إسقاط الطائرتين «الإسرائيليتين» ومشروع «قادسية الجنوب»
أحمد مرعي
جاء خبر إسقاط طائرتين «إسرائيليتين» من قبل الجيش السوري، إحداهما حربية تمّ إسقاطها جنوب غرب القنيطرة، وأخرى من دون طيار، تمّ إسقاطها أيضاً، غرب سعسع، جنوب غرب دمشق، بعد استهداف طيران العدو الصهيوني مربض مدفعية للجيش السوري في تل الشحم، في ريف القنيطرة، حسب ما جاء في بيان وزارة الدفاع السورية، الذي أذاعه التلفزيون السوري…
جاء هذا الخبر بمثابة إعادة تأكيد سوري واضح وصريح، بأنّ المعركة السورية مع الكيان الصهيوني، وإنْ كانت غير مباشرة وقد أُجلت بحكم الظروف، إلا أنها معركة مستمرة بأشكال عديدة، بدأت برفض الاعتراف بالكيان الصهيوني، وتنتهي بمواجهته حتى تحرير فلسطين والجولان. وهذه كانت استراتيجية سورية وما تزال، وخير دليل على تطبيق هذه الاستراتيجية، أنه عندما سنحت الفرصة للجيش السوري قام بإسقاط الطائرتين «الإسرائيليتين».
مما لا شك فيه، أنّ الدخول المباشر للطيران «الإسرائيلي» إلى جانب المجموعات المسلحة، التي أعلنت عن إطلاق عملية «قادسية الجنوب» وقيام هذا الطيران بقصف بعض مواقع الجيش، هو إفساح في المجال لتقدم تلك المجموعات بعد الخسائر التي مني بها المشروع السعودي في حلب، التي استعاد فيها الجيش السوري وحلفاؤه الكليات العسكرية ومحور الراموسة. وما يجري في شمال حلب والشمال الشرقي لحلب، شمال سورية، يصبّ بشكل أو بآخر، في مصلحة الدولة السورية ومشروعها الهادف إلى تحرير الأراضي السورية كافة، من وجود الإرهابيين والمتمرّدين. وهذا أمر لن ندخل في تفاصيله، الأشهر المقبلة ستظهر مدى جدواه والنفع الذي عاد به على الدولة السورية.
لقد جاء هذا التصعيد في الجنوب السوري، كمحاولة لتعويض بعض الخسائر والقول إنّ «المعارضات المسلحة» لا تزال موجودة وقادرة على إحداث تغيير في موازين القوى. يضاف إلى هذا السبب، سبب آخر وهو أنّ «الإسرائيلي» دخل بشكل مباشر في معركة الجنوب، لضرب كلّ تواجد سوري في المناطق القريبة من الشريط الفاصل في القنيطرة. وللسيطرة على «أوتوستراد السلام»، الأمر الذي يمنع القوات السورية من الوصول إلى ريف القنيطرة، في محاولة «إسرائيلية» لضرب بنية أيّ عمل مقاوم في الجنوب السوري، الأمر الذي بات يقلق كيان العدو، ويعتبره بمثابة تهديد جدي وحقيقي للمشروع الصهيوني في الجولان، لا سيما بعد كلام الرئيس بشار الأسد بأنّ تحرير الأراضي السورية لن يقتصر على ما احتلته الميليشيات المسلحة، وأنّ معركة الجولان واحدة من معارك التحرير. كما أنها تأخذ في الحسبان كلام الأمين العام لحزب الله حينما قال: إنّ المقاومة تعمل على نقل تجربتها في الجنوب إلى داخل الأراضي السورية المحتلة. وهذا كلام لا يمكن للكيان الصهيوني إلا أن يقف عنده ويبني عليه.
بعد أن حقق الجيش السوري هذا التقدّم الميداني، في ظلّ ظروف إقليمية ودولية تسلّم بضرورة دعم الدولة السورية وضرورة بقائها وكان نتيجة لذلك تغيّر المزاج الدولي العام تجاه سورية، لم يعد مسموحاً للكيان الصهيوني الذي يقوم بعملية دعم عسكري ولوجستي للمجموعات المسلحة منذ خمس سنوات أن يحقق أيّ انتصار في الجنوب. فعلى مدى الأيام القليلة الماضية، حاولت هذه الجماعات إحداث اختراق في القوة السورية المتواجدة في الجولان، لكن من دون تحقيق نتائج تذكر. وعندما صعّد الكيان الصهيوني من درجة تعاونه معها وقام باستهداف بعض مواقع الجيش السوري، جاء الردّ سريعاً من قبل هذا الجيش بإسقاط الطائرتين. وهو ما اعتبره إعلام العدو بأنه «تحوّل جوهري في الصراع مع سورية». وهو بالتأكيد كذلك، فهذا التحوّل في الميدان العسكري هو لصالح الجيش السوري، في ظلّ رجحان كفة المعركة لصالح الدولة السورية وحلفائها. ويبدو أنّ «الإسرائيلي» لم يقرأ هذه المتغيّرات، لكن لا شك أنّ عملية «قادسية الجنوب» ستعود بالخسران، ليس فقط على المجموعات المسلحة، وإنما على الكيان الصهيوني ذاته. فإسقاط «قادسية الجنوب» هو إسقاط عنجهية وغطرسة الكيان الصهيوني.
عضو مجلس الشعب السوري