مجلس الأمن يُسقط بالإجماع العقوبات عن إيران… وألمانيا أول القطاف عقود «إسرائيل» توقف استقبال جرحى «النصرة»… و«داعش» يضرب في تركيا

كتب المحرر السياسي

خطا الاتفاق الخاص بالملف النووي الإيراني الخطوة الأهمّ في الطريق نحو التنفيذ، عبر التصويت بالإجماع على قرار التصديق على بنود التفاهم ومنحها من جهة صفة القانون الدولي، ما يضمن لإيران التحصّن في وجه أيّ تجاذبات سياسية داخلية في أيّ من البلدان المعنية بالتفاهم، من جهة ثانية، يجعل قوة الإلزام بالتنفيذ فوق مستوى القوانين الوطنية للدول، ومن جهة ثالثة ينهي كلّ العقوبات التي صدرت بقرارات عن مجلس الأمن بحق إيران ويجعلها خاضعة لمضمون ما نصّ عليه التفاهم وبنوده.

وعلى رغم كلّ التشكيك الذي تحفل به الأوساط المتضرّرة من التفاهم وتداعياته سواء داخل الدول المعنية أو الدول الإقليمية التي راهنت على إسقاطه، يبدو التفاهم قد سلك طريق التطبيق باندفاعة وقوة تجعلان الوقوف في وجهه نوعاً من الانتحار السياسي، فليس بيد الجمهوريين في أميركا ولا رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ولا حكام السعودية ما يفعلونه لمنع تطبيق التفاهم سوى الرهان على عدم صدقية إيران في الالتزام، وهو رهان لا مكان له في الحسابات الإيرانية التي تدرك أنّ المتربّصين بالتفاهم ينتظرون أي خلاف في مسيرة التطبيق لفتح ملف التفاهم برمّته، وإيران دولة تستمدّ أغلب قوتها من تفوّقها الأخلاقي الذي تحتلّ المصداقية حيّزاً كبيراً منه، ولم توقّع إلا على ما وجدته مناسباً لمصالحها، أما الغرب فسيتكفل التسارع في التشبيك المصلحي في مجالات التعاون الأمني والاقتصادي مع إيران بخلق قوى ضغط لمصلحة التفاهم لم تكن موجودة من قبل، وهو ما بدأت مؤشراته مع زيارة الجنرال مارتن ديمبسي رئيس الأركان في الجيوش الأميركية إلى بغداد لترتيب أطر التنسيق الأميركي العراقي الإيراني في الحرب مع «داعش»، ومع زيارة وزير التجارة الألماني إلى طهران وبدء محادثات أكثر من مئة شركة ألمانية حول شروط وسبل تسريع الدخول إلى الأسواق الإيرانية وخرج بعضها بعقود وتفاهمات.

في المنطقة تبدو السعودية على رغم الدعم الذي تحظى به تشجيعاً من الخاسرين بنتيجة التفاهم، وكأنها وحدها في عين العاصفة، فتركيا المنكفئة على ذاتها تحت وطأة المأزق الحكومي المتمادي منذ تاريخ الانتخابات النيابية الأخيرة، تلقت إصابة بليغة تمثلت بعملية انتحارية لـ«داعش» داخل أراضيها، شكلت وفقاً لوزير الداخلية التركي أول إعلان صارخ لدخول تركيا ساحة العمل بالنسبة لـ«داعش» ما يرتب أخطاراً كبيرة تقول مصادر المعارضة إنها كحصيلة لسياسات حكومات أردوغان وحزبه، ستجعل الوضع السياسي الداخلي أشدّ تعقيداً مثله مثل الوضع الأمني الذي صعد إلى الواجهة بقوة، وجعل التصرف وفقاً للمعادلات السابقة بالبحث عن كيفية توظيف التنظيمات الإرهابية لتغيير التوازنات فرضية تفوق قدرة أردوغان وحزبه. بينما فاجأت «إسرائيل» حلفاءها بالإعلان عن وقف استقبالها جرحى «جبهة النصرة» في مستشفياتها، ما يعني بدء خروجها بصورة أو بأخرى من الرهان على تغييرات عسكرية تحدثها «النصرة» في سورية، في ضوء الانهيارات التي تصيب قواتها على جبهات القلمون وخصوصاً في ظلّ ما تشهده جبهة الزبداني.

لبنان الأشدّ تأثراً بما تنوي السعودية فعله لتعطيل مندرجات التعاون الأميركي الإيراني قبل فرض حضورها بقوة، من حرب اليمن إلى محاولة احتواء حركة حماس مالياً وتشجيعها على هدنة طويلة مع «إسرائيل»، يبدو مدفوعاً بقوة نحو أزمة سياسية حادة تحت وطأة ما سيشهده ملف التعيينات الأمنية، الذي تتحدث المصادر عن سلوك حلقة من حلقاته طريق التصعيد عبر التمديد لرئيس الأركان اللواء وليد سليمان الذي تنتهي ولايته بعد أسبوعين، في خطوة نالت رضا النائب وليد جنبلاط المعنيّ بالمنصب طائفياً، بينما وصفت مصادر التيار الوطني الحر الخطوة بالتمهيد للتمديد للعماد جان قهوجي قائد الجيش وكسر الجرة في الحكومة، بالتوازي مع المماطلة التي ستتواصل لأسابيع حول آلية العمل الحكومي، والابتزاز الذي سيشكله ملف النفايات لتظهير ما يطالب به التيار كنوع من الترف في ظلّ أزمات تهدّد كلّ اللبنانيين.

ملف النفايات الذي بدأ بالتحوّل إلى أزمة عاصفة لا تحتمل التأجيل ينتقل إلى مجلس الوزراء بلا خريطة طريق، مثله مثل آلية العمل الحكومي، فهل يصير التمديد هو الحلّ، أم أنّ حلقات التأجيل والتعقيد كلها كانت ضمن سيناريو مرسوم لبلوغ التمديد كما حدث وسيحدث في كلّ تمديد؟

الأزمة مفتوحة وتنذر بكارثة كبرى

يسود الترقب لما ستؤول إليه جلسة مجلس الوزراء التي فرض ملف النفايات نفسه بنداً رئيسياً من خارج جدول الأعمال الذي وزع على الوزراء، على رغم أن الجلسة مخصصة للبحث في آلية عمل مجلس الوزراء في ظل الفراغ الرئاسي من خلال العودة إلى الدستور.

وأعرب وزير البيئة محمد المشنوق عن «أمله بالوصول إلى حل في جلسة الخميس لأنّ الوضع لم يعد مقبولاً، والواقع يستدعي التحلي بالهدوء ودعم هذا الملف في شكل كامل».

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«البناء» أن رئيس الحكومة تمام سلام ووزير البيئة محمد المشنوق لديهما إصرار على طرح ملف النفايات في جلسة مجلس الوزراء الخميس، وأشار إلى أنه «إذا توافر الحد الأدنى من الإحساس بالمسؤولية لدى مكونات الحكومة سيدفعهم إلى بحث هذا الموضوع لأنه يطاول ويعني جميع الأطراف وكل اللبنانيين.

ولفت إلى «أن موقف حزب الله والتيار الوطني الحر في الحكومة يعطل العمل الحكومي ويشكل أزمة سياسية كبرى في البلد لا يمكن تجاهلها أو تخطيها». واستغرب تعطيل الكثير من الملفات التي تعني جميع المواطنين ومنها تصدير المنتجات الزراعية.

عروض سوكلين

ولفت درباس إلى «أن شركة سوكلين لم تعلن حتى الآن عروضها لالتزامها الصفقة»، مشيراً إلى «أن أهالي الناعمة لن يقبلوا بإعادة فتح مطمر الناعمة، متحدثاً عن جهود بذلت في السابق لإقناعهم بفتح المطمر إلا أن هذه الجهود اليوم باءت بالفشل»، محذراً من «أن الأزمة مفتوحة على هذا الصعيد تنذر بكارثة ستطاول جميع اللبنانيين»، معتبراً «أن الخلاف السياسي الذي وصفه «بالزبالة» أعمى العيون عن هذا الموضوع». وأكد درباس أن رئيس الحكومة سيعطي المجال الكافي لجميع المكونات لبحث آلية العمل الحكومي. وأوضح أن الرئيس سلام لا يريد الذهاب إلى المواجهة.

وأبدى وزير التربية الياس بوصعب لـ«البناء» خشيته من عدم إقرار خطة بديلة فتفرض علينا سوكلين»، مشيراً إلى أننا سنستمع إلى الطرح الذي سيقدمه الوزير المشنوق إلا أن حسم الأمور يحتاج إلى قرار سياسي لا يزال غير محسوم حتى اللحظة. وشدد على أن «ملف النفايات عالق منذ عشرين عاماً، وطرح هذا الملف منذ نحو ستة أشهر، ولم يتم التوصل إلى نتيجة فأي مناقصة لم تر النور».

وزير البيئة يتحمل المسؤولية

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن وزير البيئة هو المسؤول المباشر عن أزمة النفايات الحالية لأن هذا الموضوع نوقش في السابق في مجلس الوزراء ورصدت له الأموال واستدراج العروض، لكن الوزير المعني لم يتابع هذا الأمر خصوصاً أنه كان يعرف أن مهلة إغلاق مطمر الناعمة تنتهي في 17 تموز.

ولفتت المصادر إلى أن هذا الموضوع طرح كحجة لإحراج تكتل التغيير والإصلاح في الحكومة ليظهر أنه يعطل القرار. وأشارت إلى الخفة التي يمارسها البعض في العمل السياسي التي تخفي أموراً ليست لمصلحة البلد والتي تترك الملفات الحساسة إلى اللحظة الأخيرة لمعالجتها.

وأكدت أن لا رئيس الحكومة ولا وزير البيئة يحق لهما بحث هذا الموضوع، أما في حال طرح الموضوع فإن التكتل لن يبحثه، ورفضت المصادر تحميل المسؤولية إلى التيار الوطني الحر. ودعت إلى وضع النفايات أمام منزلي رئيس الحكومة ووزير البيئة.

سلام لن يمرّر الدورة الاستثنائية بالنصف + 1

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أنّ جلسة مجلس الوزراء الخميس لاستكمال البحث في المواضيع التي أثيرت في الجلسة السابقة قبل عيد الفطر وأبرزها آلية عمل الحكومة»، لافتاً إلى «أن ملف النفايات الصلبة مستجدّ وضروري وملحّ وسيطرح نفسه على طاولة مجلس الوزراء».

واستبعد قزي مصادقة مجلس الوزراء على فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، فرئيس الحكومة لن يسمح بتمرير القرار بالنصف زائداً واحداً»، مشيراً إلى «أننا متفقون ووزراء اللقاء التشاوري على عدم توقيع المرسوم».

وفي سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن حزب الله يواصل مساعيه بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون إلى تهدئة الأمور وإعادة العلاقة إلى ما كانت عليه قبل طرح ملف التعيينات العسكرية ونزول التيار الوطني الحر إلى الشارع، وإلى إيجاد تفاهم على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، لا سيما أنّ التيار الوطني الحر لا يزال متمسكاً بوضع قانوني استعادة الجنسية والانتخاب على جدول أعمال الجلسة العامة».

الحريري يلتقي جعجع

وفي ضوء الحراك الفرنسي لوضع حدّ للفراغ الرئاسي، التقى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ونجله تيمور في قصر الاليزيه وتمّ البحث في ملفات المنطقة ولبنان في ضوء الاتفاق النووي الإيراني.

وواصل رئيس حزب «القوات» سمير جعجع زيارته إلى السعودية التي استدعي إليها لتنفيذ مهمة التصويب والتصعيد ضدّ حزب الله. والتقى أمس في جدة الرئيس سعد الحريري وتناول اللقاء عرضاً لآخر التطورات في لبنان والمنطقة.

وبدأ وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس زيارة رسمية إلى فرنسا للتشاور مع المسؤولين الفرنسيين في سبل التنسيق بين الجانبين وتبادل المعلومات الأمنية لا سيما ما يتصل منها بمكافحة الإرهاب، وفي شكل خاص رصد الإرهابيين القادمين من بعض دول أوروبا ومن بينها فرنسا، للالتحاق بتنظيم «داعش» وغيره والقتال إلى جانبه في سورية والعراق.

المفاوضات مع «داعش» منذ أحداث رومية

في سياق آخر، أكد أهالي العسكريين المختطفين لدى «داعش» بعد زيارتهم وزير الصحة وائل أبو فاعور أنّ «الأمور لا تزال في خانة المراوحة ولا سيما مع تنظيم الدولة الإسلامية». وقال نظام مغيط شقيق العسكري إبراهيم مغيط لـ«البناء»: «إنّ المفاوضات مع داعش في شأن إطلاق العسكريين متوقفة منذ أحداث رومية»، مشيراً إلى «أن الوزير أبو فاعور وعد الأهالي بفتح ثغرة في المفاوضات وإعادة تحريكها من حيث توقفت عبر أحمد الفليطي الوسيط بين الدولة اللبنانية وتنظيم داعش».

في وقت، كثف فرع المعلومات تحقيقاته لمعرفة ما إذا كان موضوع اختطاف التشيكيين مرتبطاً بابتزاز مالي أو سياسي، في أعقاب المعلومات التي تحدثت عن ربط عملية الخطف بالموقوف اللبناني علي فياض في تشيكيا والمتهم من قبل الولايات المتحدة ببيع الأسلحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى