ماذا بعد تحرير الكليات؟
حميدي العبدالله
كان هدف الهجوم الذي شنّه «جيش الفتح» بدعم من التحالف الدولي- الإقليمي الذي شنّ الحرب على سورية تأخير انطلاق المرحلة الثالثة لإكمال طوق الأمان حول حلب، إذ من المعروف أنّ المرحلة الأولى من هذه العملية نفذت في شهر كانون الثاني وشباط الماضيين، وأدّت إلى تحرير أجزاء واسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي ضدّ داعش وضدّ كلّ التشكيلات المسلحة، وانتهت بفك الحصار على نبّل والزهراء، ولكن هذه العملية توقفت بعد الاتفاق الأميركي- الروسي في نهاية شباط وهو الاتفاق الذي عرف باتفاق «وقف العمليات العدائية»، وعندما لم يلتزم الأميركيون وامتدادتهم الإقليمية والمجموعات الإرهابية بالاتفاق بدأت المرحلة الثانية في نهاية شهر حزيران واستمرت في شهر تموز وقادت إلى تحرير طريق الكاستيلو والليرمون وبني زيد، الحي الذي كانت منه تتساقط حمم جرار الغاز التي روّعت المواطنين الآمنين في حلب.
كان ينتظر أن تبدأ بعد ذلك المرحلة الثالثة لانطلاق عملية تبدأ من الراشدين باتجاه خان العسل لإكمال طوق الأمان حول حلب وإنهاء مأساتها المتمادية، لكن هجوم «جيش الفتح» المدعوم من التحالف الدولي الإقليمي ونجاحه في السيطرة على الكليات وقطع طريق الراموسة أخَّر انطلاق هذه العملية أو بالأحرى غير شكلها وتوقيتها. ويمكن القول إنّ هجوم «جيش الفتح» على الكليات كان ضربة استباقية، لإجهاض هذه الخطة ومنع تنفيذها.
لكن اليوم، وبعد نجاح الجيش السوري وحلفائه باستعادة الكليات وحجم الخسائر التي منيت بها الجماعات المسلحة، وقوات النخبة في «جيش الفتح» قد دشن انطلاق المرحلة الثالثة من استكمال طوق الآمان حول حلب، والأرجح أنّ ما بعد استعادة الكليات ستكون استعادة المناطق التي نجح المسلحون بالسيطرة عليها في الريف الجنوبي مثل خان طومان، وبدء عملية عسكرية من الراشدين باتجاه خان العسل لخلق منطقة خالية من المسلحين بعمق أكثر من 20 كيلو متراً، في إطار دائرة تحيط بمدينة حلب من الجهات الأربع.
وإذا لم يحدث طارئ دولي وإقليمي كبير، فالأرجح أنّ هذه العملية سوف تنجز في خلال الشهرين المقبلين، حيث ستقود إلى تحوّل جذري في الوضع الميداني في سورية وليس في حلب وحدها.