الأسد لحكومة تحمي الليرة وتكافح الفساد ولحملة عسكرية تحسم حلب
كتب المحرّر السياسي
في خطاب يصحّ فيه أنه خطاب المرحلة الانتقالية، بمفهوم الانتقال الذي حدّده منذ بداية الأزمة، تحدث الرئيس السوري بشار الأسد عن مهمات الانتقال من زمن الحرب إلى زمن السلم، فكاشَفَ السوريين بضرورة تحمّل وتقبّل تبعات وسلبيات الهدنة، باعتبارها فرصة لا يجب تفويتها بسبب ما تتيحه من مكاسب سياسية كبرى من جهة، ومن فرص لحسم عسكري سريع لمواقع هامة كحال معركة تدمر، وكشف الرئيس الأسد عمّا يرافق الهدنة والعملية السياسية من نجاحات خارجية تنتج عن صمود وتضحيات الجيش السوري والحلفاء، وعن إخلاص الحلفاء الإقليميين والدوليين، لكن لا آمال تعقد عليها داخلياً لكون الفريق المقابل هو مجرد دمى لقوى خارجية متخلّفة، ويبقى الرهان على المصالحات كخط ثابت للحل السياسي الداخلي، وعلى النتائج العسكرية التي يجري تحقيقها في الميدان، خصوصاً أن الالتزامات التي يقدمها الأميركيون في التفاهمات الدولية والإقليمية رغم فوائدها السياسية، تبقى بلا ترجمة ميدانية في ظل التغاضي الأميركي عن خطط وممارسات حليفيها التركي والسعودي، اللذين لم يتوقفا عن رعاية التنظيمات الإرهابية وتقديم كل أشكال الدعم لها.
توقف الأسد أمام الاستحقاق الانتخابي، والمرحلة الجديدة التي يفتتحها، مشيراً إلى ما أظهرته خطط السيطرة على أسواق صرف العملات من فرص لحماية الليرة، تتكامل مع ما أظهرته ميادين القتال من فرص لتحقيق الانتصارات، محدداً للمرحلة المقبلة مهمتين راهنتين، حكومة تستثمر على حماية الليرة لحماية المواطن من تجار الحروب وتقود حملة لمكافحة الفساد، واستعداد لحملة عسكرية تحسم وضع حلب وتجعلها مقبرة لأحلام الرئيس التركي رجب أردوغان وآماله.
لبنانياً، وفي الوقت الضائع الذي يمضيه الرئيس سعد الحريري لاعباً على تويتر، يحاول التعليق على الوضع في سورية بما يرضي سعودياً، متردداً في الإقدام على أي مبادرة سياسية، بدأت تتبلور ظاهرة اللاعبين الاحتياط في فرق السياسية اللبنانية، فأعلن قائد فوج المغاوير السابق العميد شامل روكز أنه ليس جزءاً من التيار الوطني الحر مشجعاً ظاهرة التمرّد على الأحزاب التي أظهرتها الانتخابات البلدية، بينما أعلن النائب محمد الحجار أن الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي ليسا من الهيئة التنظيمية لتيار المستقبل، ليبدو أن الساحة السياسية في حال فوضى تفتقد فيها القوى المنظمة السيطرة على العناوين السياسية التي تمتلك الجاذبية في شارعها، ومعلوم أن روكز يحظى بالشعبية الأعلى في صفوف جمهور التيار الوطني الحر بعد العماد ميشال عون بمثل ما يحظى الوزيران المشنوق وريفي بالشعبية الأعلى في جمهور المستقبل بعد الرئيس الحريري، وما يعنيه ذلك من فرص فك وتركيب في الخيارات والاستحقاقات تتأسس على تسويات من خارج التركيبات الحزبية، وتخاطب القواعد الشعبية.
اللجان المشتركة تنتظر الحوار الوطني
بات مؤكداً أن من سابع المستحيلات أن تتوصل اللجان المشتركة إلى اتفاق على قانون جديد للانتخابات. فما أخفقت في تحقيقه اللجنة المصغرة على مدى ثلاث سنوات، ستعجز عنه اللجان المشتركة. ولذلك علقت اللجان المشتركة جلساتها هذا الأسبوع والأسبوع المقبل إلى 22 حزيران الحالي بانتظار أن تلتئم جلسة الحوار الوطني في 21 منه، بعدما كان مقرراً أن تعقد جلستين في الأسبوع الثلاثاء والخميس . وعلى ضوء كيفية تعاطي مكونات طاولة حوار عين التينة حول مشروع الحكومة الميقاتية النسبية على أساس 13 دائرة الذي سيطرحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الجلسة، سيتحدد مسار عمل اللجان المشتركة. فإذا لاقى المشروع صدى إيجابياً عند المتحاورين، ستبدأ اللجان المشتركة في اليوم التالي بنقاشه، لا سيما أن مكوّنات حكومة الرئيس ميقاتي حزب الله، حركة أمل، الحزب السوري القومي الاجتماعي، التيار الوطني الحر، النائب وليد جنبلاط، تيار المرده، وحزب الطاشناق ، وافقوا عليه، وإذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود ستعيد اللجان النيابية إحياء الصيغتين المختلطتين، بعدما تأكد أمس أن هذين الاقتراحين يلفظان أنفاسهما الأخيرة.
النقاشات شائكة
وشهدت جلسة اللجان أمس سجالاً عقيماً حول تقسيم الدوائر، وضرورة اعتماد المعايير واضحة. وفي هذا الإطار أكد رئيس حزب الكتائب لن يقبل بالصيغة الثلاثية المقدّمة من القوات والمستقبل والاشتراكي، فهذه القوى تقاسمت من خلال هذا الاقتراح الحصص والمغانم واعتمدت الاستنسابية، طارحاً الدائرة الفردية مع الصوت الواحد، بينما أبدى النائب احمد فتفت رفضه لطرح الكتائب واعتبر أن نظام الصوت الواحد أشبه بالنسبية المرفوضة من قبل تياره، ودافع عن تقسيمات الصيغة الثلاثية لا سيما عن المعايير التي اعتمدت في تقسيمات بشري والبترون وصيدا. وأكد النائب علي فياض في المقابل أن الهدف من بقاء المقعدين في صيدا على أساس الأكثري قطع الطريق على النائب السابق أسامة سعد وليس الحرص أن تأتي أصوات الناخب السني بالنائب السني. وأكد استعداد حزب الله لأخذ خصوصية الواقع المسيحي والهواجس المسيحية بعين الاعتبار وإيجاد الحلول لتأمين صحة التمثيل وعدالة، لكننا لسنا في اللجان لمعالجة مشاكل السنة والشيعة. وأكدت مصادر نيابية لـ «البناء» أن محاولات الدمج بين الاقتراحين المختلطين باءت بالفشل، مشيرة إلى أن النقاش لا يشهد أي تقدم يذكر منذ الجلسة الأولى، والأمور لا تزال تراوح مكانها، ما يؤشر إلى أن إمكانية التوافق معقدة، فالنقاشات شائكة وصعبة.
بري للحريري: لا للتمديد
وإذ لفتت المصادر إلى «أن القوى المسيحية قلقة من العودة إلى قانون الستين، ولذلك لا يمانع التيار الوطني الحر بالتنسيق مع حليفه حزب الله النقاش في المختلط، شدّدت على أن تيار المستقبل والحزب الاشتراكي يريدان إجراء الانتخابات في أيار 2017 على أساس الستين، وأكثر من ذلك، يفضل تيار المستقبل التمديد للمجلس النيابي أكثر من أي وقت مضى».
وأشارت مصادر نيابية لـ «البناء» إلى «أن الرئيس نبيه بري أبلغ الرئيس سعد الحريري أن الانتخابات ستجري، وليس هناك من إمكانية لأي تمديد جديد للمجلس ولا يوجد أحد في الداخل أو الخارج يستطيع أن يغطّي التمديد».
جونز: الانتخابات الرئاسية بعيدة
وبرز أمس، موقف السفير الأميركي في لبنان ريتشارد جونز من السراي الحكومي الذي يتقاطع مع مبادرة الرئيس بري، حيث بعث برسالة إلى المعنيين بضرورة إجراء الانتخابات النيابية وألا تؤجل، سواء جرت الانتخابات الرئاسية قبل النيابية أو العكس، فالأمر بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية ليس مهماً. المهم هو إجراء هذه العملية ويجب أن تستمر لانتخاب رئيس وإجراء الانتخابات النيابية التي حددت في الربيع المقبل، ونحن نتفق أنه لا يجب الانتظار كل هذا الوقت».
ورأت مصادر مطلعة لـ «البناء» «أن كلام السفير الأميركي لافت ويركن إليه ويعبر عن مرحلة جديدة سينتقل إليها البلد». وذكرت المصادر بكلام السفير الأميركي السابق في لبنان جيفري فيلتمان عن ضرورة إجراء الانتخابات في عام 2005، معتبرة «أن لبنان ذاهب إلى الانتخابات النيابية درّ». ولفتت المصادر إلى أن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها الطبيعي في أيار 2017 ومن الممكن أن تحصل قبل ذلك إذا حصلت تطورات سياسية في المنطقة، قد تساعد على حل المجلس النيابي بناء على القرار الأخير للمجلس الدستوري».
واعتبرت المصادر من ناحية أخرى «أن كلام جونز تأكيد جديد أن الانتخابات الرئاسية لا تزال بعيدة وأن الأجواء لا توحي باقتراب إنهاء الفراغ الرئاسي، لذلك يدعو الأميركي إلى عدم الربط بين الاستحقاقين»، مشيرة إلى أن الغرب بدأ يتعامل مع لبنان أن بالإمكان الاستمرار من دون رئيس، لكنه يتحاشى كلياً الوقوع في فراغ دستوري وسياسي بوجود مجلس نواب غير شرعي أو عدم إجراء الانتخابات النيابية».
وأكد تكتل التغيير والإصلاح بعد اجتماعه الأسبوعي أن «لا تقدم حاسم إلا أننا نناقش في المعايير الميثاقية الحاسمة كي نصل إلى قاسم مشترك، فالأمل معقود على تيار «المستقبل» ليطوّر موقفه لملاقاة الإرادة شبه العامة لنصل إلى قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل». وأشار إلى أن سياسة الانفتاح والاستيعاب لا تزال نهج سياسة عون، نتيجة صموده على الثوابت الوطنية من دون مزاحمة من أحد أو استهداف من أحد للخروج من الأزمة الكيانية الخطيرة».
مؤتمر لـ المستقبل نهاية رمضان
إلى ذلك، تؤكد مصادر في تيار المستقبل لـ «البناء» أن الرئيس الحريري أمام «مجموعة استحقاقات هذا الأسبوع سيظهرها خلال إفطارات رمضانية عدة تبدأ غداً الخميس ويطلق خلالها مواقف من نتائج الانتخابات البلدية والتأويلات التي رافقتها ومن الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب». ولفتت المصادر إلى «أن الحريري سيتحدث عن المؤتمر العام الذي سيعقده تيار المستقبل بعد شهر رمضان لانتخاب المكتب السياسي الذي بدوره سينتخب رئيساً للتيار». واعتبرت المصادر أن كلام الوزيرين نهاد المشنوق وأشرف ريفي لا يعبّران عن موقف تيار المستقبل، لأنهما خارج التنظيم السياسي لتيار المستقبل، ويعتبران من جمهور الرئيس الشهيد رفيق الحريري». وأشارت المصادر إلى «أن الحريري قرأ نتائج الانتخابات البلدية ويعلم أن تراجعاً حصل وأن أسباباً عديدة كانت وراءه. جزء منها نستطيع أن نعالجه، وجزء سنوضحه للرأي العام وجزء آخر غير قادرين على إصلاحه». ونقلت المصادر عن الحريري تأكيده انه «سيضع الجميع أمام مسؤولياته وسيطلق مواقف حتى لو لم تطرب الجميع، وأنه سيشرح التقلبات التي حصلت على مدى 11 عاماً وأسبابها، للبدء من جديد، وتشديده على انه لن يسمح أن يتحول تيار المستقبل تنظيماً متطرفاً».
وكان الحريري أعلن في سلسلة تغريدات «أنّ تيار المستقبل سيشهد انتخابات قريباً وسيكون هناك تغيير». واعتبر أنّ «للجميع الحق في أن يكون طامحاً، ولكن مَن يريد أن يسير بمسيرة الشهيد رفيق الحريري، فهذا الأمر مختلف».
داعش في عرسال
أمنياً، أوقفت قوة من الجيش في منطقة عرسال بعد ظهر أمس، سيارة من نوع فان وضبطت بداخلها عنصرين ينتميان إلى تنظيم داعش، كانا موجودين داخل مخبأ سري في السيارة المذكورة، بهدف الانتقال إلى مراكز الإرهابيين في جرود المنطقة، بحسب ما أعلن الجيش في بيانه. وبوشر التحقيق مع الموقوفَين بإشراف القضاء المختص.