هل غرقت تركيا في المستنقع السوري؟
غسان يوسف
يقول صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي: «إنّ تركيا ستغرق في المستنقع السوري، وإنّ القوات الكردية ستحاربها كقوة احتلال»، رافضاً دعوات الولايات المتحدة بالانسحاب إلى شرق الفرات، حتى لو أدّى هذا الموقف إلى خسارة الدعم الأميركي!
كلام صالح مسلم يتناقض مع ما كان قاله نواف خليل مسؤول الإعلام في الحزب الكردي المذكور من أنّ له الفخر في أن يكون حليفاً للولايات المتحدة في مواجهة الدولة السورية… كلام خليل جاء عقب الاشتباكات التي حصلت في الحسكة بين الجيش السوري وقوات الاسايش الكردية، وهي التسمية الصحيحة لكلّ من رفع السلاح في وجه الدولة فلا قوات سورية الديمقراطية ولا وحدات حماية الشعب تعطي التسمية الحقيقية لمن يسعى للانفصال عن الدولة السورية، وبناء دولة تكون قاعدة متقدمة للولايات المتحدة كما كردستان العراق التي أصبحت دولة قائمة بذاتها لا ينقصها إلا أن تكون عضواً في الأمم المتحدة.
صالح مسلم وعلى الرغم من خلافه مع البرزاني، إلا أنه حاول نقل التجربة البرزانية فتنقل من اسطنبول إلى موسكو إلى أميركا ليجد في هذه العواصم العون على أبناء جلدته فوقع في شرّ أعماله، استُنزفت قواته في منبج، هُوجمت في جرابلس من قبل الدولة التركية بغطاء من التحالف الدولي… تخلى عنه الحليف الأميركي لصالح عدو الأكراد اللدود تركيا !
والسؤال… هل تخلت الولايات المتحدة عن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية فعلا؟ وهل سيُصنّف هذا الحزب على أنه حزب إرهابي باعتباره الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني التركي المصنّف إرهابياً في الولايات المتحدة وأوروبا؟! هل سيدرك مسلم وخليل وابش وغيرهم أنهم خسروا سوريتهم بتطاولهم على الدولة السورية والغدر بها وتوجيه السلاح الذي دعمتهم به الدولة لمحاربة داعش إلى صدور أفراد الجيش العربي السوري؟!
لكن لنكن منصفين فإنّ الاتحاد الديمقراطي استُغلّ كورقة من قبل الولايات المتحدة لمحاربة داعش مقابل إعطائه كياناً مستقلاً عبر وصل المناطق الثلاث… الجزيرة وعين العرب وعفرين، ما دغدغ مشاعر القومجيين الكرد فحاولوا استغلال هذه الفرصة التاريخية، لكن مصالح الدول تغلبت في النهاية… روسيا تصمت عن ضرب الأكراد… إيران تدعم… دمشق تُدين التدخل وتعتبره عدواناً… لكنها لا تقف بجانب الكرد عقاباً لهم لغدرهم وتطاولهم على سيادة الدولة وهيبة الجيش.
نعود هنا إلى ما قاله صالح مسلم من «إنّ تركيا ستغرق في المستنقع السوري» هذا صحيح، وستجد تركيا نفسها في مواجهة الأكراد من جبال قنديل شرقاً إلى عفرين غرباً، ما يجعل تركيا كرة نار ملتهبة وبلداً لن يعرف الاستقرار بعد اليوم، خصوصاً أنّ تركيا وبحسب الصحافة التركية أصبحت أكبر خزان للتطرف الإسلامي في الشرق الأوسط، وهو ما أكده كلٌ من وزير الداخلية الألماني ومستشار النمسا والعديد من الباحثين والمتابعين للشأن التركي، إضافة إلى الصحافة التركية والمواطنين الأتراك أنفسهم!
باحث في الشؤون التركية