واشنطن لإغلاق قاعدتها في قطر… وفرنسا تمهّد للعودة إلى سورية «داعش»: خطة منظمة لتهجير المسيحيين… وخطط أوروبية لاستيعابهم

كتب المحرر السياسي:

التصعيد الكلامي الأميركي حول تحميل إيران مسؤولية الشراكة بما سمّته تقويض السلطة في اليمن، لم يمنع من مواصلة التحضيرات الأميركية ـ الإيرانية للقاء ثانٍ الأسبوع المقبل، لمواصلة المشاروات، بقدر ما أشار إلى بدء الحديث عن الأدوار في الملفات الإقليمية الساخنة، حيث التفاوض يجب أن يبدأ، بينما كانت الأنباء الآتية من واشنطن تمهّد لتطوّر مهمّ على مستوى الخليج يتمثل بإعلان نهاية الحقبة التي بدأت بإقامة قاعدة العيديد في قطر، والتي شكلت بداية التدخلات العسكرية المباشرة في المنطقة، من جهة، وأسّست لما عُرف بالحقبة القطرية من جهة أخرى، ما طرح سؤالين مهمين، الأول حول مستقبل الحرب على «داعش»، التي تمثل الغارات الجوية شكل المساهمة الأميركية الرئيسي فيها، ومستقبل الإمارة التي ربما يكون إخلاؤها من قبل القوات الأميركية إيذاناً بتغييرات داخلية ستشهدها، أو بإشكاليات إقليمية ستتعرّض لها، ويريد الأميركيون إفساح المجال لها، ومنحها الضوء الأخضر عبر الإخلاء، الذي أفردت له صحيفة «وول ستريت جورنال» صفحتها الأولى.

بالتوازي مع الاستعداد للخرائط الجديدة، تناولت الصحف الفرنسية مغزى زيارة وفد فرنسي برلماني وأهلي وحزبي إلى سورية، كمؤشر على بدء مساعي التموضع السياسي الجديد مع المتغيّرات، فالوفد على رغم كونه من معارضي سياسة الرئيس فرنسوا هولاند، كان ينتظر قراراً بالمنع أسوة بوفود مشابهة منعتها الإدارة سابقاً من زيارات مماثلة.

وفي قراءة الخرائط الجديدة، يلفت انتباه المتابعين مواصلة «داعش» بخطى حثيثة عملية الاستهداف المنظم والمبرمج للوجود المسيحي في الشرق من دون أيّ مبرّر أو ذريعة، سواء في العراق أو مصر أو مؤخراً في الحسكة بسورية، بينما يلفت في المقابل قيام دول أوروبية عديدة ودول غربية أخرى، بتقديم تسهيلات ووضع خطط لاستيعاب المسيحيين الراغبين في الهجرة، ويجري الحديث في المانيا وفرنسا مثلاً عن الاستعداد لاستيعاب مليوني مهاجر في كلّ من البلدين، وما يرتبه ذلك من توازن مع الجاليات الإسلامية المهاجرة، وإقامة توازن رعب بين الجاليتين الإسلامية والمسيحية المهاجرتين على خلفية الأحداث الدموية التي تشهدها المنطقة، بينما تعمل حكومة «تل أبيب» بسعي لا يقلّ جدية على تعبئة يهود أوروبا للهجرة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويدور تجاذب خفيّ بينها وبين حكومات أوروبا حول هذا المسعى، حيث تريد الحكومات الأوروبية الاحتفاظ بهذه الجاليات في حالة تعبوية للمشاركة في التوازن الذي تريد إقامته مع الجاليات الإسلامية المهاجرة.

في لبنان المرتبك حكومياً، والمنشغل أمنياً، في ظلّ الفراغ الرئاسي المقيم، برز بيان كتلة المستقبل النيابية حول رفض تعديل الآليات الدستورية وابتداع أشكال جديدة، بمثابة ردّ على الوزراء المتمسكين بالإجماع رفضاً لكلّ تصويت، ولكن أيضاً بمثابة هجوم على الرئيس تمام سلام الذي يريد وضع نصاب تصويت خاص لمرحلة الفراغ الرئاسي غير المنصوص عليه في المادة الخامسة والستين من الدستور، فيما الجيش والأجهزة الأمنية مهتمّون بالاستعداد لتوقعات المواجهات المقبلة في جرود عرسال في ضوء ما تسجله من إشارات استعداد، وتحركات توحي بوجود نية لتحرك قريب، ما يجعل الحديث عن حرب آتية أقرب إلى الواقع مهما كانت التمنيات.

حراك سياسي في الفراغ

في هذه الأثناء نقل زوار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عنه قوله: «إنّ اللقاء مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون بات قريباً جداً»، لافتاً إلى «أنّ المكان والزمان لم يحدّدا بعد». وشدّد جعجع بحسب زواره على «وجود عقد عديدة تمنع انتخاب رئيس الجمهورية»، داعياً: «إلى تذليلها، وانتخاب رئيس في أسرع وقت».

ونقل زوار بيت الوسط عن الرئيس سعد الحريري لـ«البناء»، تأكيده «أنّ التعطيل في العمل الحكومي لا يجوز»، مشيراً إلى انه «يقوم بجهد واتصالات لحلحة الأمور»، مشيراً إلى «تطابق في وجهات النظر مع الرئيس نبيه بري والعماد عون لاستمرار عمل الحكومة».

لقاء الوزراء الثمانية عند الجميّل

إلى ذلك، يلتقي الوزراء الثمانية سمير مقبل، أليس شبطيني، ميشال فرعون، عبد المطلب حناوي، سجعان قزي، بطرس حرب، آلان حكيم، ورمزي جريج الرئيس أمين الجميّل اليوم بعدما التقوا الأسبوع الفائت الرئيس ميشال سليمان، للبحث في آلية العمل الحكومي التي يسعى رئيس الحكومة إلى تعديلها بما يتلاءم مع المصلحة العامة.

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي يلتقي رئيس الحكومة تمام سلام اليوم، لـ«البناء» أن «الاتصالات لا تزال مستمرة لإيجاد حلّ لآلية العمل الحكومي»، مشيراً إلى «انّ القضايا الميثاقية في حاجة إلى إجماع وزاري، والقضايا العادية التي تذهب إلى التصويت إما بالثلثين أو بالثلثين زائداً واحداً».

في غضون ذلك، أعلن الرئيس سلام أنّ هناك خللاً جوهرياً في المسار الديمقراطي يتمثل في الشغور في موقع رئاسة الجمهورية، داعياً الى «معالجة هذا الشغور بشكل لا يتعارض مع تلبية حاجات اللبنانيين وتسيير شؤونهم، ولا يؤسّس في الوقت نفسه الى حالة جديدة خارج اطار النظام الديموقراطي». وأشار أمام زواره، إلى «أن الأمن متماسك في لبنان على رغم التعثر في الاداء الحكومي»، مؤكداً: «تمسكه بمطلب تحرير العمل الحكومي وعدم تعطيله»، داعياً: «القوى السياسية الى الذهاب لانتخاب رئيس للتخلص من الوضع الشاذ».

وغرّد جعجع على حسابه على موقع «تويتر» متوجهاً الى الرئيس بري رداً على كلامه الأخير، فكتب: «الى صديقي الرئيس نبيه بري، انّ تأثير العوامل الخارجية في الانتخابات الرئاسية يصبح صفراً حين تستجيب الكتل المقاطعة لدعواتك المتكرّرة لانتخاب رئيس للجمهورية».

وأكد تكتل التغيير والإصلاح «أنّ المصلحة الوطنية تقتضي الكثير من التروّي والحكمة في مقاربة الأمور، كما أننا نحتاج إلى جهد كبير لعدم الدخول في ردود الفعل ونحاول تكوين رؤية مشركة لا تستثني أحداً وليست مقفلة ومنعزلة، وعلينا أن نلتقي على قواسم مشتركة مسيحية – إسلامية وهذا ينسحب على كل الملفات». وشدد التكتل على أنّ «ما يهمّنا هو استمرار الحكومة في عملها لأنّ شللها مضرّ، ولكن علينا ألا نعتبر أنّ وجود رئيس الجمهورية وعدمه أمر سيّان، ونحن ننطلق من هذه المقاربة في البحث مع رئيس الحكومة».

وشدّدت كتلة المستقبل التي اجتمعت برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وأصدرت بياناً تلاه النائب هادي حبيش على «العودة في عمل الحكومة الى الالتزام بقواعد الدستور من دون ابتداع سوابق أو أعراف جديدة، تزيد من تعقيد آليات عمل الدولة والمؤسسات الدستورية اللبنانية وإرباك الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية».

إطلاق دقماق

إلى ذلك، أطلق أمس سراح الشيخ بلال دقماق بعدما كان الأمن العام أوقفه منذ أسبوعين في مطار بيروت بعدما تمّ ترحيله من تركيا، وذلك لوجود مذكرة توقيف في حقه صادرة عن القضاء اللبناني على خلفية حيازته مخزناً للأسلحة في منزل والده في ابي سمرا ـ طرابلس.

وفي هذا الإطار، أشارت المعلومات الى انّ مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أفرج عن دقماق بعدما تبيّن أن لا تهم إرهابية في حقه وانّ الأمر فقط يقتصر على سلاح ليس ملكه. وسألت مصادر مطلعة عبر «البناء» هل اقتنع القضاء بمشروعية اقتناء أسلحة غير مرخصة؟ لا سيما انّ اقتناء دقماق لأسلحة غير مرخصة وتستعمل لعمليات إرهابية أمر ثابت بالدليل القاطع، والذي ضبطت الأسلحة في حوزته اعترف بأنها تعود لدقماق الذي لم ينف ذلك على الإطلاق. وذكرت المصادر بـ«وضع الوزير السابق ميشال سماحة الذي اوقف بتهمة حيازته أسلحة كانت موجودة في كاراج منزله»، وسألت: «لماذا يطلق سراح دقماق ولا يطلق سماحة الذي لا يزال قيد التوقيف»؟

وأشارت المصادر إلى فرضيتين تحكمان عملية إخلاء سبيل دقماق: «الأولى أنّ القضاء اقتنع بأنّ حيازته السلاح لعمليات إرهابية ليست تهمة إرهابية، والفرضية الثانية أن يكون القاضي صقر اتخذ هذا القرار تحت ضغط ما».

ولفتت المصادر إلى «أنّ دقماق كان أجرى سلسلة اتصالات مع المعنيين قبل عودته من تركيا لكي لا تتعدّى مدة توقيفه الشهر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى