وقاحة كيري.. ومواعظ أوباما الكاذبة
نظام مارديني
كشف عدوان التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، على مواقع الجيش السوري في دير الزور.. ومن ثم الاعتداء على قافلة مساعدات الأمم المتحدة الإنسانية في حلب، حجمَ الخلاف العميق بين وزيري خارجية كل من روسيا سيرغي لافروف، والأميركي جون كيري بشأن الأزمة السورية، خصوصاً بعد كشف وزارة الدفاع الروسية أن طائرة دون طيار تابعة للتحالف بقيادة الولايات المتحدة من طراز «بريداتور» أميركية الصنع كانت تتواجد فوق مكان تعرّض قافلة المساعدات للقصف في سوريا لحظة نشوب حريق فيها.
كلمة كيري في مجلس الأمن أراد منها ليّ عنق الحقيقة بتحميله روسيا وسورية مسؤولية قصف قافلة المساعدات، ما يذكّرنا بكذب سلفه كولن باول عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، من خلال قوله إنه كان لدى الإدارة الأميركية حينئذ علم بأن المعلومات الاستخبارية التي كانت لديها خاطئة راجع تصريحه لشبكة «إن بي سي» الأميركية في 6 أيلول 2015 . وذهب باول أبعد من ذلك في كتابه «دروس في القيادة والحياة» الذي صدر في أيار 2012، حيث ناقش باول ما أطلق عليه الخطاب «السيئ السمعة» الذي ألقاه في 5 شباط 2003 في الأمم المتحدة حيث قدم رسمياً ما تم الكشف عنه في وقت لاحق أنه تضليل فادح عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، قبل الحرب بأسابيع قليلة.
كيري يعيد ترداد الكذب مرة أخرى في كلمته أمس في مجلس الأمن، عندما يتهرب من مسؤولية بلاده في التصويب على دور الإرهابيين في حرق قافلة المساعدات، متهماً، زوراً، موسكو ودمشق، ولكن إذا كانت كذبة باول سبباً باستشهاد أكثر من مليوني عراقي، فماذا ستسبب كذبة كيري على الأرض السورية.. لعلنا نتذكر اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكيري بالكذب على الكونغرس عندما نفى الأخير وجود «القاعدة» في سورية. وقال بوتين «وحدات القاعدة هي القيادة العسكرية الرئيسية للمعارضة السورية وهم يعرفون ذلك»، مشيراً إلى الولايات المتحدة. واستطرد قائلاً «انطلقنا من افتراض أنه محترم أي كيري .. لكنه يكذب ويعرف أنه يكذب. إنه لأمر محزن.»
ولكن بماذا تختلف كلمة كيري عن كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما، على منبر الجمعية العامة في الاجتماع الحادي والسبعين للأمم المتحدة في نيويورك، أول أمس؟
أوباما الذي أراد أن يقدّم نفسه بصفة المصلح الذي يقدم النصائح والمواعظ، للعالم، فشل أيّما فشل بذلك، إذ كانت مواعظه مغلفة بالكذب والتضليل، ليس على قادة العالم فقط بل حتى على شعبه.
المدهش، أن أوباما قد نصح بضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، من دون أن يقدم رؤية واضحة، أو يعلن عن اتفاقاته مع روسيا حول سورية، أو على الأقل ينفذ التزاماته بفصل الإرهابيين عمّن يسمّيهم «المعارضة المعتدلة»!؟ داعياً إلى «توحيد الجهود للقضاء على داعش فكرياً وميدانياً»!.. فماذا يعطله أصلاً عن القيام بذلك؟
المثير للدهشة هنا، أن «الفيلسوف الواعظ» أوباما وتلميذه النجيب كيري يعتبران أن العالم فقد الذاكرة، وأن شعبنا في العراق وسورية وفلسطين ولبنان بلا ذاكرة، وبلا تاريخ..!
ديفيد اغناثيوس كتب عن «ديبلوماسية اللقلاق».. الثنائي أوباما ـ كيري يحلقان، بتفاؤل، فوق التفاصيل، وهما مستعدان للإدلاء بعشرة تصريحات في اليوم، وكلها تناقض بعضها البعض… هما يمارسان الديبلوماسية على طريقة الدراجة الهوائية… يقولان ضاحكين «المشكلة أن أحداً لا يصدقنا»!