مَن يستطيع كسر الحلقة المقفلة في سورية؟!
د. خيام محمد الزعبي
لا شكّ في أنّ سورية هي مفتاح الحرب والقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي وأخواته في سورية والمنطقة بأكملها، فشراسة المعركة الجارية حالياً في حلب، وارتباك الغرب وحلفائه، يشيران إلى أنّ الحرب اقتربت من جولتها الأخيرة، فأعداء سورية حشدوا كلّ مرتزقتهم على جبهة حلب لتحقيق أيّ كسب معنوي يوظفونه على طاولات المفاوضات المقبلة، لكن الجيش السوري أبى ومعه الشعب السوري، إلا أن يحرّر أرضه من المتطرفين ومرتزقتهم ويدفن أحلامهم ويعلن عن قرب حسم المعركة في حلب، لذلك كان من الطبيعي أن يفشل الغرب وأعوانه في سورية، ولعلّ البيت الأبيض قد اكتشف مؤخراً أنّ صعود الشجرة السورية ليس سهلاً، وأنّ المشكلة ليست في إعلان بداية الحرب بل في كيفية إنهائها في سورية.
مما لا شك فيه أنّ السيطرة على مدينة حلب قد تعني تغيّراً استراتيجياً في الصراع السوري، خصوصاً أنّ هذه المدينة كانت وما زالت معقلاً لمختلف أنواع المعارضة المسلحة، إلى جانب أنّ موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية يجعلان من أطراف النزاع في سورية متحمّسين للسيطرة عليها، لذلك فإنّ عملية تحرير حلب ستكون عملية فريدة من نوعها والجيش السوري سيتولى شرف تحرير ترابها الوطني…
في التطورات الميدانية٬ حققت قوات الجيش السوري وحلفاؤها تقدّماً كبيراً في مختلف جبهات القتال في حلب٬ وأصبحت عملية التقدّم أسرع مما كانت عليه في السابق، وتمكّنت من رفع العلم السوري على جميع دوائر الدولة في المدينة.
وأتى القصف الروسي على معاقل المجموعات المتطرفة وأدواتها من قاعدة همدان الجوية في إيران، رسالة إلى أميركا وحلفائها، أنّ موسكو ماضية في محاربة «داعش» وغيرها من التنظيمات، سواء اشتركت واشنطن معها أم لم تشترك، كما يفسّر موضوع التعاون الروسي – الإيراني في سورية، رسالة أنّ هذا الحلف الذي قد يشمل لاحقاً تركيا، مستمرّ في تحقيق أهدافه التي تتمثل في دعم النظام السوري وعدم إفشال مخططات إسقاطه سياسياً أو عسكرياً، لذلك تعيش المجموعات المتطرفة أيامها الأخيرة في مدينة حلب التي عانت كثيراً من جبروت هذه المجموعات التي استهدفت المدينة بشكل مباشر في محاولة للسيطرة عليها وإذلال أهلها، لكنها كانت عصية عليهم رغم كلّ المجازر التي ارتكبوها بحق المدنيين، حيث إنّ هذه المجموعات كانت تتلقى ضربات موجعة من الجيش وكانت تردّ باستهداف المدنيين، لكن هذا السيناريو اختلف وأصبحت الأمور في قبضة الجيش السوري وباتت تحرير حلب قريباً.
ما يجري في سورية من تدمير ممنهج كان هدفه تفتيت سورية وتدمير جيشها كهدف أساسي، لأنّ تدميره يؤدّي مباشرة الى نهاية كيان الدولة السورية، لكن مع ذلك نقول هنا إذا كانت الدول الاستعمارية قد نجحت في جعل بعض الدول وغيرها دولاً مضطربة وتحكمها عصابات، فإنها لن تنجح مع سورية لأنّ سورية منذ بداية أزمتها فهمت اللعبة وأدركت أنّ هناك دولاً لا تريد لها الأمن والاستقرار، وفي إطار ذلك فإنّ الجيش السوري يحقق انتصارات قوية على أرض الواقع، التي تمثل بارقة أمل لكسر الحلقة المقفلة في سورية واقتلاع جذور الإرهاب التى تجتاح وطننا الكبير «سورية».
على صعيد متصل يتحمّل الجيش السوري مسؤولياته في مواجهة التكفيريين، ويقوم بكلّ ما من شأنه أن يجعل سورية بلداً قوياً وعصياً على التهديدات والأخطار كلّها التي تواجهه، فالمحاولات الخائبة التي تقوم بها أميركا وعملاؤها المحليون والدواعش وأعوانهم لن تنجح في ثني الجيش السوري عن أداء واجباته لغاية تحرير آخر شبر من أرض سورية، لتصبح المعركة في نهايتها تماماً وستكون نتائجها تحرير حلب التي ستقلب المعادلات في المنطقة.
إنّ الرهانات الأميركية الغربية على وكلائها الإقليميين فشلت على مدى أكثر من خمس سنوات من إسقاط سورية، وابتدأ الفشل من تركيا التي وضعت هدفاً واحداً لسياساتها وهو إسقاط الرئيس الأسد، التي اقتنعت مؤخراً أن لا مخرج لها من مستنقع الفشل الذي انغمست به في المنطقة إلا بالعودة إلى دمشق وطهران وموسكو، بعد الخذلان الذي شعرت به من الدول الغربية، وستكون تأثيرات هذه الدول ليس فقط في الأرض السورية بل في المنطقة بأكملها.