لماذا أجلت واشنطن معركة الموصل؟
حميدي العبدالله
أعلنت الولايات المتحدة عن تأجيل البدء في معركة تحرير الموصل من تنظيم «داعش»، والذي كان قد أعلن عنه في اجتماع عقد في الولايات المتحدة لكبار المسؤولين العسكريين والسياسيين للدول التي تشارك في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وقالت إنّ هذا التأجيل تكتيكي، ومن غير المعروف ما المقصود بأنه «تأجيل تكتيكي».
لكن من الواضح أنّ ثمة أسباباً كثيرة هي التي دفعت واشنطن والتحالف الدولي الذي تقوده إلى تأجيل معركة الموصل.
السبب الأول، أنّ الولايات المتحدة لا تريد إنهاء «داعش» بسرعة في العراق، لأنّ تحرير الموصل يعني إنهاء داعش في العراق، فهذا أكثر ما تخشاه الولايات المتحدة، لأنّ من شأن ذلك أن يضعف تأثير الولايات المتحدة على الحكومة العراقية والمعادلات السياسية القائمة الآن في العراق، بل أكثر من ذلك أنّ تحرير الموصل وتطهير العراق من «داعش» قد يدفع الحكومة العراقية إلى طلب سحب القوات الأميركية التي عادت إلى العراق بذريعة مساعدة الحكومة العراقية على محاربة «داعش»، كما أنّ سقوط «داعش» يعني سقوط الذريعة لتدخل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق، وافتقادها إلى المبرّر الذي يدفع الحكومة العراقية إلى قبول الوجود العسكري الأميركي، لهذا فإنّ من مصلحة الولايات المتحدة أن تؤخر لحظة السقوط النهائي لـ«داعش» في العراق.
السبب الثاني، الخلافات التي نشبت بين الأكراد والحكومة المركزية في بغداد حول ترتيبات ما بعد تحرير الموصل، إذ أنّ الأكراد قالوا إنهم لن ينسحبوا من المناطق التي سيطروا عليها في محافظة نينوى، وهي مناطق نزاع بين الحكومة المركزية وبين الأكراد، وبديهي أنّ الخلاف الذي انفجر حتى قبل تحرير الموصل أثر على زخم العملية، إذ أنّ الولايات المتحدة تفضّل مشاركة البشمركة في تحرير الموصل من دون الاستعانة بقوات الحشد الشعبي، لأنّ الأكراد حلفاء موثوقين للولايات المتحدة على عكس الحشد الشعبي الذي تعتبره واشنطن بأنه أداة للنفوذ الإيراني في العراق، وطالما تعذرت مشاركة الأكراد للتعويض عن دور الحشد الشعبي، فمن البديهي أن تؤجل الولايات المتحدة وحلفاؤها العملية إلى توقيت آخر، لاسيما أنّ الحكومة العراقية لا تقوم على تحرير أيّ منطقة خاضعة لسيطرة «داعش» في العراق إذا لم تحصل على الغطاء الأميركي، لأنّ هذا الغطاء يمكنها من مواجهات الاعتراضات والضغوط التي تأتيها من أكثر من جهة عراقية وإقليمية، ولا سيما من بعض دول الخليج.
لكن يظل السؤال المطروح الآن إلى متى يمكن للولايات المتحدة تعطيل الحرب الفاعلة لاقتلاع «داعش» من العراق، وهل تمّ ترحيل هذه العملية إلى الإدارة الجديدة؟