اليمن يصنع انتصاره وتفجير حلب تغطية للهزيمة السعودية
ناصر قنديل
– الحرب على حلب وفيها تطوّر طبيعي لمسارات حروب عديدة، من تلك التي تجري في سورية، وتلك التي تجري عليها، وتلك التي تجري من حولها، لكن هذه الحرب تأتي بطابعها التدميري والإجرامي، بتمويل سعودي مكشوف، يفضحه انسحاب وسلوك جماعة الرياض، السياسي والميداني، لمن بيده السلاح منهم، فيما تشير التقارير الواردة من الكويت إلى تقدّم سريع في التسوية على المسار اليمني.
– خاضت السعودية حربها في اليمن أيضاً تحت عناوين وأهداف وتقاطع مسارات مختلفة، تتصل بوضعها الأمني وموقعها الخليجي، ومكانتها المتهالكة في واشنطن، وسعيها للتأثير على المسار التفاوضي حول الملف النووي الإيراني أملاً بعرقلة التفاهم الذي كان قد وقع بعناوينه الرئيسية، لكنها خاضت هذه الحرب بحسابات سوريّة أيضاً، فكلّ شيء في سورية كان يوحي بتقدّم نحو تثبيت فشل الحرب على الدولة ورئيسها وجيشها، وكلّ شيء يوحي أنّ من يوقع على التفاهم على الملف النووي مع إيران، يعلن يقينه باستحالة الرهان على تغيير موازين القوى الإقليمية ضدّها، وهي الموازين التي تصنع في سورية، وبالتالي فهو يوقع ضمناً على وثيقة نهاية الحرب في سورية بتكريس نصر دولتها ورئيسها وجيشها ولو مع وقف التنفيذ.
– بعد سنة على حرب اليمن تستنفد السعودية جيشها ومالها ومكانتها السياسية، وتحرق أوراقها بسرعة أملاً بحصاد ولو بسيط لمكانة تستشعر تلاشيها، رغم بهارج السجاد الأحمر التي تُفرش لملكها، الذي بات مضطراً للتنقل بين العواصم كرئيس شاب، وهو يتحرك بقوة اصطناعية ويمضي وقته متثائباً تحت تأثير العمر وكمية ما يتناول من العقاقير، وتجد السعودية أنها رغم المكابرة صارت ملزمة بإطفاء نيران هذه الحرب وفق القواعد التي كانت ممكنة قبل شهور ورفضتها، وأنّ التسليم بشراكة يمنية يحتفظ فيها أنصار الله كفصيل ينتمي إلى محور المقاومة بحق الفيتو، صار أمراً فوق القدرة على التعطيل. ويذهب السعوديون إلى الكويت للضغط على جماعتهم اليمنيين لتسهيل التوصل للتسوية، لكنهم يبلعون الموسى وهم يعلمون أنّ مسار الحرب في سورية سيشهد تحوّلات تواكبها مسارات السياسة لتأكيد المؤكد، وضربتان على الرأس تسبّبان العمى.
– ربما يكون الأتراك أشدّ تألماً من الحسم في شمال سورية، ويكون «الإسرائيليون» أشدّ شعوراً بالخسارة من انهيار آتٍ لـ«جبهة النصرة»، لكن السعوديين يحتاجون هذه الحرب الآن، فهم مَن حدد التوقيت بسحب وفدهم من جنيف، واللجوء للتصعيد العسكري وتوسيع نطاق الاشتباكات لمناطق شملتها الهدنة، وبينما تبدو مسارات اليمن السياسية متصلة بقوة وسرعة لإنجاز الاتفاق قبل نهاية أيار المقبل، تبدو السعودية بحاجة لهذه الحرب من اليوم حتى ما بعد ذلك التاريخ، فإنْ أفلح الذين يقاتلون، وفقاً للرهان التركي على الثبات، وصناعة معادلة عسكرية صعبة يكون الربح الإضافي المنشود، وإنْ تحوّلت إلى حرب استنزاف يكون المقعد التفاوضي الإقليمي للسعودية وحليفيها التركي و«الإسرائيلي» من بوابة حلب، وإنْ لقيت «النصرة» مصير «داعش» في تدمر تكون الحرب قنبلة دخانية بدماء السوريين لستر فضيحة الهزيمة السعودية في اليمن.