فرنسا وتركيا ونبل والزهراء
روزانا رمّال
يتقدم المشهد المزدوج لنداءات الحرب على الإرهاب، وهي تجتاح الغرب، سياسيين وإعلاميين وأمنيين ومواطنين، ومعها نداءات دعم ما يُسمّى «المعارضة» التي تخوض «ثورة شعب مظلوم» في سورية، والمقصود بلغة اليوم الهجوم الذي تشنّه «جبهة النصرة» على بلدتي نبل والزهراء في شمال سورية.
يعرف المتابعون أنّ الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والفرنسي فرنسوا هولاند أطلقا، وقبل أن يطلق المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مبادرة تجميد القتال في حلب، نداء: لا تدعوا موازين القوى تتغير في سورية لصالح النظام، ممنوع أن تسقط حلب في يد الجيش السوري.
تولّى الأتراك المهمّات الميدانية لترجمة النداء، وحاولوا الضغط على الأميركيين لربط الشراكة في الحرب على «داعش» بصورة رمزية عبر السماح بنقل مقاتلي البشمركة إلى عين العرب كوباني بقبول واشنطن ترجمة شعار دعم «المعارضة المعتدلة»، بتفويض تركيا تدريب وتسليح مئات المقاتلين السوريين بدعم أميركي علني وواضح، بينما تولّى الفرنسيون تقديم السلاح عن طريق تركيا للمجموعات المسلحة التي يمكن الاعتماد عليها لترجمة مضمون النداء المشترك.
يتزامن المشهدان رمزياً ليقولا الحقيقة المُرّة.
يضرب مقاتلو «داعش» و«القاعدة» في باريس قلب فرنسا ويسقط صحافيون وعناصر شرطة فتهتز فرنسا ومعها أوروبا لنداء عنوانه: إنها الحرب صارت عندنا في قلب الدار، ويحتار الأوروبيون، هل يعلنوها حرباً على الإسلام والمسلمين، كما فعل اليمين المتطرف الذي زادت شعبيته أكثر من 50 في المئة، وفقاً لاستطلاعات الرأي وهو يدعو إلى تطهير أوروبا من المسلمين، فتصفق له «القاعدة» وتحتفل «داعش» بتحويل مسلمي أوروبا إلى بيئة حاضنة جاهزة لشعور ملايين المسلمين الأوروبيين بالاستهداف وحاجتهم إلى الحماية بعدما سقطت عنهم حماية القانون؟
يجهز المقاتلون الذين سلحتهم فرنسا ودربتهم وجمعتهم لتحقيق النداء، ويبدأ الهجوم من الجهة الشمالية الغربية لمدينة حلب التي نجح الجيش السوري في إغلاق خطوط الإمداد عن المسلحين في أحيائها وأحكم طوقه حولها، وها هي «جبهة النصرة» تهاجم بألفي مقاتل بلدتي نبل والزهراء لتتواصل مع المدينة الاستراتيجية وأحيائها ومسلحي هذه الأحياء.
يتابع هولاند حليف أردوغان في غرفة العمليات هجوم «النصرة» وينتظر الأخبار السارة من حلب وريفها، ويتابع في غرفة أخرى مطاردة الشرطة الفرنسية للشقيقين اللذين قالت الاستخبارات الفرنسية أنهما يقفان وراء عملية باريس، ومن الغرفتين لا تصله الأخبار السارة.
فشل هجوم «النصرة» على نبل والزهراء، كما فشلت الشرطة الفرنسية في إلقاء القبض على المهاجمين. فهل يعلم الفرنسيون أنّ «جبهة النصرة» التي ينتظر رئيسهم أخبارها السارة هي أحد فروع تنظيم «القاعدة» في سورية ولبنان والأردن وفلسطين وأنّ مقاتلي نبل والزهراء والجيش السوري الذي صدّوا الهجوم كانوا هم من يحمي فرنسا من غباء وحقد الرئيس الفرنسي الذي لو حصل على الأخبار السارة التي كان ينتظرها ، لكسب الإرهابيون الذين ضربوا في باريس إعلان الإمارة في مدينة حلب؟
يسقط أبرياء في باريس ضحايا بيد الإرهاب، لكنّ القاتل الحقيقي اسمه فرانسوا هولاند.
«توب نيوز»