أوباما يحمّل سورية والنصرة مسؤولية الهدنة وكلينتون تتخلى عن دلع السعودية استقالة وزيري الكتائب تكشف التآكل الحكومي… وتفتح باب الاستحقاقات الكبرى

كتب المحرر السياسي

أوروبا وأميركا تحت ضغط هاجس لم يعد ممكناً إخفاؤه، ولا التجاهل لمخاطره، فهو محور السياسة الأول التي تشغل الرأي العام، والذعر ينخر المجتمع ويصيب أجهزة الأمن، والجهل يزيد الخائفين خوفاً، والعجز يحوّل خوفهم إلى هلع، والخطاب السياسي المطمئن أو المتباهي بالإنجازات لا يلقى قبولاً، والحرب على داعش صارت السلعة الوحيدة القابلة للتسويق في مجتمعات الغرب بوصفة لا يملك أحد القدرة على تأكيد نجاحها، وقوامها، إذا فزنا بالحرب على «داعش» سنتمكّن من تخفيض المخاطر في بلادنا، ويبدو هذا الخيار على الطاولة سلاحاً وحيداً بكلّ حال، يلتقي عليه الأوروبيون والأميركيون، فيخرج مجلس الأمن بتفويض أوروبا بليبيا على هذا الطريق، والثمن تسدّده أوروبا اصطفافاً وراء واشنطن في الرقة السورية، بانضمام المانيا بعد فرنسا وبريطانيا، لستر عجز القوى السورية عن تحقيق الإنجازات الموعودة، بينما الجيش السوري يحقق تقدّماً باقترابه من مطار الطبقة العسكري وقطعه طريق الرقة حلب، بينما يخوض معارك شديدة الضراوة في الريف الجنوبي لحلب وخصوصاً على محاور بلدة خلصة.

الحرب على «داعش»، حديث واشنطن الأول، فقد خصّص الرئيس باراك أوباما خطاباً لها، ضمّنه للمرة الأولى شرحاً للهدنة ونجاحها، محمّلاً «جبهة النصرة» مسؤولية مساوية للجيش السوري الذي كان المسؤول الوحيد عن أحداث العنف في سورية لخمس سنوات مضت، وفقاً للخطاب الأميركي، بينما ذهبت المرشحة الرئاسية هيلاري كلينتون للمرة الأولى إلى التخلي عن خطاب الدلع للسعودية وحكومات الخليج، فقالت إنه آن الأوان لتقوم لحكومات السعودية والكويت وقطر بمسوؤلياتها بوقف تمويل مواطنيها للتطرف ووقف تغطية ثقافة ومساجد وأئمة، تحت عنوان التطرف والإرهاب.

لبنانياً ورغم بقاء الملفّ الأمني المالي بتشعّباته متصدّراً للاهتمامات، في ضوء العلاقة بين حزب الله وجمعية المصارف ومصرف لبنان حول القانون الأميركي للعقوبات على الحزب من جهة، والتفجير الذي استهدف بنك لبنان والمهجر من جهة مقابلة، وما يفرضه الأمران من حضور عقلاني للحوار والعلاجات المسؤولة، جاءت استقالة الوزيرين الكتائبيّين من الحكومة، لتكشف حجم التآكل الحكومي والهريان الذي يصيب حالتها في الرأي العام، بحيث لا يعود السؤال عن سبب الاستقالة هو الأهمّ، بل كيف أصبح الخروج من الحكومة ممكناً لحزب كرّس نصف معاركه تاريخياً لنيل حصة وزارية في الحكومة، كلّ حكومة، وايّ حكومة، لو لم تكن الحكومة قد صارت عبئاً شعبياً وفقدت أيّ بريق يتيح تحقيق المكاسب بالوجود فيها، بغضّ النظر عن الأسباب التي يسوقها الكتائبيون للاستقالة، والأسباب المقابلة التي يسوقها الباقون في الحكومة لبقائهم، فالسجال يكشف إجماعاً على أنّ الحكومة مستمرة بقوة البقاء وغياب البدائل، ما أشار وفقاً لمصادر حكومية ضرورة التفكير جدياً بعدم استبعاد إغواء الفكرة لآخرين، ومفاجأة التهاوي التدريجي للبنيان الحكومي، وبالتالي الحاجة لمواجهة حقيقة انّ التعامل مع الاستحقاقين الكبيرين، رئاسة الجمهورية وقانون الانتخابات، لم يعد يحتمل مزيداً من الانتظار.

استقالة المزايدة

لن تعكس استقالة وزيري حزب الكتائب الان حكيم وسجعان قزي أيّ مضمون حقيقي يؤثر على بقاء الحكومة كحالة ممسكة بالبلد، لكن تبقى الاستقالة برمزيتها تؤدّي الى مزيد من التحلّل في واقع المؤسسات، خاصة السلطة التنفيذية، وتحذف غطاء مسيحياً نسبياً عن الحكومة خاصة انّ «القوات» رفضت المشاركة في الحكومة السلامية.

وتؤكد مصادر سياسية لـ«البناء» انّ الاستقالة ليست في جوهرها إلا تعبيراً عن سياسة المزايدة التي يتبعها رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل ومحاولة منه لإضفاء تمايزات شعبوية على مواقفه ومحاولة لتقديم نفسه أمام الرأي العام المسيحي بشخصية المتمايز المنسجم مع طروحاته الذي يرفض لغة البيع والشراء، وهو يخاطب في خياره ثنائية عون جعجع التي تريد أن تحتكر تمثيل الواقع المسيحي على كلّ المستويات. واعتبرت المصادر ان هذه الاستقالة لن تقدّم او تؤخر ما دامت المكونات الحكومية الخمسة تيار المستقبل، حزب الله، حركة أمل، التيار الوطني الحر والنائب وليد جنبلاط لا تزال تشكل قوة دفع لبقاء الحكومة ربطاً بالمعطيات الخارجية. علماً أنّ هذه الخطوة تقاس بحجم التداعيات التي ستحدثها لحظة ما بعد الاستقالة، أما اذا كان رئيس الكتائب يراهن على مخاطبة ودغدغة رأي عام مسيحي لتثميرها لاحقاً في صناديق الاقتراع في وجه الآخرين، فإنّ الأمر مشكوك به لا سيما انّ الرأي العام ليس موضوعياً بمحاكمة الخيارات في هذه اللحظة.

الصفقات المشبوهة

وفي إطار المزيدات السياسية أعلن الجميّل أنّ الحزب قرّر الاستقالة من الحكومة «لانّ لبنان بحاجة الى صدمة إيجابية ولأنّ الحكومة تحوّلت الى رمز هريان ما تبقى من الدولة، والبلد لا يمكنه الاستمرار بهذا الشكل».

وأشار الجميّل في مؤتمر صحافي الى «انّ معركتنا مستمرة ليس فقط على أداء الحكومة انما على أداء طبقة سياسية فشلت وامتهنت التقلبات واللعب بالبلد ووضع مصلحتها قبل مصلحة البلد». وقال: «لم يكن همّهم إيجاد حلول للنزوح السوري ولا همّهم حماية القطاع المصرفي ولا الوقوف إلى جانب البلديات، بل كان كلّ همّهم تمرير الصفقات المشبوهة على مشاريع عليها 100 نقطة استفهام».

جريج: لست حزبياً لأستقيل

وبعد استقالة وزيري الكتائب، يعيّن وزير الصناعة حسين الحاج حسن وزيراً للاقتصاد بالوكالة ووزير الداخلية نهاد المشنوق وزيراً للعمل بالوكالة بحسب مرسوم تشكيل حكومة تمام سلام.

وقال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء»: «لم أستقل من الحكومة لأنني ليس حزبياً، صحيح أنني كنت أنسّق مع الوزيرين قزي وحكيم، ونتخذ المواقف نفسها في مجلس الوزراء، لكنني لا أنتمي الى حزب الكتائب والقرار الذي صدر عن استقالتهما هو قرار حزبي». وتابع: ترك لي الشيخ سامي خيار البقاء في الجكومة او الاستقالة، وأنا فضلت عدم الاستقالة نظراً للظروف التي نمرّ بها وسأكون صوت الكتائب داخل مجلس الوزراء». وإذ لفت إلى «أنّ الحكومة لن تتطرّق في جلسة يوم غد الخميس الى ملف العقوبات الأميركية على حزب الله وأداء المصارف لأنّ هذا الملف خلافيّ وليس وارداً على جدول الأعمال، أشار الى أننا سنبحث في بداية الجلسة في تفجير فردان، مستبعداً ان يُطرح ملف الاتصالات في الجلسة رغم وجوده على جدول الأعمال».

درباس: «أكلت الضرب» بدخولي الحكومة

ورأى وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أننا يمكن أن أجد ألف سبب وسبب للاستقالة، لكنني لا استطيع أن أقوم خطوة كهذه ستوصل الى المجهول اذا كرّت سبحة المستقيلين، فالحكومة تعبّر عن عجز الطبقة السياسية، فلو هذه الطبقة ليست عاجزة لكنا اليوم الوزراء في منازلنا».

وأضاف: «أكلت الضرب» بدخولي الحكومة، لكن لا قدرة لي على الاستقالة لأسباب عديدة أبرزها تضامني مع الرئيس تمام سلام الذي تحمّل ويتحمّل أكثر من كلّ الوزراء»، وتابع: «لن تأتي حكومة الى لبنان أسوأ من هذه الحكومة العقاب».

ورداً عن حديث الجميّل عن الصفقات والإنجازات التي قام بها الوزيران قزي وحكيم، قال درباس: «اذا كان هذا الكلام صحيحاً كان من الأجدر ومن باب أوْلى بالشيخ سامي عدم الاستقالة وتحمّل المسؤولية، وإذا كان هناك من صفقات فهو ليس الوحيد الذي تصدّى لها».

وفي ملف أمن الدولة سأل درباس: «هل الأجهزة الأمنية أصبحت تابعة للبطريركيات»؟ مشيراً الى «أنّ أزمة أمن الدولة ليست طائفية كما يتمّ تصويرها وكلّ ما في الأمر انّ هناك مصاريف يرفض وزير المال صرفها لأنها تتطلب توقيعاً من نائب المدير العام محمد الطفيلي»، مشدّداً على انّ التمديد للطفيلي غير مطروح، وفي حال طرح سيُرفض التمديد له».

واستغرب تكتل التغيير والإصلاح موقف حزب الكتائب اللبنانية بشأن ملف النفايات الذي رفض الانسحاب من الجلسة حين أقرّ قرار إنشاء المطامر». وحذّر التكتل من «سياسة المماطلة والاستنسابية بوضع ملف أوجيرو على طاولة الحكومة»، وقال: «التكتل لن يقف مكتوف الأيدي».

وأكّد التكتل «الحملات التي تطال أشخاص مرتبطين وغير مرتبطين بملف سدّ جنة لن تمرّ من دون محاسبة قضائية لما تضمّنه من افتراء وخسائر فادحة خدمة لأطراف معروفة».

رسائل من سلامة عبر قنوات متعدّدة

أما في ملف العقوبات المصرفية على حزب الله فليس هناك من جديد بانتظار ان يتمّ تحديد موعد الاجتماع الدوري بين وفد حزب الله وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وعلمت «البناء» انّ سلامة عمّم مقابلته مع CNBC على المعنيين بعدما أسيء فهمه، شارحاً أنّ المقابلة التي أجراها تقوم على مقطعين: المقطع الأول تحدث فيه عن إقفال حسابات حزب الله. والمقطع الثاني تحدّث فيه عن شبكات تبييض الأموال والشبكات غير الشرعية ولم يتناول حزب الله مطلقاً. ولفت الى «أنّ الصحافة اللبنانية أخذت المقابلة مجتزأة ودمجت القسم الأول بالقسم الثاني، فبدا انه يتحدّث عن نفس الموضوع. ولذلك وبحسب ما قدّم من توضيحات لم يأت على ذكر حزب الله بأية إساءة وعندما كان يقول عن فئة قليلة تسيء لسمعة الاقتصاد اللبناني كان يقصد الجماعات غير القانونية التي تمارس مهمات تهريب أموال وتبييض أموال وليس عن حزب الله.

وأكدت مصادر مطلعة على لقاءات حزب الله سلامة لـ«البناء» أنّ الحاكم بعث برسائل لحزب الله عبر قنوات متعدّدة، شارحاً حيثيات ما حصل بالتحديد، وانه ليس بوارد الإساءة الى حزب الله ولم يتحدّث في السياسة». وشدّدت المصادر على أنّ مهلة الثلاثين يوماً اعترض عليها حزب الله في الأصل، لكن الحاكم اكد لوفد الحزب أنه اتفق والمصارف شفهياً وليس كتابة على تمديد المهلة لا سيما انه يحق للبنك المركزي ان يمدّد مهلة 30 يوماً لدراسة الملف.

ولفتت مصادر عليمة لـ«البناء» الى أنّ توضيح الحاكم لا يلغي معاني الاشتباك، مشيرة الى «انّ سلامة يحاول على ضوء الذي حصل إعادة ترتيب الأمور بطريقة يبقي فيها نفسه بموقع الحكم النزيه، وهذا يتطلب عملاً بما يتجاوز التوضيح على أهمية التوضيح في الشكل، فالمضمون يأتي لاحقاً».

واذ شدّدت المصادر على انّ الحكومة مقصّرة في هذا الملف، وهذا ما عبّر عنه بيان الوفاء للمقاومة الأسبوع الماضي، لفتت المصادر الى «أنّ وضع الحكومة هشّ لدرجة انها لا تتحمّل عناوين تفجيرية»، معتبرة في الوقت نفسه «أنّ طرح الموضوع في الحكومة لن يقدّم أو يؤخر، فالمعالجات تجري على مستويات أعلى بين الرؤساء»، علماً أنّ النقاش في هذا الملف يتطلب حدّاً أدنى من الارضية المشتركة، او نكون قد أضفنا عنواناً تفجيرياً على الملفات».

واعتبرت كتلة المستقبل «بعد اجتماعها الأسبوعي «أن الحملة الإعلامية والسياسية العنيفة التي شنّها ويشنّها حزب الله وبعض الإعلاميين المقرّبين منه والمحسوبين عليه والتي تستهدف مصرف لبنان والقطاع المصرفي اللبناني، هي التي أتاحت المجال ومهّدت الطريق والأجواء الملائمة لارتكاب الجريمة الإرهابية في فردان».

لجنة الاتصال تجتمع اليوم

وفيما لا يزال مجلس الوزراء معتكفاً عن تخصيص جلسة لملف الاتصالات والانترنت غير الشرعي تحت حجج واهية، تارة تحت ذريعة ملف سدّ جنة، وتارة أخرى بسبب غياب وزير الاتصالات بطرس حرب، مع أرجحية ان لا تأتي جلسة الخميس على ذكر الموضوع، تجتمع لجنة الاتصالات اليوم برئاسة النائب حسن فضل الله وحضور الوزراء المعنيين لاستكمال البحث في ملف الانترنت غير الشرعي. وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أنّ وزير الدفاع الوطني سمير مقبل سيؤكد في الجلسة انّ الجمارك لم تطلب من الجيش المساعدة في التدقيق في ايّ معدات دخلت لبنان»، وأنّ الوزارة التي ليس لديها أية معلومات في المحطات الشرعية بطبيعة الحال لن يكون لديها معلومات عن المحطات غير الشرعية».

باسيل: لا لإدماج السوريين في المجتمعات المضيفة

الى ذلك، واصل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل زيارته الرسمية للنروج، وأجرى في اليوم الثاني، سلسلة لقاءات مع نظيره النروجي بورغ براندي ووزيرة الهجرة والإندماج النروجية سيلفي ليزهاوغ ومع ممثلين عن لجنتي الخارجية والدفاع، وبحث معهم في موضوع أزمة النزوح السوري في لبنان وتداعياتها عليه ومساهمات النروج في هذا الاطار.

كما جرى التطرق الى مسألة الهجرة غير الشرعية الى الدول الأوروبية والتحديات التي تواجهها، لا سيما دولة النروج. وعرض لمشروع «Step» الذي أطلقته وزارة الخارجية من أجل مساعدة النازحين من خلال توظيفهم في مشاريع زراعية تمهيداً لعودتهم الى وطنهم. وأعرب عن «رفض لبنان لأيّ سياسة دولية مع ترجماتها المالية تشجع على إدماج السوريين في المجتمعات المضيفة لهم، إنما تشجيعهم على العودة الى بلادهم من خلال البرامج التي تسهّل ذلك».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى