آفاق معركة حلب
حميدي العبدالله
نظرياً هناك ثلاثة سيناريوات يشكل واحد منها أفق المعركة الدائرة الآن في حلب بوصفها المعركة التي ستقرّر وجهة الحرب الدائرة في سورية. السيناريو الأول أن تنجح الجماعات المسلحة ومن يقف وراءها ويدعمها من تحالف دولي وإقليمي في السيطرة الكاملة على مدينة حلب وأريافها، ولا شك أنّ ذلك سوف يشكل هزيمة كبرى ليس فقط للدولة السورية، وأيضاً لحلفائها، وتحديداً روسيا وإيران اللتان تقاتلان إلى جانب الجيش السوري.
من الصعب توقع أن ينجح هذا السيناريو ويتحوّل إلى أمر واقع، على الرغم من أنّ «جيش الفتح» أعلن ذلك رسمياً والتحالف الدولي- الإقليمي الذي يخوض الحرب في سورية يسعى للوصول إلى هذه الغاية حتى وإنْ لم يصرّح علناً بذلك.
صعوبة وضع هذا السيناريو موضع التنفيذ، وبالتالي تحوّله إلى أن يكون هو أفق الحرب الدائرة الآن في سورية تأتي من حجم القوة العسكرية التي تتواجد الآن في محافظة حلب، وعدم قبول الدول المساندة لسورية بحدوث هذا السيناريو الذي يشكل ضربة قوية لها وإذا اقتضت المعركة إرسال المزيد من الدعم فإنه من غير المستبعد أن يحدث ذلك. السيناريو الثاني، أن يحسم الجيش السوري وحلفاؤه معركة حلب، المدينة والأرياف، لمصلحتهما بشكل كامل، وهذه العملية بدأت وتوزعت على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى، كانت في نهاية عام 2015 وبداية 2016 وانتهت بالاتفاق الأميركي الروسي على «وقف العمليات العدائية» وتمّ في هذه المرحلة تحرير أجزاء واسعة من الريف الجنوبي والشرقي والشمالي والغربي من محافظة حلب. المرحلة الثانية التي بدأت منذ أكثر من شهر وانتهت بتحرير حي بني زيد والليرمون وطريق الكاستيلو، وإنْ كان لم تستكمل بعد هذه المرحلة إلا بعد تحرير مخيم حندرات وتلة عبدربة وكفر حمرا والبلدات الواقعة بين نبّل والزهراء وحلب على الطريق الدولي. وكان ينتظر أن تبدأ المرحلة الثالثة، بعد استكمال المرحلة الثانية وتبدأ من خان طومان باتجاه الراشدين وصولاً إلى خان العسل، وقد تتأخر هذه المرحلة في ضوء الهجوم المضادّ الذي شنّه «جيش الفتح» بدعم من التحالف الدولي والإقليمي الذي يقود الحرب على سورية.
لا شك أنّ السيناريو الثاني أكثر واقعية من السيناريو الأول في ضوء ما تحقق في حلب في أقلّ من عام، ولكن ذلك لا يعني أنّ هذه العملية سوف تنجز بسهولة وفي وقت قصير.
السيناريو الثالث، يكمن في التوصل إلى اتفاق جديد يكرّس الوضع القائم الآن في محافظة حلب، وإطلاق مسار تفاوض لتسوية سياسية في سورية، على قاعدة توحي بأنّ جميع الأطراف المتحاربة تحاور استناداً إلى واقع ميداني لا يضعها في موقع المهزوم.