خيبة أمل كردية وتركية من الحليف الأميركي
حميدي العبدالله
من يتابع تصريحات المسؤولين الأتراك والمسؤولين في وحدات الحماية الكردية الناشطة في سورية يلاحظ بسهولة خيبة الأمل من الحليف الأميركي.
تركيا العضو في حلف الناتو، والتي تعتبر نفسها حليفاً دائماً وموثوقاً للولايات المتحدة، أصيبت بخيبة أمل من حليفها الأميركي في مسائل ثلاث. الأولى رفض واشنطن الدائم ما طالب به الرئيس التركي لجهة إقامة منطقة حظر جوي، ومناطق آمنة، داخل الأراضي السورية. أنقرة على قناعة بأنّ استجابة الولايات المتحدة لمطلبها هذا من شأنها أن تعزّز النفوذ التركي في مناطق داخل سورية كون هذه المناطق تقع بالقرب من الحدود التركية، فضلاً عن أنّ تدخلاً عسكرياً أميركياً مباشراً وواسعاً ستقود إليه إقامة المناطق الآمنة ومناطق الحظر الجوي يساعد، حسب قناعة المسؤولين الأتراك، بإسقاط نظام حكم الرئيس الأسد، وهو هدف سعت إليه أنقرة منذ بداية الحرب على سورية.
المسألة الثانية موقف الولايات المتحدة من أكراد سورية، إذ من المعروف أن غالبية أكراد سورية، ولا سيما «وحدات الحماية الكردية»، تمثل امتداداً تنظيمياً لحزب العمال الكردستاني في تركيا الذي تصفه أنقرة بأنه تنظيم إرهابي، وزاد من غضب تركيا وإحباطها من حليفها الأميركي أنّ واشنطن ساعدت «وحدات الحماية الكردية» على السيطرة على مناطق واسعة تقع على الحدود السورية التركية، الأمر الذي تعتبره أنقرة بأنه تهديد كبير لأمنها القومي. المسألة الثالثة، قناعة تركيا حزب العدالة والتنمية بأنّ الولايات المتحدة تسعى لإسقاط أردوغان لأنّ أجندته لا تتطابق تماماً مع السياسة الأميركية في المنطقة، ولا سيما في سورية والعراق.
على خلفية هذه المسائل الثلاث تجد أنقرة أنّ حليفها الأميركي قد تخلى عنها، أو على الأقلّ، غلّب مصالحه على مصالحها ولذلك أصيبت بخيبة أمل، ولعلّ خيبة الأمل هذه هي التي تفسّر التوتر القائم بين أنقرة وواشنطن وصعوبة التعرّف إلى المآل الذي سيؤول إليه هذا التوتر.
الأكراد في سورية بدورهم أصيبوا بخيبة أمل من حليفهم الأميركي مرتين على الأقلّ. المرة الأولى، عندما طلب منهم سحب مقاتليهم من غرب نهر الفرات، أيّ من البلدات التي أخرجوا داعش منها وكبّدتهم خسائر كبيرة، وفي مقدّمة هذه البلدات مدينة منبج. والمرة الثانية عندما لم تحرّك واشنطن ساكناً عندما هاجمت القوات التركية مواقع وحدات الحماية واستهدفت بلدات وقرى يقطنها أكراد في منطقة عفرين. ومن غير المعروف إلى ماذا سيقود التخلي الأميركي عن وحدات الحماية، هل تكون نتائجه محصورة في وقف السيطرة على مناطق داعش عبر التعاون مع الأكراد، والاكتفاء بما تقوم به تركيا على هذا الصعيد، وقد يشكل ذلك، وبات يشكل فعلاً، تهديداً لأكراد سورية، لأنّ هدف تركيا هؤلاء الأكراد بالدرجة الأولى وليس داعش، أم أنهم سيعززون علاقتهم مع الدولة السورية وحليفها الروسي لتأمين الحماية لهم، بعد أن تخلت عنهم حليفتهم الولايات المتحدة؟
في مطلق الأحوال فإنّ الخاسر الأكبر هو واشنطن التي باتت تفتقر إلى الحلفاء الطيّعين للعمل داخل سورية.