المنطقة في ربع الساعة الأخير على حافة الحرب؟
كتب المحرر السياسي:
هل دخلت المنطقة النفق المظلم الذي يؤدّي إلى حرب شاملة، أم هي عملية اللعب على حافة الهاوية تلجأ إليها «إسرائيل» في محاولة لتغيير قواعد اللعبة التي أخرجتها من بين اللاعبين الكبار، أم هو الجواب على كلام قائد المقاومة السيد حسن نصرالله، بأنّ اللعبة انتهت في المنطقة، بالقول بالنار إنّ اللعبة لم تنته، أم هي مجرّد حملة انتخابية يخوضها بنيامين نتنياهو بمغامرة أو مقامرة بعدما تيقن من خسارته الانتخابات فيخوضها على طريقة شمشون، وفقاً لمعادلة عليّ وعلى أعدائي يا ربّ، أم هي بداية بديل العجز «الإسرائيلي» بين الفشل العسكري والسياسي في خوض خيارات الحرب والسلم، بنقل المواجهة من الجبهة اللبنانية مع المقاومة حيث موازين الردع تضع خيار الحرب الشاملة حتمية لا مفرّ منها، إلى الجبهة السورية حيث وجود الجيش السوري والمقاومة محكوم باعتبارات الحرب الدائرة مع الإرهاب، وبالاعتبارات والأولويات التي تفرضها تلك الحرب، وبالتوقيت الذي يراعي شروط الفوز بها؟
مصادر المتابعين والمعنيين في لبنان وسورية، والذين يعبّرون عن الاستقراء السريع لما جرى على مستوى سورية والمقاومة رأت أن العملية «الإسرائيلية» التي استهدفت المقاومين من حزب الله في منطقة القنيطرة وأدت إلى استشهاد ستة منهم، خليط من كلّ ما ذكر في آن واحد.
المنطقة تقترب من النهايات الحاسمة، والمسارات المشوشة باتت تتبلور نهاياتها الواضحة، ومكانة «إسرائيل» في كلّ الملفات كسائر حلفاء أميركا، ليست مرضية ولا تتناسب مع أوهام الغرور والغطرسة لدى «إسرائيل»، فالميدان العسكري في سورية بات خالياً من فرضيات وأوهام المعارضة المعتدلة خلافاً لأحلام واشنطن، والخيار بات محصوراً بين الجيش السوري من جهة، و«داعش» و«النصرة» من جهة مقابلة، والحل السياسي صار مسقوفاً بالتسليم بشرعية الرئيس بشار الأسد خلافاً للمشيئتين التركية والسعودية، وسلمت أميركا وأوروبا بذلك وصولاً لدعم حوارات موسكو المعلوم سلفاً المسار الذي تسلكه والهدف الذي ستصل إليه، والملف النووي الإيراني حسم التفاهم حوله عملياً ولم يتبق إلا كيفيات الإعلان بما يتحمّله الأميركي داخلياً وتجاه حلفائه وحاجاته للتباطؤ بحثاً عن المخارج الأقلّ كلفة، والمقاومة التي راهنت «إسرائيل» على ضعفها أو تشتتها أو استنزافها في الحرب السورية صارت الرقم الأصعب في معادلات المنطقة وبيدها من القدرات والسلاح والرجال ما يجعلها تهديداً لا قدرة على تحمل رؤية الغد بوجوده، وهذه هي ملفات المنطقة التي تعني «إسرائيل» قبل أن تشهد الحلف العسكري الإيراني العراقي السوري، فكيف وهو يولد ويتنامى وتتسع أطره واهتماماته، وينضمّ إليه المقاومون عملياً، وتأتي غداً سنوات العافية والتسويات وقيامة الدول التي أنهكتها الحرب على الإرهاب، لتواجه «إسرائيل» ساعة الحقيقة المرة.
الخلاصة «الإسرائيلية» هي أنه لا بدّ من قطع المسارات السوداء الآتية، ولو تضمّن الأمر حداً من المخاطرة، لا بدّ من التسخين في جبهة الجولان وصولاً لشيء يشبه القرار 1701 بدفع المنطقة إلى حافة الحرب، والاحتماء بقوة وجدية وحسم وراء 1701 سوري وآخر لبناني، والانكفاء وراء الجدران داخل فلسطين، والاحتماء بيهودية الدولة.
مع هذه الخلاصة يبدو بنيامين نتنياهو رئيس وزراء تائهاً ككيانه في الخيارات المرة والصعبة انتخابياً، فلا أمل لديه للفوز بتحالفات وعدد أصوات تتيح له ترؤس الحكومة المقبلة، ما لم يفعل ما يبهر الناخبين أو يتيح له، كما يتهمه خصومه، تأجيل الانتخابات بذريعة خطر الحرب.
هو ربع الساعة الأخير المليء بالمفاجآت، والمفتوح على الاحتمالات، طالما أنّ المقاومة ستردّ على العدوان الذي استهدف رجالها، وطالما أنّ الردّ على الأرجح لن يتأخر كما فهم من بيان النعي الذي زفّ شهداء المقاومة لجمهورها، من دون أن يتضمّن الإشارة إلى حق الردّ.
ففي اعتداء لافت في توقيته ومكانه أغارت مروحية إسرائيلية ترافقها طائرات تجسّس من دون طيار، مجموعة من حزب الله كانت في مهمة تفقد ميدانية لمزرعة الأمل في منطقة القنيطرة السورية. وأدى العدوان إلى وقوع ستة شهداء هم: القائد محمد أحمد عيسى، جهاد عماد مغنية، عباس إبراهيم حجازي، محمد علي حسن أبو الحسن، غازي علي ضاوي وعلي حسن إبراهيم.
واكتفى حزب الله في بيان مقتضب بنعي الشهداء من دون مقاربة مسألة الرد على العدوان.
وفيما أكد مصدر عسكري سوري الغارة مضيفاً إلى الشهداء الستة إصابة طفل بجروح بليغة، تريث الجيش «الإسرائيلي» في الحديث عن الغارة. إلا أن مصدراً أمنياً «إسرائيلياً» أكد أن «إسرائيل» شنت غارة جوية بواسطة مروحية على من وصفهم بـ»عناصر إرهابية» كانوا يعدون لشن هجمات على القسم الذي تحتله «إسرائيل» من هضبة الجولان.
وعن توقيت الاعتداء، أشار الجنرال «الإسرائيلي» يوءاف جالنيط إلى أن التوقيت ليس صدفة. وأوضح أن التوقيت له علاقة بالانتخابات الإسرائيلية، مشيراً إلى مثال على ذلك حينما اغتالت «إسرائيل» قائد كتائب القسام في غزة أحمد الجعبري عام 2012.
أما ميدانياً، فقد ساد الحذر والترقب «إسرائيل» إذ اعتبرت وسائل إعلام «إسرائيلية» أن حزب الله «لن يمر على العملية من دون رد حتى وإن كانت وقعت على الأراضي السورية»، مؤكدة أن الحزب سيحاول في كل مواجهة مقبلة مع «إسرائيل» الوصول إلى الجليل.
وكثف الطيران المعادي تحليقه فوق مزارع شبعا ومرتفعات الجولان المحتلين، ورفع مستوى التأهب في السفارات في العالم. كما رفعت حال التأهب في المناطق الشمالية على الحدود مع لبنان وتعزيز القوات هناك.
وكان سبق الغارة عدوان «إسرائيلي» آخر لافت أيضاً في نوعه وتوقيته، إذ أقدمت قبل ظهر أمس دورية للعدو على إلقاء قنبلتين مسيلتين للدموع قرب مركز عسكري للجيش اللبناني في عيتا الشعب ما أدى إلى إصابة ثلاثة من جنود الجيش بضيق تنفس نتيجة تنشقهم دخان القنبلتين.
وعلى الفور أبلغ الجيش اللبناني قيادة قوات «يونيفيل» بالأمر فأرسلت فريقاً من الضباط لمعاينة ما جرى وإجراء تحقيق في الحادث ورفعه إلى القيادة.
عدوان ثلاثي الأبعاد
وأكدت مصادر عسكرية لـ«البناء «، أن «الحدثين في الجنوب والجولان مرتبطان ويشكلان سلوكاً عدوانياً واستفزازياً، قد تكون «إسرائيل» أرادت منهما استدراج واختبار رد فعل محور المقاومة عموماً وحزب الله خصوصاً، لا سيما أن العمليتين في الجنوب والقنيطرة، تأتيان بعد كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي أظهر فيه عن قدرات جديدة للمقاومة أربكت العدو وأثرت على معنويات جيشه ومستوطنيه». وقالت المصادر: «يبدو أن إسرائيل تعمدت في العدوانين أن يكون عدوانها شاملاً الجيش اللبناني في الجنوب، والمقاومة والجيش السوري في القنيطرة».
وفي السياق، أعرب وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في حديث لقناة «المنار» أن «ما يجب أن تدركه حكومة إسرائيل أن كلفة المحافظة على الأمن الإقليمي أقل بكثير من كلفة انفلات الأمور من عقالها وتطورها بشكل سلبي، وعلى المجتمع الدولي أن يتصرف على نحو منسجم مع شرعة المنظمة الدولية، والمنظمات الدولية لم تتصرف أبداً على هذا النحو على رغم كل الخروقات الإسرائيلية في الجولان»، لافتاً إلى أن «ما يحصل الآن هو جملة من الانتهاكات ضد سورية».
في الأثناء، صد الجيش اللبناني أمس محاولة تسلل لعناصر مسلحة من «جبهة النصرة» من جرود عرسال إلى البلدة. ودار اشتباك بين الطرفين أسفر عن سقوط ثلاثة جرحى من المسلحين وانكفاء المجموعة إلى المكان الذي انطلقت منه.
الراعي في جبل محسن معزياً
داخلياً، لا تزال حال الاسترخاء تسيطر على الساحة السياسية ولم يسجل أمس سوى زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي، معزياً بشهداء التفجيرين الانتحاريين في جبل محسن. وقال الراعي: «آلينا على نفسنا أن نأتي باسم كنيستنا المارونية وسنودس أساقفتنا كي نقدم التعازي لعائلات شهداء تفجيري جبل محسن»، موضحاً «أننا جئنا لنكن لكم كل هذا التقدير، فكل لبنان يقدر كيف أطفأتم فتيل الشر والثأر وارتضيتم هذه الذبيحة».
أما الشيخ عاصي فأشار إلى «أن البطريرك الماروني تخرج من مدرسة سيدنا المسيح، وزيارته لجبل محسن بلسم للجراح»، معتبراً «أن الحافز الأخلاقي والديني دفع بالراعي إلى هذه الزيارة التي لا تتعلق بمنظور سياسي بل بمنظور إنساني».
كما زار الراعي، دارة الرئيس الراحل عمر كرامي، يرافقه المطرانان جورج بو جودة ومطانيوس الخوري، لتقديم واجب العزاء للعائلة.
وكان الراعي تمنى في عظة قداس الأحد أن يتوصل الأفرقاء السياسيون المتحاورون عندنا في هذه الأيام، إلى اكتشاف لبنان – الكنز، في ميثاقه الوطني وصيغته ونموذجية العيش المسيحي – الإسلامي المنظم في الدستور، ودوره في محيطه العربي كعنصر سلام وانفتاح ولقاء للديانات والثقافات والحضارات، فيتحررون من مصالحهم الخاصة والفئوية والمذهبية، ويعملون بروح المسؤولية الوطنية على انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن، ووضع قانون جديد للانتخابات النيابية وإجراء مسبق لهذه الانتخابات على أساسه، وعلى إنهاض المؤسسات العامة، وإجراء التعيينات في الأماكن الشاغرة، ويعملون على إخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، فيما الدين العام، بالمقابل، والفساد وهدر المال العام، يتآكلون الدولة وخزينتها، وينذرون بأخطر النتائج».
تيمور يباشر نشاطه السياسي
وفي أول زيارة سياسية لتيمور وليد جنبلاط، كانت أول من أمس إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرافقه وزير الصحة وائل أبو فاعور، في حضور وزير المال علي حسن خليل، وكانت جولة أفق حول التطورات.