إلى القادة الفلسطينيين: لفرقتكم وسياستكم بات يتبجح العدو… آن أن تنصرفوا؟!
د. محمد بكر
صفعة من العيار الثقيل كاثرت سيلاًً من التبجّح والاستعلاء المشين وجهها رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو على وجه القادة الفلسطينيين، لجهة أنه يهتمّ بشؤون الشعب الفلسطيني أكثر من القادة الفلسطينيين أنفسهم، هذا التبجّح الذي ما كان ليولد ويتكاثر على لسان نتنياهو لولا مدى تشرذمنا وضعفنا والهوان الذي باتت عليه حالنا السياسية والمستوى الرديء الذي وصل إليه الأداء السياسي لمن يسمّون أنفسهم ممثلين للشعب، فلا شعب مثلوا ولا على قدر المسؤولية الوطنية والأخلاقية كانوا، ثم ماذا فعلت السلطة؟ وما هي الخطوات التي تسوقها لصياغة البدائل والحلول الناجعة للردّ على التعنّت الإسرائيلي وعنجهيته الفريدة؟ وإنْ كانت كراهية نتنياهو للشعب الفلسطيني جعلته يخترع تاريخاً موازياً بحسب ردّ «كبير المفاوضين» السيد صائب عريقات على تصريحات نتنياهو، مضيفاً أنّ الأخير مقتنع بأنّ الفلسطينيين شاكرون للعيش في ظلّ نظام عنصري وفي المنفى، فأيّ تاريخ نصنعه نحن لنباهي به أمام أجيالنا، هل الطرب لسماع الأغاني اليهودية، والتنسيق الأمني جهاراً نهاراً والمجاهرة بتفتيش حقائب الأطفال في المدارس للتأكد من خلوّها من السكاكين والتعهّد بالقضاء على الانتفاضة؟ وأنّ هذه الأخيرة هي سبب الدمار، وجملة من السياسات والإجراءات التي تحتاج إلى مجلدات لشرحها هي التاريخ المشرّف الذي بتنا نصوغه.
أن يطلق عدوّنا حرصه الكاذب علينا ويتنبأ محللوه وكتابه بكارثة إنسانية تنتظر قطاع غزة، خلال السنوات القليلة المقبلة، كما كتب محلل الشؤون الأمنية في صحيفة «معاريف» يوري ملمان، وأن يتبجّح العدو ويتطاول إلى مستوى اتهام حماس بسرقة أموال الشعب الفلسطيني من المنظمات الإنسانية بحسب نتنياهو وبعيداً من التدقيق والبحث في صحة تلك الادّعاءات فإنّ هذا يؤشر إلى مدى الفشل السياسي الذي يوصّف أداء الذين من المفترض أن يكونوا مدافعين عن القضية، وباتوا اليوم كما قال غسان كنفاني مدافعين فاشلين عنها، كذلك حماس هي الأخرى أقحمت نفسها في بحر التدخل في الظروف السياسية التي تعصف بالمنظقة، وجاءت الأمواج والرياح بعكس ما تشتهي، وأصبح الغرق في ما لا يعنيها سيد الموقف، هذه التدخلات التي لا تخدم القضية مطلقاً إذ لايمكن البناء وفق أسس وبعقلية حزب معيّن، لإشادة صرح سياسي لخدمة أهدافنا التي يجب أن تكون وطنية أولاً وأخيراً لا تنحرف مطلقاً عن مسار المشروع الوطني الفلسطيني الذي بات مفردة منسية في قاموس سياساتنا واستراتيجياتنا المقيتة، كذلك الأمر خلال لقاء السيد محمود عباس بـ«زعيمة المعارضة الإيرانية» مريم رجوي، ولا أعرف ماذا يفيدنا توتير العلاقة مع إيران، وهل الانتصار لـ«ثورات» الشعوب والتلويح بأعلامها سيجلب النفع لقضيتنا ويحقق مرادنا في التحرّر والعودة.
ليس ثمة زمن أسوأ من الزمن الحالي الذي تعيشه القيادات الفلسطينية المتخبّطة والتائهة في المسارات الخاطئة، والبعيدة كلّ البعد عن صياغة عوامل الاجتماع والوحدة والتلاقي الذي يجب أن يكون عنوانها الأوحد القضية الفلسطينية ولا شيء غير القضية.
إنّ ما تراكمه القيادات الفلسطينية من أخطاء جسيمة غير مبرّرة، إنما يتوّجها ملوكاً على عرش الفشل والدفاع الفاشل، لا نجد أمامها سوى أقلامنا وأصواتنا لنرفعها بأعلى مستوى مجاهرين لا نخشى في قولها لومة لائم، فكما قال الراحل المبدع محمود درويش للصهاينة نقول لكم يا قياداتنا السياسية: فلتقيموا أينما شئتم لكن لا تقيموا بيننا، آن أن تنصرّفوا.
كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا.
Dr.mbkr83 gmail.com