حروب الدبلوماسية.. والمفتاح السوري!
نظام مارديني
يمهّد الصراع الروسي الاميركي الدبلوماسي لمرحلة جديدة من الأزمة السورية. ولكن هل سيمهّد هذا الصراع لحرب عالمية باردة ثالثة قد تُشعل فتيل حرب مدمرة في الأرض السورية العراقية؟
في هذه اللحظة ما قبل الأخيرة، قرر العقل الأميركي، حفظ ماء الوجه، أقفل الباب أو نصف الباب أمام تقدّم موسكو.. المهم والخطير أن الامور وصلت الى هذه النقطة الهائلة من الانزلاق الأميركي!
في علوم السياسة يُقال إن القيادة التي لا تتعلم من دروس الأحداث انما تتآمر على نفسها وعلى مستقبلها السياسي. وهذا ما يصيب السياسة الأميركية التي أصيبت بداء الفشل من أفغانستان إلى العراق وسورية. وهنا لا فائدة من الجدل وإمعان التفكير وإجهاد العقل في التحليل والمتابعة والبحث عن حلول ومقترحات لمواجهة ثوابت المشروع الأميركي، مقابل المتحول منه ما بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون.. فكل ما نسمعه من تصريحات متناقضة للإدارة الأميركية ليس سوى تمثيلية لنص «الثابت» في مكان ما، ومن قبل جهة ما.. فهل هي سلسلة من العقد حيكت بمهارة، ويُراد لنا أن نكون ضحاياها، وقد وصلت عمليات التدمير في سورية والعراق.. مستويات متقدمة.
دائماً يفترض بالعملية التفاوضية أن تمضي الى الامام. لا عودة الى الخلف، حتى الآن الفالس الدبلوماسي يتقدّم.. وديفيد اغناثيوس كتب عن «دبلوماسية اللقلاق». وكم ينطبق هذا الوصف على وزير الخارجية الاميركي جون كيري وهو يحلّق، بتفاؤل، فوق التفاصيل، وهو مستعد للإدلاء بعشرة تصريحات في اليوم، وكلها تناقض بعضها بعضاً…
في العقل الأميركي، إن بناء سورية واستطراداً العراق من جديد يحتاج إلى هدم القديم.. وعندما يكون الجديد المأمول كياناً سياسياً بمواصفات جديدة، فإن الكيانات القديمة لا بدّ لها أن تختفي. ولا يمكن أن تختفي إلا بتدميرها، وهذا ما تسعى إليه أميركا ووراءها الأخطبوط الماسوني الحاكم في العالم.
في ضوء ذلك، ليس مستبعَداً أن يتوسع العدوان على سورية، في حال قررت أميركا ذلك. وهو العدوان الذي قالت عنه موسكو إنه سيزلزل المنطقة.. إذا حدث ذلك فلن يبقى مسرح الحرب محصوراً في سورية.. ولن تبقى روسيا ولا أميركا كما هما الآن.
ورغم كل هذا التصعيد الأميركي الذي ترافقه تسريبات من هنا وهناك عن استعداد لتنفيذ مشاريع العدوان ومنع تمدّد الجيش السوري وحلفائه بعد تنظيف شرق حلب من الإرهابيين من استكمال تقدمه نحو مدينة الباب الذي لن يكون مفتاحه إلا بيد هذا الجيش، رغم أنه يحمل أهمية كبيرة ضمن الإطار السياسي والاقتصادي بالنسبة لجميع الأطراف الدولية والإقليمية.
فمدينة الباب بالنسبة للأطراف الدولية مهمة لأنه يُراد لها أن تكون الباب الأخير للمسار دير الزور الرقة – الباب الذي سيوصل خط الغاز القطري إلى تركيا، قبل أن يتم توزيعه إلى الاتحاد الأوروبي. لذلك يراد له، أي الخط القطري ، أن يُصبغ بطابع مذهبي ليكون «خط غاز سنياً»!
«أحياناً تشعر وأنت تفاوضه كما لو انك تفاوض الهواء»! وهذا رأي دبلوماسي روسي بجون كيري الذي إذ يعشق الدراجة الهوائية ويحملها معه إلى أي مكان يحط فيه: «أحياناً يقول مازحاً… إنها زوجتي الثانية». فهو يمارس الدبلوماسية على طريقة الدراجة الهوائية… وطالما قال هذا «الهوائي» عن السياسة الأميركية: «المشكلة أن أحداً لا يصدقنا»!