مقاومة سورية ضدّ الاحتلال التركي
حميدي العبدالله
أعلن في بلدة تل رفعت في الريف الشمالي لحلب عن ولادة مقاومة سورية ضدّ الاحتلال التركي لبعض المناطق الواقعة بالقرب من الحدود التركية.
هذه الخطوة قد تبدو للبعض أنها مفاجئة، أو أنها مجرد عملية إعلامية. ولكن هذا الإعلان يجب أن يؤخذ على محمل الجدّ لأسباب كثيرة، من بين هذه الأسباب أنّ كثيراً من القبائل والمواطنين السوريين القاطنين في هذه المنطقة يعارضون جدياً الاحتلال التركي لأيّ شبر من الأرض السورية. قد تكون هناك مجموعات مسلحة سورية من أصول تركمانية وعربية تتعاون مع الاحتلال التركي، ولكن هؤلاء لا يمثلون غالبية السوريين المقيمين في هذه المناطق.
قد يكون الأكراد هم من شجع على إطلاق هذه المقاومة، وسوف يقومون بتقديم الدعم لها، وقد يدفع الاحتلال التركي الأكراد لتعزيز تلاحمهم أكثر مع مواطنيهم من أصول عربية في هذه المناطق ومن شأن كلّ ذلك، بكلّ تأكيد، أن يقود إلى ولادة مقاومة وطنية جدية قادرة على استنزاف القوات الغازية التركية.
تركيا اليوم، وفي ظلّ استمرار موقفها المعادي لسورية، وكان آخر فصوله تصريحات الرئيس التركي فور عودته من قمة العشرين في الصين، وبعد توغل قواتها داخل الأراضي السورية، ستواجه الآن بمقاومة متعدّدة الدوافع والاتجاهات.
داعش» الذي شكل وجوده ومحاربته ذريعة الغزو التركي لا يستطيع التعايش مع هذا الغزو إلى ما لا نهاية، حتى وإنْ كان الأمر من باب الصراع على النفوذ، وهو بدأ فعلاً يوجّه رسائل إنذار لقوات الاحتلال التركية تمثلت بقصف مناطق داخل تركيا، واستهداف دبابات تركية ترابط داخل الأراضي السورية، وسقط من جراء هذا الاستهداف عدد من جنود الاحتلال التركي.
أكراد سورية المستهدف الأول والأساس من الغزو التركي، قد يتعايشون تحت الضغط الأميركي مع وجود احتلال تركي في بعض المناطق، ولكنهم على قناعة بأنّ هذا الوجود يشكل تهديداً، أولاً لتطلعاتهم في وصل المناطق ذات الغالبية الكردية بعضها ببعض، ويشكل تهديداً ثانياً حتى لوجودهم في المناطق ذات الغالبية الكردية، إذ أنّ الجيش التركي بدأ فعلاً باستهداف مناطق في عين العرب وعفرين ولم تقتصر استهدافاته للأكراد في مقطع الحدود الواقع بين جرابلس واعزاز.
وبديهي أنّ هذا الخطر سوف يدفع الأكراد للاصطدام بالاحتلال التركي ولن تفلح وساطة وضغوط الولايات المتحدة في الحؤول دون وقوع مواجهة بين الطرفين.
كلّ ما تقدم يؤكد أنّ ما ينتظر الأتراك في مناطق احتلالهم ليس توفير «منطقة آمنة» كما يحلو لهم أن يصوّروا مبرّر وجودهم في هذه المناطق، بل ساحة استنزاف قد تكون أهمّ وأخطر مما يجري من استنزاف على أيدي حزب العمال الكردستاني داخل تركيا.