمشق في المفاوضات».
بدوره صرح نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف أن «القوات الجوية – الفضائية الروسية ستواصل ضرب مواقع داعش في سورية»، لافتاً إلى أن المشاركة الروسية الجوية في سورية «أفسدت خطط الإرهابيين بالتوسع في روسيا ودول العالم الأخرى».
وكانت المجموعة الأولى من المقاتلات الروسية عادت من سورية أمس والتي شملت «توبوليف 154» و«سوخوي34»، بحسب وزارة الدفاع الروسية.
وكانت روسيا قد قررت أول من أمس الإثنين البدء بسحب جزء من قواتها الرئيسية من سورية أمس.
إلى ذلك، جددت موسكو والرباط حرصهما على وحدة أراضي سورية، وتسوية أزمتها بالوسائل السياسية، وذلك في أعقاب محادثات القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل المغربي محمد السادس.
وجاء، في بيان مشترك حول تعميق الشراكة الاستراتيجية، صدر في أعقاب المحادثات التي جرت في الكرملين، أمس، أن موسكو والرباط تدعوان إلى تسوية سياسية – دبلوماسية نهائية في سورية، وإلى إطلاق حوار مباشر شامل مع الاعتماد على قرارات مجموعة دعم سورية وقرارات مجلس الأمن الدولي.
وفي السياق، جدد رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني دعم بلاده لسورية وصمود شعبها في مواجهة الإرهاب.
وأعرب لاريجاني، خلال استقباله نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران، عن ثقته بأن النصر سيكون حليف سورية وشعبها وحلفائها.
من جهته، قال المقداد إن خفض عدد القوات الروسية في سورية يأتي في اطار التنسيق بين البلدين وبعد تحقيق انجازات ميدانية مهمة في الحرب المشتركة على الإرهاب.
وكان المقداد أكد بعد لقائه رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية لمجمع تشخيص مصلحة النظام علي أكبر ولايتي، أهمية دور إيران في المنطقة، وقال: «إن دور إيران مهم للغاية، ودورها لا يقتصر على تسوية مشاكل المنطقة، بل يتعداه الى المستوى الدولي، وإن إجراءاتها تتخذها في منتهى الحكمة والدراية ونحن مسرورون لنجاح إيران في تسوية واحدة من أكبر مشاكلها على المستوى الدولي والمتمثلة بالبرنامج النووي».
أما ولایتي فقد قال، إن ایران وسوریة في جبهة واحدة منذ انتصار الثورة الإسلامیة وعلاقاتهما تتأصل یوماً بعد یوم وآثارها مشهودة في كل المنطقة.
وبحسب «إرنا»، أضاف ولایتي أمس خلال لقائه نائب وزیر الخارجیة السوري فیصل المقداد: «إن إیران هي البلد الثاني لأصدقائنا السوریین»، وقال: «إذا لم تتعاون إیران وسوریة والأصدقاء في حزب الله والعراقیین، لكان الوضع في المنطقة مختلف عما هو علیه الآن».
وقال ولایتي: «إن انضمام روسیا الی محور المقاومة، یعد تطوراً أساسیاً في المنطقة»، وأضاف: «أن الأعداء كانوا یهدفون الی تدمیر سوریة التي تعتبر العمود الفقري لمحور المقاومة، لكنهم لن ینالوا مبتغاهم، وهذا یكشف أن الأعداء مستاؤون من الدور الذي یعلبه الشعب السوري في الممانعة أمام الصهاینة».
إلى ذلك، أكد سلام المسلط، المتحدث باسم معارضة الرياض، الاستعداد لإجراء مفاوضات سلام مباشرة في جنيف مع وفد الحكومة السورية.
وقال المسلط في حديث لوكالة «تاس» الروسية أمس: «نحن لسنا ضد المفاوضات المباشرة مع الحكومة، إذ كان ذلك سيجلب الحل للشعب السوري». وأضاف المسلط: «هذا ما نسعى إليه، هذا هدفنا الأساسي، أي حل الأزمة وتحسين وضع الشعب السوري».
من جانبه، أكد نعسان آغا، عضو في معارضة الرياض أن وفدها لا ينوي التوحد مع وفدي موسكو والقاهرة في مفاوضات جنيف.
وقال آغا في حديث لوكالة «انترفاكس» الروسية: «هناك وفد واحد يمثل المعارضة السورية، والآخرون ليسوا معارضين بل إنما أنصار النظام» بحسب تعبيره.
على صعيد ترددات سحب بعض الوحدات للقوات الروسية، أكد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي أن قرار الرئيس فلاديمير بوتين بسحب قوات رئيسية من سورية لن يؤثر في التنسيق الروسي الأميركي حول الأزمة السورية.
وقال بوغدانوف أمس إن «روسيا والولايات المتحدة ستواصلان محاربتهما المشتركة للإرهابيين، بمن فيهم مسلحو تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، مضيفاً أن «المهمات المتعلقة بهذه المحاربة لا تزال ضمن جدول الأعمال بالنسبة لنا وللأميركيين».
وأشار بوغدانوف إلى أن جميع الهيكليات الروسية الأميركية، التي تم تشكيلها لضمان وقف إطلاق النار في سورية ومحاربة الإرهابيين، لا تزال عاملة.
وفي السياق، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن سلاح الجو سيواصل ضرب مواقع الإرهابيين في سورية، بعد خروج الدفعة الأولى من طائراتها العسكرية من قاعدة حميميم العسكرية.
بحسب «هافينغتون بوست عربي»، صرح أحد مساعدي وزير الدفاع الروسي الجنرال نيكولاي بانكوف، بأنه من المبكر جداً الحديث عن «انتصار على الإرهابيين».
وأكد بانكوف أن «الطيران الروسي لديه مهمة تقوم على مواصلة الغارات ضد أهداف إرهابية»، كما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية من قاعدة حميميم شمال غربي سورية.
وأشار بانكوف إلى أن القوات الروسية والسورية تمكنت من «إلحاق أضرار مهمة بالإرهابيين وأربكت تنظيمهم وقوّضت قدراتهم الاقتصادية».
وأحرز الجيش السوري تقدماً جديداً في جبال الهايل غرب تدمر في ريف حمص الشرقي، وذلك تحت غطاء جوي كثيف من الطائرات المروحيّة والحربيّة التابعة للقوات الروسية. بعد سيطرته على تلة الـ900 التي تعد القمة الأعلى في سلسلة جبال الهايل إثر اشتباكات عنيفة مع مسلحي تنظيم «داعش» استخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة وتحت غطاء الطائرات المروحية والحربية للقوات الروسية.
ومع السيطرة على هذه القمة التي يبلغ ارتفاعها 939 متراً، يكون الجيش قد أشرف على السلسلة بكامها فضلاً عن إشرافه على مدينة تدمر ومثلثها.
من جهة ثانية، شنّ الجيش السوري هجوماً من مواقعه في جبل الاستردة باتّجاه حقل التيم في ريف دير الزور، حيث تمكَّن من تطويق الحقل ومحطّة الغاز، والمعهد التقني بعد اشتباكات عنيفة مع عناصر تنظيم «داعش». وتقدم الجيش بعمق 4 كلم في منطقة وادي التيم، حيث سيطر على جزء من الاوتستراد الرابط بين حقل التيم النفطي ومدينة الميادين.