تهريبة تفجير فردان
حسين حمّود
هزّ تفجير فردان الذي استهدف بنك لبنان والمهجر مساء الأحد الماضي لبنان بطبقته السياسية وأجهزته الأمنية وأحزابه وفاعلياته ولا سيما المصرفية. وصدرت بيانات ومواقف ندّدت بهذا التفجير الآثم محذرة من ضرب القطاع المصرفي، معتبرة أنه الوحيد من المؤسسات المدنية التي ما زالت واقفةً على قدميها ومحافظةً على استقراراها وسط «الخراب العام» الذي يضرب كلّ مؤسسات الدولة ومنظوماتها السياسية والاقتصادية.
ومع ذلك لم يفت «قوى 14 آذار» الاصطياد في ماء الفتنة بالقفز مجدّداً فوق التحقيقات متهمةً غمزاً أو تلميحاً أو حتى علناً، حزب الله بارتكاب الجريمة على خلفية «رغبته بالانتقام من المصارف» لأنها سارت في ركب العقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الحزب للتضييق على نشاطه المقاوم لمشاريعها الاستعمارية في المنطقة واستطراداً زعزعة قدرة الحزب على مواجهة «إسرائيل».
مضبطة الاتهام للحزب، إذن، كانت جاهزة ومحضّرة مسبقاً وكأن أصحاب المضبطة كانوا على علم مسبق بحصول التفجير، بدليل ما تردّد عن تعطّل الكاميرات المحيطة بالمصرف المستهدف، وبالتالي تعذّر التقاط صورة له تكشف عن هويته.
إضافةً إلى أنّ التفجير تزامن مع كشف تقرير أمني أنّ فريقاً استخبارياً أميركياً موجود منذ فترة في السفارة الأميركية في عوكر من دون توضيح هويات أعضاء الفريق والمهمة المكلفون بالقيام بها في لبنان. وبالتوازي أيضاً عاد الحديث عن لائحة اغتيالات يزمع تنظيم إرهابي تنفيذها وتضمّ أسماء بارزة.
وبصرف النظر عن صحة هذه المعلومات أم لا، كان الأبرز في تداعيات تفجير فردان، هو تأييد رئيس الحكومة وبعض أعضائها سياسة مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة في ما يتعلق بالعقوبات الأميركية على حزب الله ومنحوه الثقة التامة في كلّ ما يقوم به في هذا الإطار، إنْ على صعيد التعاميم التي يصدرها للمصارف في هذا الصدد أو في الإجراءات التي يتخذها المصرف المركزي. وكلّ ذلك حصل بعيداً عن مجلس الوزراء مجتمعاً، ولا سيما في ظلّ الشغور في رئاسة الجمهورية.
وهنا يصحّ التساؤل عن سبب عدم تولي الحكومة مجتمعة هذا الموضوع، أيّ اتخاذ موقف من العقوبات الأميركية، مؤيد أو معارض، على شريحة كبيرة من اللبنانيين؟ ولماذا تمّ «تهريب الثقة» إلى حاكم المركزي تحت غبار التفجير الذي استهدف مصرفاً بالذات؟ و ما هو الموقف الذي ستتخذه الحكومة في أول اجتماع لها، وبحضور وزراء حزب الله، من هذا الموضوع؟ وهل لبنان أمام سيناريو أميركي لفرط الحكومة السلامية ومعها السلم الأهلي الهشّ أصلاً؟
بانتظار الأجوبة في مقبل الأيام، انتقد خبراء اقتصاديون موقف مصرف لبنان المنفذ للقرارات الأميركية التي تستهدف حزب الله وجمهوره. واستغربت في هذا السياق قرارات إقفال مئة حساب لأشخاص ومؤسسات قيل انها قريبة من حزب الله، متسائلةً كيف تحقّق حاكم المركزي من هذا الأمر؟ ولمَ لا تعلن نتائج «التحريات» التي يفترض أنها جرت للتأكد من إرتباط الذين أقفلت حساباتهم بالحزب.
الأوساط فسّرت سلوك حاكم المركزي برغبته في البقاء في منصبه بغطاء أميركي بعد استحالة وصوله إلى رئاسة الجمهورية لكثرة المعترضين عليه ورفضهم انتخابه رئيساً للدولة.
إلاّ أنه يبقى في هذا المجال، أنّ كلام حزب الله هو الفاصل في موضوع التعاطي مع العقوبات الأميركة والجهاز المصرفي ككلّ وما هو المطلوب من الحكومة في المرحلة المقبلة.