«داعش» يضرب في السعودية ومحاولات إعلامية فاشلة لاتهام إيران لبنان: تأجيل سياسي وتقدّم في ملف النفط والأمن ينتظر القرار
كتب المحرر السياسي
كشفت مصادر إعلامية روسية لـ «البناء» عن حدوث تقدّم في المحادثات التي تجري بين موسكو وواشنطن لصياغة تفاهم حول الشراكة في الحرب على داعش والنصرة، كعنوان للحرب على الإرهاب، وأشارت إلى أنّ الخبراء العسكريين تمكّنوا من رسم خارطة ملوّنة للانتشار العسكري للجماعات المسلحة في سورية في المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، فسمّيت المناطق «أ» ولوّنت باللون الأخضر المناطق الصافية لكلّ من تنظيم داعش وجبهة النصرة، والتي لا تداخل فيها مع أيّ جماعات مسلحة، والمناطق «ب» تلك التي تعود للمعارضة المسلحة التي قاتلت ضدّ داعش والنصرة، ولوّنت باللون الأحمر، وسُمّيت المنطقة «ج» ولوّنت بالأصفر تلك التي تنتشر فيها جماعات مسلحة لم تقاتل داعش والنصرة، أو قاتلت إلى جانب أحدهما، أو المناطق المختلطة بين داعش أو النصرة وأيّ من جماعات مسلحة يمكن تصنيفها ضمن المعارضة، وتمّ الاتفاق على تحييد المناطق «ب» من الاستهداف، والتوافق على تثبيت وتنشيط الحرب لتحرير المناطق «أ» وتشكيل آليات لكلّ من الحالتين، ومواصلة العمل اليومي السياسي والعسكري والأمني لضمّ أجزاء من المناطق «ج» إلى كلّ من المنطقتين «أ» و «ب» ضمن مهلة تنتهي نهاية هذا الشهر، بينما يجري العمل منذ تاريخه بالتفاهم في المنطقتين « أ» و «ب».
في هذه الأثناء تبدو الحرب على داعش عنواناً يتّسع للمزيد من المتردّدين، فبعد الضربات المؤلمة والموجعة للتنظيم في كلّ من تركيا والعراق وبنغلادش، شهدت السعودية تفجيرات متلاحقة في مدن القطيف وجدة والمدينة المنورة، وبينما كثف الإعلام السعودي نشاطه لتوجيه أصابع الاتهام نحو إيران، منظماً حملات استجلب لخوضها كلّ رموز الصحافة والدين والسياسة السعوديين والمؤيدين للسعودية، لتقديم مبرّرات وصياغة مسوغات تتيح اتهام إيران، حتى تمّ التعرّف على جثة مفجر جدة الانتحاري، وهو أحد الواردة أسماؤهم على لوائح المطلوبين لوزارة الداخلية السعودية بتهمة الانتماء لتنظيم داعش، وهو شاب سعودي في الثامنة عشرة من عمره، اسمه عبد الهادي عمر العتيبي.
التفجير في السعودية بعد تفجيرات تركيا والعراق وبنغلادش كشف طبيعة الاستراتيجية الجديدة لداعش بنقل الحرب إلى عواصم ومدن دول العالم، وفرض على الجميع الاختيار بين مواصلة النزف، أو المسارعة إلى مقاربة أولويات ومتطلبات الحرب على الإرهاب، بعيداً عن الاستنساب والحقد، والمصالح الفئوية الضيقة.
في لبنان، لا تبدو هذه الدعوة لنظرة مسؤولة لملف الإرهاب موضع توافق لبناني عام، حيث لا يزال الانقسام السياسي قادراً على توظيف المعركة مع الإرهاب، في خنادق المواجهات الداخلية، ويبقى حتى ذلك الحين سقف القرار السياسي الذي يتحرّك الجيش والقوى الأمنية تحته دفاعياً وموضعياً في حال التعرّض للهجوم، بلا خطة ورؤية واضحتين، تقولان كيف يمكن للبنان الخلاص وبأيّ أدوات وتفاهمات ومقدّرات، بينما السياسة مؤجلة، والتفاهم النفطي يقدّم نافذة ضوء يفترض أن تتقدّم على طاولة مجلس الوزراء.
الأمن في دائرة الإهتمام
رغم دخول البلاد في عطلة عيد الفطر وما تفرضه من استرخاء على المشهد السياسي لتعود الحركة السياسية مطلع الأسبوع المقبل، لا يزال الخطر الأمني في دائرة اهتمام المعنيين في ظل تدابير وإجراءات مشددة تتخذها الأجهزة الأمنية لاسيما خلال فترة العيد. وفي السياق، واصل الجيش اللبناني إجراءاته الاحترازية بقاعاً من خلال عمليات المداهمة في مشاريع القاع، بعد مصادرة جميع الدراجات النارية من النازحين واعتقال أشخاص من المشاريع لعدم حيازتهم أوراقاً ثبوتية، فيما شهدت جرود عرسال اشتباكات صباح أمس بين تنظيمي «داعش» و«النصرة»، إثر قيام «داعش» باحتلال حاجز للنصرة في منطقة الملاهي في جرود البلدة.
تغيير في أسلوب عمليات «داعش»
ودعت مصادر عسكرية لـ «البناء» إلى الحذر في الأيام المقبلة، لأن تنظيم «داعش» لا يميز في عملياته الإرهابية بين المناطق ولا بين الطوائف ولا يوفر أي فرصة حتى في المناسبات حيث التجمعات السكانية، ولفتت إلى «تغيير في أسلوب عمل التنظيم من العمليات العسكرية إلى العمليات التفجيرية كما حصل في بنغلادش والقاع ومطار أتاتورك ما يدل على المنحى التراجعي الذي يتسم به عمل التنظيم ولجم اندفاعته. وحذرت المصادر من وجود خلايا نائمة في أكثر من منطقة، لكنها طمأنت إلى أن «الجيش اتخذ منذ فترة إجراءات أمنية مشددة ويبذل جهوداً كبيرة لا سيما في اليومين الماضيين وتحديداً داخل مخيمات النازحين والأماكن المشبوهة، وذلك في إطار الخطة الأمنية التي اتخذتها الأجهزة التي تشمل جميع المناطق اللبنانية»، مضيفة إلى أن «ذلك لا يلغي احتمالات تنفيذ عمليات انتحارية أو تفجير سيارات مفخخة، لكن لا داعي للهلع والخوف لا سيما في ظل اليقظة الأمنية الرسمية».
قرار دولي بإنهاء «التنظيم»
وعن الاشتباكات المسلحة بين تنظيمي «داعش» و»النصرة» في الجرود، أشارت المصادر إلى وجود قرار دولي بالقضاء على «داعش» في ظل التغير الذي طرأ على السياسة التركية تجاه داعش، ووبالتالي تريد هذه الدول إيجاد بدائل لا سيما أن «النصرة» جزء من منظومة إقليمية دولية مختلفة عن «داعش» التي تتحكم بها تركيا إلى حدٍ كبير، أما النصرة فتأتمر بأوامر السعودية، لذلك يتم العمل على توسيع دائرة سيطرة النصرة في سورية والجرود الحدودية مع لبنان».
سلام: المعركة مع الإرهاب طويلة
وفي رسالة تهنئة بالعيد الى اللبنانيين، أكد الرئيس سلام أن «المعركة مع الإرهاب طويلة، ومن شروط الانتصار فيها عدم الاستسلام للهلع الذي يريد الإرهابيون زرعه في نفوس اللبنانيين، أو الانقياد للفتنة التي يسعون منذ سنوات إلى جرّ البلاد إليها»، مشدداً على أن «المعركة تستدعي تحصين الاستقرار بمناخ سياسي وطني ملائم، يُشكّل انتخاب رئيس الجمهورية ركيزته الأولى».
كرة النفط في ملعب سلام
وفي سياق آخر، وبعد الاجتماع الإيجابي بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل بحضور وزير المالية علي حسن خليل، باتت كرة ملف النفط في ملعب الرئيس سلام الذي سيدعو اللجنة الوزارية المختصة في هذا الملف للاجتماع للتحضير لإقرار المراسيم في مجلس الوزراء المتعلقة باستثمار الثروة النفطية.
وأكدت مصادر عين التينة لـ «البناء» أنه تم الاتفاق خلال اجتماع بري باسيل على خطة سير نهائية في مسار استثمار الثروة النفطية، حيث إن رئيس الحكومة تمام سلام اشترط في الجلسة الأخيرة لطاولة الحوار الوطني التوافق بين الأطراف السياسية قبل دعوة اللجنة الوزارية المختصة في الملف. وبالتالي اليوم بات الملف عند الرئيس سلام، إما دعوة اللجنة الوزارية المختصة بملف النفط، وإما عرض الملف على مجلس الوزراء لإقرار المراسيم المختصة ومشروع القانون الضريبي لتتبعه ورشة عمل نيابي على مستوى اللجان النيابية ثم الهيئة العامة وبعدها يسلك الطرق القانونية بإطلاق إدارة هيئة قطاع النفط دعوة للتلزيم وبعدها تنطلق دورة التراخيص وطرح المناقصة على الشركات الدولية. وهذا الأمر قد يتطلب أشهراً عدة إذا سار في الطريق الصحيح وبحسب الخطوات السليمة».
بري مرتاح ومتفائل
ونقلت المصادر عن بري ارتياحه وتفاؤله إلى حد كبير ولمسه إيجابيات كبيرة بعد لقائه مع باسيل، مشددة على أن «التوافق تمّ بعد إدراك جميع الأطراف لخطورة استمرار المماطلة وإدارة الظهر لاستثمار الثروة النفطية والغازية، وفي ظل الأطماع الإسرائيلية وتقرير هيئة قطاع النفط عن وجود بلوكات متداخلة مع فلسطين المحتلة وقبرص ما يتطلب الإسراع في استثمار هذه الثروة النفطية»، مرجحة أن تمضي الحكومة في إقرار المراسيم في وقتٍ قريب، مشيرة إلى أن «جميع الأطراف أبدت إيجابية تجاه ضرورة استكمال هذا الملف حتى النهاية بما يضمن مصلحة لبنان».
هل ينسحب التفاهم على القضايا السياسية؟
وأوضحت المصادر أن «العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر لم تكن في أي وقت مغلقة أو مقفلة، بل كان النقاش مستمراً وقنوات التواصل قائمة بين الطرفين سواء عبر رئاسة المجلس أو كتلة التنمية والتحرير أو حركة أمل، خصوصاً على طاولة الحوار الوطني، لكن النقاش والتفاهم خلال الاجتماع بين بري وباسيل لم يتعدّ موضوع النفط، مرجحة انسحاب التفاهم على هذا الملف على ملفات أخرى، مؤكدة استمرار التواصل والنقاش والاتصالات حول المواضيع والقضايا السياسية المطروحة بما يخدم مصلحة الوطن».
.. «النفط» إلى التنفيذ
وقالت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ «البناء» إن التفاهم بين التيار الوطني الحر وحركة أمل محصور حتى الآن في موضوع النفط، وإن كان التواصل مستمراً في ملفات أخرى، موضحة أن الظروف الاقتصادية الضاغطة والمخاوف من شروع إسرائيل باستغلال مواردنا النفطية دفع الطرفين إلى تجاوز الخلافات ووجهات النظر المختلفة والتفاهم على هذا الأمر لمصلحة كل اللبنانيين وليس لمصلحة خاصة، فضلاً عن مباركة من الرئيس سلام الذي يمثل الفريق الآخر، وشددت على جدية الطرفين في إنجاز هذا الملف حتى النهاية والكلام الصادر عن الطرفين ليس كلاماً في الهواء بل يتجه نحو التنفيذ.
ونقلت المصادر عن الوزير باسيل تلمسه إيجابية خلال الاجتماع وجدية في التنفيذ وتعويله على أن يشمل هذا التفاهم مجمل الملفات العالقة بين الطرفين لا سيما الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخاب، خصوصاً أن الظروف مؤاتية للتسويات في بعض الملفات». ولفتت إلى أن «الخلاف بين الطرفين حول ملف النفط اقتصر منذ البداية على أن فريق الرئيس بري يريد طرح كل البلوكات على التلزيم دفعة واحدة أما فريق التيار فيريد التلزيم بشكل تدريجي والبدء بالبلوكات الأقرب إلى المساحة الحدودية المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل وذلك بهدف تثبيت حق لبنان في ثروته».
معطيات رئاسية جديدة…
وعلى صعيد آخر وعشية زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لبيروت في 11 و12 الجاري دفعاً للجهود الرئاسية المحلية قدماً وبحث ملف النزوح السوري، أكدت المصادر أن معطيات إيجابية جديدة محلية وإقليمية ودولية تقاطعت تشي بانفراجات على الصعيد الرئاسي، وتصبّ في رفع أسهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في الرئاسة.