الإرهاب… وارتداداته على الأنظمة والدول الراعية
جمال رابعة
لطالما تحدث الرئيس السوري بشار الأسد، وفي مناسبات متعدّدة، عن الإرهاب وأهدافه والمساحات التي تجتاحها القطعان التكفيرية التي لا تفهم سوى لغة القتل من أجل القتل والذبح وقطع الرؤوس وتقطيع الأجساد، بأيدولوجية فاشية تعتمر قبعة الإسلام لتشوه معانيه الإنسانية والحضارية.
وفي خطاب القسم بتاريخ 2014 ــ 7 ــ 17، قال الرئيس الأسد: «منذ بداية الأحداث حذرنا بأنّ ما يحصل هو مخطط لن يقف عند حدود سورية بل سيتجاوزها منتشراً عبر انتشار الإرهاب الذي لا يعرف حدوداً. حينها قال البعض أنّ الرئيس السوري يهدّد العالم، وحينها تحدثتُ عن خط الزلازل الذي يمرّ من سورية، وقلت أنّ المساس بهذا سيؤدي إلى زلازل لن تتوقف ارتداداتها في سورية وجوارها، بل ستذهب إلى مناطق بعيدة. فاعتبروا أنّ الرئيس السوري يهدّد لمجرد التهديد».
إذاً، لخص الرئيس الأسد، بكلامه وبقراءة دقيقة، ما ستؤول إليه أوضاع المنطقة ببعدها الجيوسياسي، جراء دعم قوى الإرهاب دولياً وإقليمياً.
وها هو الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل يطلّ علينا عبر شاشة «cbc» محذراً، ويقول: لو سقطت الدولة السورية وسقط الرئيس بشار الأسد فإنّ الأردن ولبنان آيلان للسقوط حتماً.
وعليه فإنّ ما أراد هيكل قوله هو أنه لولا صمود سورية ورئيسها وشعبها وجيشها وتصديهم للعصابات الإرهابية التي ترعاها السعودية ومشيخة قطر وتركيا، بدعم متعدّد الأشكال من الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية، لاشتعلت ساحات قريبة في مقدمتها الأردن ولبنان.
كنت قد كتبت مقالاً بعنوان «الرايات السوداء والغرب الأطلسي»، بتاريخ 2014 ــ 7 ــ 8، جاء فيه: «تمّ استيلاد تنظيمات تكفيرية كداعش والنصرة والقاعدة وأذرعها في المطابخ الخلفية للغرب الأطلسي وفي مقدمتها أميركا، برعاية أجهزة استخباراتها لها، ما شكل حالة استقطاب وجذب لرعاية تلك الدول هيأت لها ظرفاً مناسباً للتدريب والتعبئة الفكرية من دون أن يدرك الغرب نتائج ذلك، فأصبح حاله كرجل قام برعاية صغير ضبعٍ تحت جلبابه وعندما كبر قام بابتلاعه.
إنّ تطور الأحداث وما نشهده من أعمال إرهابية، إقليمياً ودولياً، يؤكدان في شكل قطعي إصرار هذه التنظيمات التكفيرية على تحقيق أهدافها من جهة، وسذاجة وسطحية الغرب الأطلسي في التعاطي معها من جهة أخرى، لجهة عدم دراسة الآثار السلبية للأعمال الإجرامية التي تقوم بها تلك التنظيمات على أراضيه وشعوبه.
وما رأيناه يوم الثلاثاء الماضي في فرنسا، عندما هاجم مسلحون مكتب صحيفة «شارلي إبيدو» الساخرة في العاصمة باريس والذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً وإصابة 20 آخرين، يعتبر الحادث الأكثر دموية الذي تتعرض له فرنسا منذ أكثر من أربعين سنة، وقد أعلنت «داعش» عبر «تويتر» مسؤليتها عن العملية. يضاف إلى ذلك، الهجوم المسلح الآخر الذي وقع جنوب فرنسا وأدى إلى مقتل شرطية وجرح موظف بلدية، وتفجير مطعم شرق فرنسا، والتفجير الانتحاري الذي حصل في قسم للشرطة في مدينة اسطنبول التركية وأوقع ثلاث ضحايا من الشرطة، وأفادت الأنباء الأولية بأنه كان برسم «داعش» أيضاً.
أما إسبانيا، فلها شجون وأحزان كبيرة مع أهداف ومخططات «داعش»، إذ أوردت صحيفة «أي بي سي» الإسبانية أنّ تنظيم «داعش» الذي ينمو ويتكاثر في سورية والعراق، يخطط لتوحيد أراضي الخلافة، إذ يعد بتحويل إسبانيا إلى الأندلس خلال خمس سنوات.
أما مملكة آل سعود، منبع الفكر الوهابي التكفيري ومموِّل هذه العصابات، فقد شهدنا بداية ارتدادات ذلك الفكر عليها، من خلال المعركة التي حصلت على الحدود السعودية في عرعر- السويقة وقتل فيها ضابط برتبة عميد قائد قطاع مع ثلاثة من رجاله، وكانت هذه العملية تستهدف المراكز والمعابر الحدودية السعودية التي تربطها بالعراق من أجل تنفيذ خطة وُضعت مسبقاً.
من خلال ما تقدّم، فإنّ سياسات الإدارة الأميركية والغرب الأطلسي في اعتقادي، أدت إلى وجود قوى تكفيرية متطرفة في مناطق جغرافية محدّدة من سورية والعراق، إذ أنّ معظم الإرهابيين من فرنسيين وبلجيكيين، وغيرهم من الأوروبيين، دخلوا عبر تركيا وبعلم السلطات الغربية ولا سيّما الفرنسية منها. كما أنّ فساد المسؤولين في أوروبا وفرنسا بالتحديد وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، من خلال صفقات السلاح وغيرها، قد سمحت للفكر الوهابي الفاشي وبسطوة مال آل سعود، بالسيطرة على المراكز الدينية والمساجد والأحياء الشعبية الفقيرة.
سؤالي: هل أدركت هذه العواصم نتيجة أفعالها، وخصوصاً ما ارتكبته في حق سورية رئيساً وشعباً وجيشاً؟ وهل اقتنع الغرب الأطلسي بأهمية ودور وقدرة الجيش السوري على اجتثاث الإرهاب في المنطقة، وقد ظهر عجز هذا الغرب وعدم قدرته على تحقيق أي نتائج في المدى المنظور، من دون اعتماد على طرف قوي في المنطقة كما قلت سابقاً؟
الأيام المقبلة تفصح عن ذلك فلننتظر…
عضو مجلس الشعب السوري