متى توافق واشنطن على الحلّ السياسي في سورية؟
حميدي العبدالله
معروف أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي التي قادت المفاوضات التي جرت في جولات جنيف الممتدّة على مسافة عمر الأزمة السورية، أو أشرفت عليها، وهي التي حددت شروط أيّ حلّ سياسي، سواء عبر تصريحات المسؤولين العلنية، أو من خلال التفاوض المستمرّ مع روسيا منذ التوصل إلى تفاهمات «جنيف 1» في حزيران عام 2012. وإذا كانت مفاوضات الحلّ السياسي للأزمة القائمة في سورية بين موسكو وواشنطن، وجولات الحوار بين الوفد الحكومي ووفد المعارضة الذي حدّدته الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون والإقليميون، قد وصلت إلى طريق مسدود وبات الحديث عن فشل الحلّ السياسي وكأنه أمر مفروغ منه، فإنّ المسؤولية تقع حصراً على الولايات المتحدة التي رفضت جميع الاقتراحات الواقعية لحلّ الأزمة، وأصرّت ضمناً على مواصلة الحرب من أجل بلوغ واحد من ثلاثة غايات، الأولى السيطرة على سورية من خلال الجماعات المسلحة المرتبطة بالولايات المتحدة والمدعومة من حكومات المنطقة حليفة الولايات المتحدة. الثانية تقسيم سورية، وخلق أمر واقع يستمرّ عشرات السنين الأمر الذي يجعل منظومة المقاومة والممانعة في موقع دفاعي طيلة هذه الفترة التي قد تمتدّ إلى عقود. الثالثة اقتسام السلطة بين الدولة السورية وأنصار الولايات المتحدة. ولأنّ الولايات المتحدة أصرّت على كلّ ذلك وصلت المفاوضات بينها وبين روسيا إلى طريق مسدود هذا على الرغم من موافقة روسيا على مراقبة دولية لتشكيل السلطة السياسية بعد وصول الحوار السوري- السوري إلى إصلاحات دستورية وقانونية محددة. ولأنّ واشنطن أصرّت على كلّ ذلك استمرت الحرب وبدا أنّ الحلّ العسكري أو الحسم من قبل كلا الطرفين المتقابلين هو الوسيلة الوحيدة المتاحة.
في ضوء هذا الواقع، يمكن الاستنتاج بوضوح قاطع، أنّ الولايات المتحدة لن تقبل بالحلّ السياسي إلا في حالتين:
ـ الحالة الأولى، أن ترضخ الدولة السورية وحلفاؤها لشرط الولايات المتحدة باقتسام السلطة في سورية مع أنصارها، بمعزل عن إرادة الشعب السوري، وبمعزل عن الاحتكام إلى صناديق الاقتراع.
ـ الحالة الثانية، مواصلة الحسم العسكري من قبل الدولة السورية وحلفائها، وتحقيق المزيد من المكاسب التي تخلق أمراً واقعاً يدفع الولايات المتحدة إلى البحث عن مخرج يحفظ ماء وجهها، ويغطي على خسارتها للمغامرة في سورية.