الحلّ: توحيد الدفاع الوطني والحشد الشعبي واللجان اليمنية مع المقاومة بقيادة نصر الله
ناصر قنديل
– من بين أشياء كثيرة قالها السيد حسن نصرالله في خطاب عيد المقاومة والتحرير، قال كلاماً واضحاً جديداً واستراتيجياً غير مسبوق، عن وحدة الحرب وقوى الحرب على مستوى المنطقة، بإعادة الاعتبار إلى مفهوم وحدة الجبهات الذي مات من زمن وصار محرّماً مجرد التفكير فيه إلا من باب التضامن العاطفي، والتنسيق السياسي العام بالخطوط العريضة في أحسن الأحوال. هذا من جهة، ومن جهة مقابلة لم يترك السيد تحديد الجهات المعنية عائمة وضبابية، هو لا يتحدث عن تنسيق الجيوش الذي يجب أن تهتمّ به الحكومات، والذي يبدو أنّ ظروف تحققه ليست قريبة ولا في اليد. فسورية الجاهزة لتنسيق مع الجيش اللبناني والجيش العراقي، تعلم ويعلم السيد نصرالله أنها لا تلقى التجاوب المنشود بسبب قيود سياسية دولية وإقليمية تغلّ وتقيّد أيدي قادة الجيوش المعنيين بهذا النوع من التنسيق، أما الجيش اليمني فلا مبرّر لوضعه موضوعاً عملياً إلا ساعة تكتمل تشكيلة وحدة الجيوش.
– حسم السيد نصرالله بالضربة القاضية انتصار المعادلة الثلاثية الذهبية، «الجيش والشعب والمقاومة بصفتيها الوطنية والإقليمية على معادلة النأي بالنفس التي أرادها الرئيس ميشال سليمان وصفة لبنانية للتصدير. وبات مكشوفاً بوضوح لكلّ متابع أن لا فرص للنأي بالنفس في مكان من العالم العربي، وأنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة، هي معادلة النصر الحتمية في كلّ ساحات المواجهة، لكن هذه نتيجة عرضية ربما لم تخطر في بال السيد نصرالله وهو يستعرض أوضاع ساحات المواجهة، التي أراد من خلالها للمرة الأولى تحديد قوى المقاومة إلى جانب الجيوش والشعوب، في سورية والعراق واليمن. فهي اليوم محدّدة بالاسم وواضحة الكيانات، قوات الدفاع الوطني والشعبي في سورية، والحشد الشعبي في العراق، واللجان الثورية في اليمن.
– معلوم في كلّ من ساحات المواجهة أنّ هذه الكيانات هي حاصل تعبئة شعبية وحزبية، لا تمسّ حدود تكوين التنظيمات الحزبية التي تساهم فيها، والتي تدير شؤون خصوصيتها الحزبية من ضمنها، بالتالي فإنّ وحدة جبهات المواجهة غير المتيسّرة عبر وحدة الجيوش، لن تتيسّر إلا بوحدة فصائل المقاومة، من دون أن تكون دعوة إلى وحدة الأحزاب التي تتحرّك ضمن المقاومة، بل وحدة التشكيلات الشعبية المنظمة لمقاومة الغزو والاحتلال والعدوان، واحتفاظ هذه الأحزاب باستقلاليتها وتكوينها ومهامها وخططها. وهذا يعني البحث الجدي في هيئة قيادية موحدة لقوات حزب الله والدفاع الوطني السوري والحشد الشعبي العراقي واللجان الثورية اليمنية، في غرفة عمليات موحدة ونمط قتال موحد، ومنهجية عسكرية موحدة.
– إنّ وحدة قوى المقاومة سيعني، تشكيل جيش من مليون مقاتل لأجل فلسطين من كلّ من لبنان وسورية والعراق واليمن، لأنّ من يوحد قوى المقاومة في وجه التكفير، لن يسرّحها بعد الحرب، وينسى «إسرائيل». وهذا يعني أنّ من يؤرقه مستقبل فلسطين يجب أن يرى وحدة القوى في وجه التكفير فرصة للبناء وتحقيق هدف من دونه لن تكون فلسطين أقرب. وهذا يعني حكماً أن تكون قوى المقاومة الموحدة بغرفة عمليات وقيادة، الجبهة الأقرب إلى فلسطين والأشدّ تمرّساً بقتال «إسرائيل»، وتحت قيادة يجمع لها بالأهلية ويسلّم لها الجميع بالكفاءة. وهذا يعني أن يكون السيد نصرالله القائد العام لهذا الجيش الشعبي المقاوم، ويعلم اليمنيون والسوريون والعراقيون أنّ مجرد حدوث هذا سيعني رفع المعنويات ونسبة الانضباط وأخلاقيات القتال في تشكيلاتهم إلى ضعف ما هي عليه اليوم، وسيفتح الباب لانضمام الكثير من المتطوّعين إلى صفوف كلّ من هذه القوى في بلدانها.
– تشكيل المقاومة الشعبية العربية بقيادة السيد نصرالله صار أمراً وجودياً للفوز بالحرب، ومجرّد التشكيل بقيادة السيد سيعني بدء نهوض فروع جديدة لهذه المقاومة في ساحات عربية ناضجة وليس لها الطريق اليوم، ويعني التحوّل الاستراتيجي الذي سيغيّر اتجاه الحرب، والممنوع للخصوصية والأنانية والفئوية والمصالح الصغيرة والشخصية أن تحول دونه. السيد سيرفض قبول القيادة تواضعاً، ولن يدعو إلى أبعد مما دعا إليه اليوم، لكن نحن الذين تؤرقهم فلسطين ويريدون النصر في الحرب المفتوحة يجب ألا نهدأ، حتى تتقدّم نحو السيد قوات الدفاع الوطني السورية والحشد الشعبي العراقي واللجان الثورية اليمنية بإلحاح التمني على السيد لقبول توحيد قواها تحت لواء موحد بقيادته، ذلك وحده سيغيّر موازين القوى، ويوسّع مظلات الردع.