شيمون بيريز «شهيد الثورة السورية»
سعد الله الخليل
توفي الرئيس «الإسرائيلي» السابق شيمون بيريز، بعد صراع طويل مع المرض ، هكذا تناقلت وسائل إعلام المعارضة السورية ومن يدور في الفلك السعودي القطري، خبر وفاة السفاح «الإسرائيلي» وآخر مؤسسي كيان العدو «الإسرائيلي» شيمون بيريز، الذي يعجز أيّ سجل إجرامي عن احتواء الجرائم التي اقترفها، بحق الدم العربي، طوال العقود الماضية، من مصر إلى فلسطين فلبنان.
يكفي أن تذكر قيادة بيريز لعصابات «الهاغانا» وهي العصابات الصهيونية، التي شكلت النواة الأولى لجيش الاحتلال، خلال نكبة فلسطين عام 1948 كمساعد لبن غوريون وقيادته العدوان الثلاثي على مصر، عام 1956 وإشرافه، المباشر، على مجزرتي قانا في لبنان عامي 1996 و 2006، ضمن التحالف الشيطاني بينه وبين شارون، لمعرفة كم من التاريخ الأسود لهذا «الراحل» بغضّ النظر عن باقي جرائمه، التي لا تقلّ فظاعة عما ذكر لعلّ ابتكاره وهندسته لمشروع الاستيطان، إحداها. لكن لا يمكن، بطبيعة الحال، أن يطوي نيله جائزة «نوبل» للسلام، عام 1994، عقب اتفاق «أوسلو» مع ياسر عرفات واسحاق رابين أيّ صفحة من صفحات تاريخه القاتم.
بغضّ النظر عن التوجه السياسي والمواقف من القضايا المطروحة على الساحة السياسية والإعلامية وبعيداً عن المعارك التي تدار على الأراضي العربية وما أكثرها، من المحيط إلى الخليج، لا يمكن أن تشفع، تلك المواقف، لناطق أو مدّعي النطق بالعربية، بأن يمرّ ذكر بيريز من دون أن يداعب وجدانه أنين المعذبين ورائحة الدم المسفوك، على الأرض العربية. أمام ذكره تسقط الحيادية والموضوعية والمعايير الصحافية، فحتى لو وضع المذكور على طاولة المعايير، سترجح كفة جرائمه بأيّ ميزان ولنعتته بأقسى ما جادت به اللغة من أوصاف. كيف مرّت تلك الجرائم، عن معايير ووسائل تتفنّن باختلاق أوصاف ما أنزل الله بها من سلطان، لمن يحيد عن توجهاتها قيد أنملة، ولم تجد لبيريز سوى تلك العبارة المقيتة، التي ردّدها ويردّدها الكثيرون ومنهم وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة «أرقد بسلام يا بطل الحرب والسلام».
كيف سيرقد «بطلكم بسلام» ويلاحقه طيف شهداء قانا، من الأطفال والشيوخ، الذين صبّ جامّ غضبه وحقده على أجسادهم الطرية، داخل مخيم الأمم المتحدة وفي سيارات الصليب الأحمر وعلى الجسور وأنّات وتنهدات أجيال فلسطينية، حرمها من أرضها وشرّدها في بلاد الشتات، تحترق شوقاً لرؤية أرضها؟ ومن كتب له البقاء، تفنن بيريز بقتله، إما بمجازر لا تعدّ ولا تحصى، كمجزرة قبية عام 1954، أو القتل البطيء عبر مشاريع الاستيطان، التي أعطى أولى تصاريحها.
لن يرقد بسلام سفاحكم الصهيوني ولن ينفع تخفي المطبّعين والمنبطحين من المحيط إلى الخليج، من عربان ومستعربين وراء أصابعهم ولا شعارات الحيادية والمهنية بجعله «بطل سلام». ولن تنفع ملايين الدولارات الخليجية، المموّلة لتلك القنوات، من إقناع المتابع بأنّ بيريز «راحل بسلام»، فهنا لا حياد، بل انغماس في المشروع الصهيوني ذاته، الذي يروّج لتنظيمات كـ»جبهة النصرة» الصديق الصدوق لمشروع بيريز، بأنه حمامة سلام أيضاً. هنا تتضح المعالم وتفسّر الغايات وتغدو تصريحات قيادات «جبهة النصرة» المرحبة بالعدو «الإسرائيلي» كحليف استراتيجي مفهومة. ولعلّ آخرها ما قاله أحد قادة «جبهة النصرة» المدعو «أبو العز»، بمقابلة مع السياسي الألماني يورغين تودنهوفر، التي نشرتها صحيفة «كولنر شتات انتسايفر» الألمانية، بأنّ «إسرائيل» تقدّم العون لـ«جبهة النصرة» لتقاطع المصالح، نظراً لوجود عداء بينها وبين سورية وحزب الله ويصبح مدّ العون واجباً لا منة…».
وفي السياق ذاته، يبدو أنّ تقاطع المصالح امتدّ ليشمل، من تعتبرهم واشنطن معارضة سورية معتدلة، التي بدورها تعتبر «جبهة النصرة» فصيلاً ثورياً، لا تجوز محاربته ويصعب الانفصال عنه. وربما هنا، يعرف سبب رفض ائتلاف الدوحة، المعارض، اتفاق وقف إطلاق النار الأميركي الروسي، كونه يستهدف «جبهة فتح الشام» «جبهة النصرة» سابقا أو أي فصيل يحارب دمشق.
تقاطع المصالح على حساب الأوطان، جمع المعارضات السورية المحسوبة على واشنطن و«جبهة النصرة» و«إسرائيل». وبناء على ما تقدّم، قد تنعي تلك الفصائل شيمون بيريز، الذي جمعت جنازته من القيادات العربية، ما لم تجمعه قمة موريتانيا الأخيرة، كـ»بطل» بلا منازع. ولضرورات «تقاطع المصالح» سيضيف «ثوار» سورية للراحل لقب «شهيد الثورة السورية».