باراك أوباما يُذكّر… ليقرّر

روزانا رمّال

يبدو أنّ صراع الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الكونغرس أكبر بكثير مما يمكن تخطيه أو تجاهله بالنسبة إلى رئيس الولايات المتحدة الذي يتسلّح بصلاحيات منحه إياها الدستور الأميركي، وهي صلاحيات رئاسية، يتجه إلى تكرار استخدامها بمعزل عن موافقة الكونغرس، باعتبارها القدرة على تعليق قرارات او رفضها عبئاً على أوباما وعلى أيّ رئيس أميركي لا يمكنه استخدامها كفيتو إلى ما لا نهاية… يقول ديبلوماسي عمل في واشنطن لسنوات.

باراك أوباما الذي يظهر كرئيس أميركي مختلف حاول جاهداً خلال ولايته فتح ملفات وخوض غمار حلّ قضايا داخلية ودولية لم تكن عادية، وليس أوّلها إعادة العلاقات المقطوعة تاريخياً مع كوبا، ولا آخرها محاولة إنجاح التوافق مع إيران، وبالتالي فتح آفاق جديدة أمام البلدين.

حلّ الملف الكوبي بالنسبة إلى كثر من الأميركيين الموزعين بين جمهوريين وديمقراطيين، وحتى بين شعبي البلدين، وبالنظرة إليه من قبل رؤساء غربيين منذ عقود، كان معضلة حقيقية، والتحرك نحو كوبا بهذا الشكل كان شبه مستحيل، إلا أنّ الإدارة الأميركية بقيادة أوباما خطت الخطوة بنجاح، أقله نجاح شجاعة المبادرة أولاً، وبالتالي فإنّ المبادرة نحو إيران أو إنجاح المفاوضات معها كفريق أميركي يندرج أيضاً في نفس الإطار، ويؤشر الى عزم أوباما على إنجاحها.

قرار مدّ الجسور مع إيران كقوة حقيقية في الشرق الأوسط هو قرار استراتيجي اتخذه أوباما ويعرف جيداً تداعياته، بغضّ النظر عن أنّ هذا الحدث سيسجل في تاريخ الولايات المتحدة، ويتوّج أوباما قائداً فريداً إضافة إلى باقي محاولاته في عدة قضايا سابقة، وبالتالي يتضح أنّ أوباما يعتزم رسم عناوين عريضة لحقبته، وهو لن يأبه بقرارات الكونغرس دائماً إذا ما اعتبرت بالنسبة إليه تعطيلاً مدروساً.

بغضّ النظر عمّن يظهر بموقف المعطل او المسيء لمصالح أميركا بالنسبة إلى الآخر، أوباما أو الكونغرس، فإنّ التحديات بينهما باتت من يوميات الإدارة الأميركية والإعلام الأميركي، إلا أنه يبدو بالنسبة إلى أوباما فإنّ التذكير بنجاحاته قبل التوقيع مع إيران يصلح في هذه المرحلة، وتحديداً ما صدر عن وزير الخارجية جون كيري حول سورية، حيث أكد التزامها مئة في المئة بالاتفاق حول حلّ ملف نزع السلاح الكيميائي، في هذا عدة رسائل في رسالة واحدة.

أولاً: يفيد تذكير الكونغرس بالنسبة إلى أوباما أنّ بعض قرارات إدارته المصيرية نجحت، وبالتالي لا مانع من أن يظهر بمظهر الرئيس الأميركي الذي يستطيع أن يحقق اليوم ما لم يكن ممكناً قبله، وبالتالي فإنّ النجاح مع إيران وتقديمها بموقف المتقيّد باتفاق، كما تقيّدت سورية والرئيس بشار الأسد تحديداً ممكناً جداً، وبالتالي يظهر أوباما الرئيس الذي يستطيع ترويض خصومه حسب اعتقاده.

ثانياً: يرسل جون كيري رسالة تؤكد موقف البيت الأبيض من اعتبار الأسد غير خارج عن القوانين الدولية، وليس رئيساً عبثياً أو يسعى إلى نقض عهوده والتزاماته، وبالتالي يمكن أيضاً التفاوض معه لأنه ظهر بمظهر الجدي جداً في موضوع الأسلحة الكيميائية في سورية.

باراك أوباما يذكر خصومه… ليقرّر.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى