انطلاق عجلة حكم الأقوياء… هل ينجح؟
هتاف دهام
وضع القطار على سكة الرئاسة بعد خطاب بيت الوسط. ليست محطاته ملغومة على الإطلاق. كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال لقائه الجنرال ميشال عون تطميني في سبيل وصول الاستحقاق الرئاسي إلى موعده في 31 الحالي من دون تأخير. لا تتصوّر الرابية أنّ الرئيس بري سينتقل إلى ضفة المعارضة. سيشارك الجميع في الجلسة على ما طمأن الأستاذ.
يرفض العونيون تأجيل الجلسة. لن يقبلوا بالتمييع والتسويف. لن يسمح هؤلاء أن يغرق بالوقت، الإنجاز الوطني الكبير الذي تحقق أول أمس وإنْ كان تأجيل الجلسة ممكناً، وفق المعنيين، إذا حصل حدث جلل إيجابي.
لا بأس، إذا أخذت الانتخابات طابعاً ديمقراطياً. لكن الكلام عن كتلة الأوراق البيضاء مضخَّماً. وإلى أن تدقّ ساعة البرلمان 12:00 من موعد الجلسة الـ46، سيبقي التيار الوطني الحر يده ممدودة للتفاهم. وكما تواصل مع رئيس المجلس، سيجري مشاورات مع النائب سليمان فرنجية.
لا أحد يعتقد، بحسب ما ينقل عن المعنيين في التيار الوطني الحر أنّ هناك استهدافاً لرئيس تيار المرده. بين بنشعي والرابية حلف استراتيجي واحد. لا عداوة مؤصلة. الأمور قابلة للتفاوض. في الوقت نفسه، لا مشكلة لدى «التغييريين» إذا رغب فرنجية الاستمرار في ترشحه، كي يضيف إلى الطابع السيادي والميثاقي طابعاً ديمقراطياً.
اتخذت لبننة الرئاسة منحى جديداً. لم يعد مجرد شعار رئيس صنع في لبنان. ولأنه كذلك، ستطفو على سطح المياه اعتراضات ممّن اعتاد أو اعتقد أنّ ثمة كلمات سرّ ستصل أو لا تصل وتغيّر مجرى التاريخ الرئاسي المرسوم منذ ترشيح الجنرال ودعم حزب الله لهذا الترشيح.
لا يقصد العونيون هنا الرئيس بري أو رئيس تيار المرده. يقصد المراهنين من كلّ الطوائف والمذاهب والأحزاب والتيارات. يغلب الطبع التطبّع عند هذه الفئة. ما حصل إثبات مهمّ جداً من خارج الميثاقية، لأنّ الميثاقية وحدها تصبح «أخت شتيمة» إنْ لم يكن صنوها السيادة.
يؤكد المعنيون في «الوطني الحر» أن لا مقايضة بين الطائف والرئاسة، وفي الوقت نفسه. لا ميثاقية من دون سيادة. لا بدّ أن يختبر اللبنانيون هذه المواءمة بعد أن افتقدوها فترات طويلة، وهذا ليس مستحيلاً. باتت تجربة حكم الأقوياء ممكنة. لا يزال الرئيس سعد الحريري الأقوى في بيئته. يمسك بزمام تياره الأزرق. ينظر العونيون إلى مرحلة إزالة المتاريس السلطوية والتخفيف من حدتها، لأنّ الميثاقية في آخر المطاف أداة حماية ودفاع عن النفس. ليست أداة هجوم على النظام والتركيبة اللبنانية وعلى العيش المشترك أو السيادة.
إذا كان من هواجس، سيزيلها العماد عون، وإذا كان من تساؤلات عن التفاهمات، قال الجنرال إنها وطنية. عنوان التهدئة، وفق المعنيين البرتقاليين، هو عنوان المرحلة الأساس، على عكس ما يسوّق له بعض المتضرّرين من لبننة هذا الاستحقاق تماماً، أو من شخصية الرئيس الجامع إذ إنّ وصوله سيتوّج مرحلة نضالية وخيارات استراتيجية وطريقة تعاطٍ تغييري إصلاحي للشأن العام.
يقول مصدر معني بـ «كواليس» التفاهمات لـ «البناء» «من الطبيعي أن يروّج المتضرّرون لإشاعات من هنا أو هناك، في محاولة لوضع حجر عثرة وأخذ ضمانة الوجود. إذ إنّ لبنان اليوم أمام نمط جديد من اختيار رئيس ونمط جديد في الحكم. يحتاج هؤلاء إلى فترة «سماح» ستمتدّ حتى تاريخ 31 الحالي، وانْ كنا سنساعد المتردّدين أو المتربّصين شراً أو المشككين أنّ الهواجس في غير محلها، فسنؤكد أنّ دولة القانون تشمل الكلّ بموجباتها وحقوقها».
لكن ماذا عن حزب الله؟
يلتزم الحزب الصمت. يعرف أنّ خياره الاستراتيجي والطبيعي بدعم ترشيح «العماد» وصل الى خواتيمه السعيدة. يتذكّر العونيون كلام السيد حسن نصرالله بمناسبات ثلاث على الأقلّ عن موضوع فتح النافذة التي أصبحت باباً وتؤدّي بصاحبها إلى السراي، كي يتأكدوا أنّ حكم الأقوياء بدأ يسلك طريقه تحت عنوان السيادة والميثاقية.
يلعب حزب الله دوماً دوراً رئيساً في تقريب وجهات النظر بين حلفاء الخط الواحد. بدأ دوره الأساس بالتمسك بترشيح الجنرال رغم كلّ الإغراءات والخروقات أو الاختراقات بترشيح الوزير فرنجية.
ساهمت المقاومة في حماية الميثاق والسيادة الوطنية والأخلاق في السياسة.
إذا وصلت حارة حريك الى هدفها الأسمى بوصول الجنرال إلى بعبدا، بعد انضمام بيت الوسط الى تبني الترشيح، فلن تكون إلا ممتنة.. ومنتصرة.
يقرأ حزب الله بواقعية هذه التطورات. يضع في ميزان الربح والخسارة، ما حققه وما لم يحققه، وقد حقق …
يتوجّس بعض الأفرقاء من تسريبات تحدثت عن وعود أغدقت للقوات. وفق المطلعين على أجواء اللقاءات، من المؤكد أنّ القوات ستكون جزءاً من تركيبة الحكم، ستدخل الى تركيبة الحكومة من الباب العريض، مثل «المستقبل» وحركة أمل وحزب الله والأحزاب الوطنية. راكمت معراب مسيحياً بمكوّنها على هذا الترشيح، وهي من أكثرية نيابية سوف تنتخب عون رئيساً للجمهورية.
رفض جنرال الرابية أن يعزل ذاته أو يعزله الآخرون. لذلك، لن يذهب، كما يقول المقرّبون منه إلى عزل حلفائه الثابتين والجدد. ليس صاحب هواية السياسة أو صاحب جحود على الإطلاق.
لكن بالمؤكد، أنّ حزب الله وصل الى هدفه المنشود بانضمام مختلف الأفرقاء السياسيين من خصومه التقليديين إلى خياره. هل يكون منكفئاً وحزيناً؟ أم يكون رحب الصدر؟ صمد حزب المقاومة. رسخ وفتح النوافذ والأبواب أمام الحلول اللبنانية الصرفة، وربما إطلالة الحكيم من الرابية على قناة «المنار» مباشرة، خير دليل على أنه استقطب الجميع.