أوروبا تسعى لرأب الصدع الروسي ـ الأميركي
حميدي العبدالله
هدأت طبول الحرب الأميركية وغابت عن وسائل الإعلام الغربية التصريحات والتسريبات بشأن عمل عسكري أميركي يستهدف الجيش السوري في ضوء الحديث الرسمي الأميركي عن مراجعة السياسة الأميركية الحالية في سورية، وتبني سياسة أكثر تشدّداً بما في ذلك احتمال اللجوء إلى «الخيارات غير الدبلوماسية». لم يأت من فراغ تراجع طبول الحرب بعد التحذيرات الروسية المتكرّرة على لسان كبار المسؤولين الروس، العسكريين والسياسيين، ويبدو أنّ الرسالة الروسية قد وصلت: موسكو لن تقف مكتوفة اليدين إذا وقع عدوان أميركي على الجيش السوري، لأنّ ذلك يعد خرقاً خطيراً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، كما قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ولأنّ روسيا ستقوم بالردّ إذا تعرّض عسكريوها في سورية للخطر وهؤلاء العسكريون ينتشرون في الجبهات الملتهبة، وتحديداً جبهة حلب، كما ينتشرون في القواعد الجوية الهامة في سورية.
لا شك أنّ حرباً بين الولايات المتحدة وروسيا بما تملكه الدولتان العظمتان من قدرات عسكرية هائلة خيار لا يخطر في بال موسكو ولا في بال واشنطن، وقد استنفدت سياسة حافة الهاوية بعد التصويت في مجلس الأمن، وبعد التلويح بالضربات العسكرية، أيّ قدرة على وقف عملية الحسم في حلب ورسم خط أحمر يمنع دمشق وموسكو وحلفاءهما من المضيّ في المعركة حتى النهاية.
الآن حان الوقت للتبرير، وتحكيم العقل ومنع العواطف والانفعالات من إيصال الوضع إلى مرحلة الحرب. في مثل ما وصلت إليه العلاقات الروسية الأميركية مؤخراً يبدو من الصعب على الدولتين أخذ زمام المبادرة والعودة إلى مرحلة ما قبل التصعيد، فهما بحاجة إلى مساعدة، وبحاجة لإخراج يحفظ الهيبة وماء الوجه، ويبدو أنّ أوروبا المتضرّرة من التصعيد الذي شهدته العلاقات الأميركية الروسية قد انتدبت نفسها لهذه المهمة. في هذا السياق أكدت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني ضرورة استمرار الحوار السياسي حول تسوية الأزمة السورية، وأضافت في مؤتمر صحافي عقدته الاثنين 10-10-2016 «كنا نؤكد دائماً أنه لا حلّ في سوية إلا سياسياً، ولهذا السبب فمن الأهمية البالغة إقامة ظروف ملائمة للمفاوضات، وهو الأمر الذي يتطلب صبراً، بل ثباتاً»، وكشفت موغيريني عن «أنّ بروكسل تعمل على تحضير اجتماع خاص على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، من أجل بحث الخيارات في سورية».
يذكر أنّ الولايات المتحدة عندما علقت التنسيق والتعاون مع روسيا حول سورية قالت إنّ المحادثات متعددة الطرف التي تشارك فيها الولايات المتحدة وروسيا في إطار «مجموعة دعم سورية الدولية» لن تتوقف.