روسيا تردّ على مقتل طيّاريها في تدمر بغارات من قاذفات استراتيجية
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في أن يتميز الحوار مع أنقرة حول تسوية الأزمة السورية بصراحة أكثر، بفضل تطبيع العلاقات الروسية-التركية، مؤكداً أنه من شأن تطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة التأثير بشكل إيجابي على الوضع العام في منطقة الشرق الأوسط. وأردف قائلاً «إنني آمل في أن ذلك سيساعدنا في البحث عن مقاربات مشتركة لتجاوز الأزمة السورية بفعالية أكبر، على الرغم من أنّ مواقف روسيا وتركيا غير متطابقة على الإطلاق فيما يخص هذه الأزمة».
لافروف تابع في معرض تعليقه على اجتماعه الأخير بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو في شوتشي في أواخر الشهر الماضي، أنّ الحوار خلال اللقاء حمل طابعاً صريحاً، وهو ما يبعث على الأمل في تقليص عدد المواربات لدى التعامل مع الشركاء الأتراك، مضيفاً «أننا سنحاول العمل بصورة أكثر صراحة للتوصل إلى اتفاقات بشأن تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي والمجموعة الدولية لدعم سورية».
كما أعرب الوزير الروسي عن قلقه من تباطؤ المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية في جنيف، وقال «إننا قلقون مما يبديه ستفان دي ميستورا من التقاعس في الوفاء بالتزاماته المتعلقة بالدعوة إلى إجراء جولة جديدة من المفاوضات السورية، وما يطلقه من تصريحات عن ضرورة أن تتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى كيفية إدارة الشؤون المتعلقة بالتسوية السياسية في سورية، إذ يلوح بأن الأمم المتحدة وأمانتها لن تجريا جولة جديدة من المشاورات السورية إلا بعد التوصل إلى مثل هذا الاتفاق»، مشدداً «إنه موقف غير صائب».
الدبلوماسي الروسي أعاد التأكيد على أنه لا يحق لأحد باستثناء السوريين أنفسهم، تحديد مستقبل بلادهم، مضيفاً «ولا يمكن للسوريين أن يحققوا ذلك إلا إثر تحديد مصير المفاوضات».
وأضاف أنّ على اللاعبين الخارجيين، ولا سيما روسيا والولايات المتحدة بصفتهما الرئيسين المتناوبين لمجموعة دعم سورية، أن يؤثروا على عملية التفاوض السورية، ليحثوا الأطراف السورية على تبني مواقف بناءة والبحث عن حلول وسط.
هذا و أكد لافروف أنّه سيعمل خلال محادثاته المرتقبة مع نظيره الأميركي أثناء زيارة الأخير إلى موسكو يومي 14 و15 تموز، من أجل صياغة نهج مشترك يعتمد على المبادئ الواضحة الخالية من أيّ ازدواجية والمسجلة في قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن سورية.
وأضاف أنّ موسكو وواشنطن ستعملان مع دي ميستورا لحمله على المثابرة في أداء مهامه. وفي الوقت نفسه قال إن الجهود الروسية – الأميركية المشتركة في هذا السياق، لا يمكن أن تحل محل المفاوضات السورية.
وحذّر لافروف من أنّ الأحاديث عن تبديل مفاوضات جنيف بالمشاورات الروسية – الأميركية تبعث بإشارات ضارة للغاية إلى المعارضة السورية، وتحديداً لهيئة المفاوضات العليا المنبثقة عن قائمة الرياض، والتي تطرح دائماً إنذارات وهي تطالب برحيل بشار الأسد وتحديد «مواعيد قصوى ما» للعملية السياسية.
وبشأن محادثاته المرتقبة مع كيري، قال لافروف إنّه سيبحث مع نظيره قضية خروقات الهدنة في سورية من قبل التنظيمات المنضوية تحت لواء «جبهة النصرة» على الرغم من ادعاءات تلك التنظيمات الالتزام بنظام الهدنة.
وأردف قائلاً «إننا مصممون على ضمان تنفيذ نظام وقف الأعمال القتالية بمراعاة تامة للاتفاقات المسجلة في القرار الصادر من مجلس الأمن الدولي بهذا الشان، وتحديداً فيما يخص استثناء «داعش والنصرة» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، المدرجة بهذه الصفة ضمن قرارات مجلس الأمن، من نظام وقف إطلاق النار».
وأوضح أنّ القضية الرئيسية التي تعرقل تنفيذ الاتفاقات بهذا الشأن، تكمن في أنّ النصرة «تتلون كالحرباء» ، ولا سيما في ريف حلب، وتنشئ حولها تنظيمات أخرى تدعي بأنها غير تابعة لها وتجاهر باستعدادها للانضمام إلى نظام الهدنة، بموازاة تحالفها الميداني مع النصرة.
وفي السياق، أعلن دميتري بيسكوف، السكرتير الصحفي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الكرملين يدرس إمكانية عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الأميركي خلال زيارة الأخير القادمة إلى موسكو.
جاء ذلك في وقت، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية مقالاً أكدت فيه أن موقف جون كيري من جماعات إرهابية مثل «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» في سورية يقترب كثيراً من الموقف الروسي.
و رأت الصحيفة أنّ كيري وربما بطريق الصدفة أو بالخطأ، وصف بالمجموعات الإرهابية الفرعية، منظمتين من المعارضة السورية وبالذات «جيش الإسلام» و»أحرار الشام» وحدث ذلك في الشهر الماضي في مؤتمر في آسبن بولاية كولورادو .
ونوهت الصحيفة بأنّ بعض ممثلي الإدارة الأميركية، وصفوا هذا التصريح بغير اللبق ويحمل في طياته الضرر لجهود الحكومة الأميركية الخاصة بإقناع السلطات السورية والروسية بعدم مهاجمة هذه المجموعات.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في البيت الأبيض قوله «على مدى عدة شهور قدمنا الحجج لإقناع روسيا والنظام السوري بعدم مساواة هذه التنظيمات بالجماعات الإرهابية ولكن كيري تراجع عن هذا الموقف».
ولكن مصادر في الخارجية الأميركية، أعلنت أنّه لا يوجد أيّ تغيير في العلاقات والموقف نحو المعارضة السورية. وقال رئيس الخدمة الصحفية في الوزارة جون كيربي للصحيفة «الوزير فقط حاول وصف كل التعقيد الموجود في الوضع في سورية وأشار إلى أننا لا نتجاهل المعلومات حول أن بعض المقاتلين خانوا القسم».
وأضافت المقالة «ولكن حتى لو كان ما قاله كيري زلة لسان، فإن بعض المجموعات المعارضة السورية، ترى أن ذلك عبارة عن مثال يدل على أن إدارة أوباما تسير بشكل تدريجي ولو ببطء، نحو لقاء الموقف الروسي الذي يتضمن تصوير كل الفصائل المسلحة المعارضة كإرهابية».
في غضون ذلك، دعا «الائتلاف المعارض» مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي يدرس فيه مصير قراراته حول سورية.
ونقل عن رئيس «الائتلاف» أنس العبدة قوله أنه «يجب أن يعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً يدرس فيه مصير قراراته حول سورية.. لِمَ لَمْ تُطبَّق؟ من خرقها؟ ومن رفض؟»، مضيفاً أن «الالتزام بعملية السلام في سورية يقتضي توفير كل مقومات النجاح لها.. وفي المقدمة منها وقف القتل والقصف وفك الحصار».
كما حمل العبدة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية، مسؤولية عدم توفير البيئة المناسبة لإنجاح المفاوضات السورية.
إلى ذلك، أعلن السفير السوري لدى روسيا رياض حداد، أمس، أنّ زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم لموسكو من المتوقع أن تكون مع حلول نهاية تموز الجاري، وقال «موعد الزيارة لم يحدد بعد، ولا زالت هناك إجراءات قليلة يجب إنجازها ومن ثم سيأتي معالي الوزير.. لكن من المقرر أن تكون في موعد قريب».
ميدانياً، أفادت وزارة الدفاع الروسية بأنّ 6 قاذفات انطلقت من الأراضي الروسية قصفت، أمس، مواقع لتنظيم «داعش» الإرهابي بذخائر انشطارية شديدة الانفجار، ودمرت معسكراً ميدانياً كبيراً و3 مخازن أسلحة وذخائر شرق مدينة تدمر وفي السخنة وآراك في سورية.
وأوضح بيان صادر عن الوزارة، أنّ قاذفات بعيدة المدى من طراز «تو-22ام3» وجهت ضربة مكثفة إلى منشآت لتنظيم «داعش»، حيث تمّ تدمير معسكر ميداني كبير للمسلحين و3 مخازن للأسلحة والذخائر و3 دبابات و4 مصفحات و8 سيارات مزودة برشاشات ثقيلة، إضافة إلى تصفية عدد كبير من المسلحين.
هذا و اعتبر رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي القائد السابق للأسطول الروسي في البحر الأسود الأميرال فلاديمير كومويدوف، قصف مواقع «داعش» باستخدام قاذفات بعيدة المدى رداً مناسباً على مقتل الطيارين الروسيين نتيجة سقوط مروحية قرب تدمر السورية في 8 تموز.
وفي شأن متصل، أعلن الجيش السوري سيطرته على مبنى «سادكوب» في منطقة الليرمون شمال حلب، ويقترب من دوار الليرمون الواصل إلى طريق الكاستيلو من الجهة الشرقية بمدينة حلب.
كما و صد الجيش السوري هجوماً عنيفاً لتنظيم «جبهة النصرة» على نقاطه في حلب القديمة، و استهدف مواقع المسلحين في المنطقة الشمالية والغربية للمدينة ومعامل الليرمون ومحيط طريق الكاستيلو بالمدفعية الثقيلة والصواريخ.